تبدأ مصر مساء اليوم الاحتفال رسميا بالمئوية الاولي لمولد عميد الرواية العربية نجيب محفوظ بتوزيع الجائزة التي تحمل اسمه عن الجامعة الامريكية ويعقبها غدا افتتاح الدورة الخامسة لملتقي الابداع الروائي العربي الذي سيمنح هو الاخر جائزة تحمل اسم العميد ومن المقرر ان تمتد الاحتفالات حتي ديسمبر من العام المقبل وكل ما اخشاه ان يتحول الاحتفال لمهرجان كرنفالي يحتفي بنوبل اكثر من محفوظ نفسه. اذا كنا جادين في الاحتفاء بمئوية الروائي نجيب محفوظ فعلينا أن نسعي بصدق لنكتشف المزيد من جماليات ابداعه فمازال بيننا من يري إننا لم نقرأ الرجل قراءة جادة حتي الآن رغم مئات الإصدارات النقدية التي تناولت إبداعه وحياته وسيرته الذاتية. وظني أن إبداع نجيب لا يزال يحتمل مئات الكتب والدراسات فقد حقق أدبه اندماجاً غير مسبوق في نسيج وطنه الاجتماعي والثقافي. وأصبح الإنسان المصري يرصد تاريخه في القرن العشرين من خلال روايات نجيب محفوظ النافذة في عمق المجتمع الكاشفة عن المسكوت عنه. الجريئة المحايدة. بعيداً عن مدوني التاريخ الرسمي ومؤرخي الملوك. وعلينا ونحن تحتفل بالمئوية الأولي لعميد الرواية العربية الا نكتفي بالاحتفاء بالذكري وإنما أن نقتفي اثر العبرة في كل ما كتب الرجل وما كتب عنه . وان نفتح الباب مجددا لإعادة قراءة إبداعه المكتوب والمرئي في سياقه الذي هو بالمناسبة نفس سياق نهضة مصر منذ رواياته الأولي عبث الأقدار عام 1939 ورادوبيس 1943 وكفاح طيبة عام 1944 المستلهمة من تاريخ مصر القديم ومرورا بأعماله الراصدة لنشأة الليبرالية المصرية بعد ثورة 1919 وصولا إلي إبداعه الراصد بعمق لتحولات المجتمع المصري بعد ثورة يوليو. سيرة الرجل تواكب مسيرة الوطن والارتباط بينهما وطيد الصلة بحيث لا يمكن التفريق بين النص وأسباب كتابته وتاريخ صدوره كله نسيج واحد يلتحم فيه محفوظ مع مصر طارحا أسئلة مازال أغلبها بلا إجابات فعبر أكثر من 50 كتابا تلخص 70 عاما من الإبداع المهموم بكل الأسئلة التي تتعلق بالمصير الإنساني يبدو لي عام نجيب محفوظ فرصة لتدارك ما فات من إهمالنا لإبداع الرجل الذي تحول لمهرجان احتفالي بالسيد نوبل وكل ما أخشاه أن تمر الذكري المائة في نفس الأجواء التي تختصر الرجل في جائزة وتحوله لأيقونة لا تمس. عمرو [email protected]