الصلح بين الناس يجب ألا يقترن بالحلف بالله تعالي . وترويج الشائعات يترتب عليه ضرر كبير علي المعاملات. وصيام يوم التاسع و العاشر من شهر المحرم يعتبر تأسيا بمنهج رسول الله صلي الله عليه وسلم. كانت هذه أسئلة القراء نقدمها مع إجابات العلماء عنها. القسم بالله كذبا للإصلاح .. لا يجوز يسأل القارئ بدر عبد الفتاح حسن من أسيوط قائلا: حدث خلاف كبير بين عائلتين علي أمر قد حدث فعلا وأردت التهدئة بينهما فأقسمت بالله العظيم أنه لم يحدث ذلك بقصد الصلح بينهما فما حكم الدين؟ يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور محمد راشد أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر يقول:.أمر الله تعالي بالإصلاح بين الناس ووصفه بالخيرية فقال تعالي: "والصلح خير". وقال: "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم". وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا". ومعني ينمي خيرا أن يبلغ خبرا فيه خير بقصد الإصلاح وهو كاذب فيه. ولكنه قاله بقصد الإصلاح والكذب للإصلاح بين الناس جائز في صورته العادية التي لا تقترن بيمين لقول الله تعالي: "ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم" وقوله تعالي : "واحفظوا أيمانكم". وهذه اليمين التي صدرت من هذا الحالف يسميها العلماء يمين غموس وهي التي يحلف فيها شخص علي شيء متأكد من كذب نفسه فيه والذي عليه الجمهور أنها يمين كذب لا تنعقد ولا كفارة فيها وذلك لعظم جرمها . قال الشافعي هي يمين منعقدة وفيها الكفارة إلا إن الصحيح هو قول الجمهور فليس فيها إلا الاستغفار. وبناء علي هذا فيجب علي السائل أن يستغفر الله تعالي كثيرا. وأن يعلم هو وغيره أن الكذب إذا جاز للإصلاح إلا إنه لا يجوز تأكيده أبدا بأي حال من الأحوال بالقسم باسم من أسماء الله أو صفة من صفاته تنزيها وتقديسا لاسمه تعالي فالخطورة فيه أن يزج باسم الله في قول يؤكده بالقسم وهو كاذب. الله اعلم. مؤلفو الشائعات والمروجون لها ..في الإثم سواء يسأل القارئ عادل فتحي السيد من دمنهور بحيرة قائلا: ما حكم الدين فيمن يروجون الشائعات بهدف الإساءة والتضليل؟ يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور عزت عطية الأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر يقول: الشائعات هي الأخبار التي لا تطابق الواقع لكنها تحتمل أن تكون واقعا فهي كذب لكنه محبوك حبكة تجعله يشبه الحقيقة . ولا تصدر الشائعة المؤثرة إلا من جهة تعودت عليها وتأهلت لها سواء كانت تلك الجهة جماعة منظمة أو أفرادا يقوم الواحد منهم مقام الجماعة فلا يستطيع ترويج الشائعة إلا خبير بنفوس الشعوب ورغبات الجماهير وأهوائهم ليقدم لهم من الأكاذيب ما تصدقه النفوس قبل العقول وما يحجب الحقيقة عن العيون ويحميها عن التبصر فللشائعة طرفان طرف يبثها وطرف يقبلها وكلاهما إثم. أما الأول فهو مختلق الشائعة. وأما الثاني فهو مؤيد لها وأفظع شائعة روجها بعض المنافقين حينما اتهم السيدة عائشة رضي الله عنها بما هي بريئة منه بمجرد عودتها مع احد الصحابة من المكان الذي تركها فيه الجيش فقطع الله تعالي دابر هذه الشائعة لتقرير النظام العملي لقبول الأخبار قال الله تعالي: "لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون و المؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون" فالخبر إذا لم يؤد بالدليل الشرعي المقيد فهو كذب يرد علي صاحبه ومن يقبله يكون مشاركا للكذاب لقبول كذبه فان روجه إضافة إلي إثم قبول الكذب إثم ترويجه وشاركه في العقوبة الدنيوية ومع تقدم العلوم وسيطرة المنهج العلمي في المعاملات المادية فان منهج الناس في تداول الأخبار ونقلها يبتعد عن المنهج العلمي الذي وضعه الشرع لمحاصرة الأكاذيب والشائعات ومنع الحق أن يضيع بين أكاذيب المرجفين و المروجين. وأمر آخر مهم هو ما يترتب علي الشائعات والأكاذيب من اضطراب في المعاملات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وهو ما يتحمل مسئوليته المروجون. فلا بد من صيانة وحماية ما تتلقاه الجماهير من معلومات مضللة بالتعقيب علي الشائعات وبيان الحقائق وتبصير الأمة للأساليب الشيطانية التي توجه إليها لتأمن الأخطار والعواقب إليها والله اعلم صيام يوم عاشوراء ..مستحب تسأل القارئة فاطمة إبراهيم عبد العال من منيا قائلة:.ما حكم الدين في صيام يوم عاشوراء . وما الحكمة من صيام رسول الله صلي الله عليه وسلم هذا اليوم؟ يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور صبري عبد الرءوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر يقول: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم دائما يحول عادات الناس إلي شرع يهتدي به الآخرون خاصة فيما يتعلق بالشرائع السابقة وبالأنبياء السابقين وكان رسول الله يسير علي منهجهم ويلتزم بشرعهم عملا بقوله تعالي : "شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم و موسي وعيسي أن أقيموا الدين". فحينما وجد رسول الله اليهود يصومون يوم عاشوراء سأل عن السبب فقالوا: هذا يوم نجا الله فيه موسي من الغرق فقال رسول الله : نحن أحق بموسي منهم وصام يوم عاشوراء وفي حديث آخر قال: أحتسب علي الله أن يكفر الله سنة ماضية لمن صام يوم عاشوراء. وهذا اليوم الذي صامه رسول الله إحياء لمناسبة طيبة يوم أن نجا الله فيه موسي من الغرق فصام هذا اليوم من باب شكر الله تعالي علي نعمه ونحن نصومه تأسيا بمنهج رسول الله. وخاصة أن يوم عاشوراء يكون في شهر محرم وهو من الأشهر الحرم التي قال الله تعالي في شأنها إن عدة الشهور عند الله إثني عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم .والأشهر الحرم هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب . وجاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: أفضل الصيام عند الله بعد رمضان صيام شهر الله المحرم . فشهر محرم من الأشهر الحرم وفيه يوم عاشوراء فمن أكتفي بصيام يوم عاشوراء أجزأه ذلك ومن صام التاسع والعاشر عملا بقول رسول الله : لأن عشت إلي عام قابل لاصومن التاسع والعاشر. وهذا علي سبيل الاستحباب فمن صام فله الثواب ومن لم يصم لا عقاب عليه. فمن صام يوما أو يومين فله ثواب من الله لأن الثواب علي قدر المشقة. والله أعلم