يري كثيرون ان ظهور القرش في شرم الشيخ وترويعه للسياح في "بحر خمسة أيام فقط" لا يمكن أن يكون صدفة. فالصدف لا تقبل التكرار. وبالتالي فالحكاية "فيها إن" ويشير هؤلاء بأصابعهم السبابة إلي إسرائيل ويقولون القرش من هنا. القرش من هنا. يبني هؤلاء اتهاماتهم لإسرائيل بقلب جامد بأن انتعاش السياحة في مصر هو صداع في رأس إسرائيل وبالتالي فهي تتفنن في ضربها بشتي الطرق وقد اختارت الوقت المناسب لضرب الموسم في عزه واختارت كذلك المكان الذي هو طالع من عينها ويقصده السائحون من كل حدب وصوب للاستمتاع خصوصا بالغوص. هدفها أن يتحدث اعلام الكون عما حدث. فظهور القرش في أي مكان وترويعه للسياح الآمنين هو في حد ذاته حادث مثير ويتابعه معظم الناس بشغف رغم فظاعته ولعلنا نتذكر هنا أرقام المشاهدة والإقبال علي الفيلم الشهير "الفك المفترس JAWS" وكيف انه حطم الارقام القياسية وضرب كل الافلام المعروضة في الأسواق وقتها. وكان من الممكن ان يمر الحادث الأول - الذي هاجمت فيه سمكة القرش رواد شاطيء شرم الشيخ واصابت ثلاث سائحات روسيات وسائحاً أوكراني بجروح بالغة - مرور الكرام ويقول الناس انها صدفة وقضاء وقدر خصوصا وانها لا تظهر في شواطيء الدنيا إلا نادرا وحوادثها في النهاية تعد علي أصابع اليد الواحدة ولكن أن يظهر القرش في شرم الشيخ مرتين خلال أقل من اسبوع فالأمر هنا قابل للشك. فبعد ان هاجمت السمكة القاتلة السياح في المنطقة الممتدة من رأس نصراني وحتي شمال خليج نعمة والتهمت أجزاء من لحم الساق وذراع احد السائحين وجزءا من لحم ساق السائحة الثانية واصابت السائحة الثالثة بجروح. فوجئنا وبعد مرور خمسة أيام بأن السائحة الألمانية ريتان تسكري 70 عاما قد لقيت حتفها بعد أن هجمها القرش أثناء ممارستها رياضة السباحة بالقرب من منطقة تيران بشرم الشيخ وهنا يقسم كثيرون ويقولون في تحد: "نقطع الذراع من لغلوغة" إذا لم تكن إسرائيل لها يد فيما يحدث من أجل ضرب السياحة المصرية. ويا فرحة إسرائيل بما حدث. استثمرته أفضل استثمار وراحت تضع السم في العسل خصوصا وقد بلغها ردود أفعال الناس الذين يشيرون إليها بأصابع الاتهام فراح التليفزيون الإسرائيلي ينشر تقريرا علي الموقع الالكتروني للقناة الثانية الإسرائيلية يستنكر فيه ذلك ويؤكد انها شائعات مؤكدا ان القرش مثلما هاجم شرم الشيخ. فإنه من الممكن أن يهاجم شواطيء إيلات. وانتبهوا إلي اللعبة والاحتراف.. فبعد التأكيد علي ان اتهام إسرائيل اشاعات جاءت تلك المداخلة التليفزيونية من أجل توصيل رسائل لها مغزي.. المداخلة من عالم بحار إسرائيلي بالمركز الإسرائيلي للبحوث والمعلومات عن الثدييات البحرية بجامعة حيفا عندما سئل عن امكانية وصول القرش إلي إسرائيل.. هنا راح الأكاديمي إياه يستف ويرص الرسالة المطلوبة حيث قارن بين شواطيء سيناء في مصر وسواحل إيلات قائلا: ان هناك فرقا كبيرا فمتوسط هجوم القرش في سيناء أصبح بمعدل مرة كل سنة لكن بالنسبة لإيلات فإن إسرائيل لم تتعرض لهجوم قاتل بالفعل منذ 36 سنة وبالتالي لا يوجد شيء يدعو للذعر ومعني الكلام ان الذعر في شواطيء مصر والأمان في شواطيء إسرائيل. وزارة السياحة الإسرائيلية راحت هي الأخري تعزف اللحن نفسه.. فإسرائيل قلقة من امكانية دخول أسماك القرش إلي سواحلها ولذلك تم اعلان حالة التأهب القصوي رغم ان ذلك صعب كما يقول العلماء. فالمرة الأخيرة التي حدث فيها ذلك كانت عام ..1974 ومثلما طمأنت السائحين علي شواطئيها. راحت تلقي بهذه المعلومة للتأكيد علي ان الخطر لايزال قائما فالأبحاث كما أكدت التقارير الإسرائيلية تؤكد ان البحر الأحمر يحوي عددا كبيرا من اسماك القرش الخطيرة والحدق يفهم.. فهذه الأسماك طالما أنها لن تقترب من إسرائيل فإن ملعبها الاساسي سيتركز في مصر. وهنا تلتقط صحيفة يديعوت الخيط وتنسج حوله لكي تؤكد علي نفس الرسالة فالسائح الأجنبي كما تقول الصحيفة يرغب في قضاء فترة نقاهة بعيدة عن ادني مستويات القلق والشك وان وجود ما يعكر صفوه سيحول دون تواجده في مكان التوتر. ولكن لماذا الشك في إسرائيل بالذات؟ البديهي انها تريد أن تضرب السياحة في مصر. وتحول مسارها إلي عندها وبالتالي فإن لها مصلحة. وثانيا لأن إسرائيل ورغم انها في اتفاقية سلام مع مصر إلا ان السلام له علاقة بالمدفع والصاروخ ولكن وسائل الحرب غير المتفق عليها في الاتفاقية كثيرة وابسطها: سلاح سلالات الفئران المفترسة التي لعبت في جيناتها ثم اطلقتها علينا بعد انسحابها من سيناء لتهاجم البشر وتقتل الأخضرواليابس وأيضا سلاح المبيدات القاتلة والبذور الفاسدة.. وكذلك كتائب النحل المصاب بإيدز النحل.. وغيره وغيره. مع ذلك نقول اننا وبحكم العداوة الأزلية نميل إلي اتهام إسرائيل دائما وبالتالي نظلمها ونعلق كل شيء علي شماعتها لكن صحيفة "هافنجتون بوست" الأمريكية راحت تطرح نفس التساؤلات التي يثيرها كثيرون في الشارع المصري بشأن شبهة ضلوع إسرائيل في الأمر.. فتحت عنوان "هل أسماك القرش في البحر الأحمر من صنع إسرائيل؟" راحت الصحيفة تنقل ما يقوله المصريون حول هذا الأمر وتتساءل هل هجوم سرب اسماك القرش المفترسة علي شواطيء شرم الشيخ والتي تعد أبرز مصادر الجذب السياحي في مصر قد وضعتها إسرائيل في مياه البحر الأحمر في محاولة منها لاضعاف صناعة السياحة؟ وإسرائيل بالطبع تؤكد انها بريئة ويطل خبراؤها في التليفزيون والصحف ومواقع الانترنت ليؤكدوا ان الخراف الميتة السبب فإلقاؤها في البحر هيج القرش واثار شهيته.. فرائحة هذه الميتة تنبهه وتبعث له باشارات كهربائية حول امكانية ان يجد فريسة في هذا المكان فيحوم حوله ويعسكر فيه. وسواء فعلتها إسرائيل أو تسبب فيها تقصيرنا فالنتيجة المأسوف عليها اننا الآن وبعد تلك الحوادث أمام مشكلة حقيقية فجميع شواطيء شرم الشيخ بما فيها محمية رأس محمد قد تم اغلاقها.. ومعني ذلك انها خسارة ما بعدها خسارة في عز الموسم.. والحل هو أن نفكر في كيفية الخروج من تلك الأزمة بأسلوب علمي وعملي بدلا من اضاعة الطاقة والوقت في القاء الاتهامات علي أي طرف من الاطراف حتي لو كانت إسرائيل فدعونا نتعامل مع النتائج وهي سيئة بكل المقاييس وفكروا في الطرق العملية للإنقاذ.