حقاً إن التعليم للتميز والتميز للجميع.. هذه رؤية من الرؤي التي كانت ومازالت تحلم بها وزارة التربية والتعليم.. هذه رؤية ملكت الوزارة مقومات التفكير فيها والتخطيط لها والإعلان عنها.. ولكنها افتقدت آليات تطبيقها علي أرض الواقع في حقبة زمنية محددة. فكيف يعطي التعليم منتجاً متميزاً والفصول مرتفعة الكثافة. والمدارس متعددة الفترات والتلاميذ مشغولون بالدروس الخصوصية وأولياء الأمور غير مهتمين بالعملية التعليمية والمعلمون غير مبدعين؟!! وكيف يكون التميز للجميع والتلاميذ مختلفون في الفروق الفردية والانتماءات الاجتماعية والمستويات الاقتصادية؟!! وكيف يصبح التعليم للتميز بينما نصيب التلميذ في مرحلة التعليم قبل الجامعي "170" دولاراً من ميزانية التعليم وجهاز كمبيوتر لكل ثلاثين تلميذاً؟!! والأهم من هذا كله.. كيف يكون التعليم للتميز والتميز للجميع ونسبة الأمية مرتفعة جداً بين تلاميذ مرحلة التعليم الأساسي "الابتدائي والإعدادي" وأصبحت مؤشراتها تنذر بخطر شديد يهدد العملية التعليمية تماماً؟!! ففي عام 2007م انتدبني محافظ كفرالشيخ من إدارة قلين التعليمية إلي إدارة الرياض التعليمية وذلك للنهوض بالعملية التعليمية.. ومن ثم قمت بالخطوة الأولي وهي قياس مستوي تلاميذ مرحلة التعليم الأساسي في القراءة والكتابة التي تعد مفتاح التعليم وبوابة التعلم وقد جاءت النتيجة مفزعة حيث بلغت نسبة الأمية في الصف الرابع الابتدائي "41%" وفي الصف الخامس الابتدائي "8.36%" وفي الصف السادس الابتدائي "2.36%" وفي الصف الأول الإعدادي "8.32%" وفي الصف الثاني الإعدادي "1.29%" وفي الصف الثالث الإعدادي "2.35%" ومما لا شك فيه أن هذه النتيجة تثير عدة تساؤلات أهمها: 1 كيف وصل التلاميذ الذين لا يقرأون ولا يكتبون إلي الصف الثالث الإعدادي؟!! 2 لماذا لا تقل نسبة الأمية كلما انتقلنا إلي الصفوف الأعلي؟!! 3 ماذا يفعل المعلمون داخل الفصول؟ وأين خططهم العلاجية والوقائية؟!! 4 أين المتابعة الفنية؟ وأين دور الأسرة والمجتمع المدني؟!! ورغم شدة الصدمة التي أصابتني من جراء هذه النتيجة المفزعة إلا أنني توجهت بشجاعة أدبية وإحساس بالمسئولية إلي المجلس الشعبي المحلي للمركز وقتئذ كشركاء طبيعيين في العملية التعليمية لأطلعهم علي الواقع الأليم وبالخطط العلاجية والوقائية التي أعدها فريق عمل من المتخصصين بالإدارة ولكن وبكل أسف بدلاً من مساندتهم ومؤازرتهم لنا أعلنوا الهجوم علينا براً وبحراً وجواً بمختلف الأسلحة الخفيفة والثقيلة والمحرمة دولياً "وعجبي"! ولك عزيزي القاريء أن تتساءل معي: كيف نطبق رؤية التعليم للتميز والتميز للجميع وهذا هو الواقع الأليم الذي تعيشه العملية التعليمية.. وهذه هي نظرة المجتمع المحلي وقياداته إلي دُعاة الإصلاح والتقويم؟!! وبالله عليكم كيف نسعي لتطوير التعليم الثانوي العام والفني ليكون تعليماً متميزاً يلبي احتياجات سوق العمل ومازالت مرحلة التعليم الأساسي تمده بمنتج لا يعرف القراءة ولا الكتابة؟!! ومع ذلك فإننا لن نقنط من رحمة الله.. فمصرنا المعطاءة مليئة بخبرات تعليمية كثيرة وقيادات تربوية مخلصة ورجالات ذوي رؤي صائبة.. وإنه لمن حسن الحظ أن يتولي الدكتور/ أحمد زكي بدر أمر وزارة التربية والتعليم لما له من رؤي واقعية ومنهجية لعلاج الملفات الساخنة بالوزارة كما أنه يعلم جيداً أن الرئيس/ محمد حسني مبارك قد ربط بين أمن مصر القومي ونهضة التعليم بها فجعل "التعليم قضية أمن قومي" ومن ثم أصبحت هذه القضية محكاً لنجاح وزارة التربية والتعليم أو "........." لا قدر الله.