لم اطلع علي الخبر الذي نشر باحدي الصحف الخاصة. حول صدور قرار بمنع الدكتور يوسف والي من السفر إلي إسرائيل. وانما قرأت نفي الدكتور والي للخبر وانه لم يسافر إلي إسرائيل مرة واحدة في حياته.. بل انه لم يغادر مصر منذ 18 سنة. وأشار الرد إلي ان احدي القنوات التليفزيونية الخاصة نقلت الخبر غير الصحيح عن الجريدة التي نشرته. لاحظت ان رد نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة السابق نشر باحدي الصفحات الداخلية لصحيفة "الأخبار". ولا أعرف إذا ما كانت الصحيفة الخاصة التزمت بنشر الرد.. ام لا. ونفس الموقف ينطبق علي البرنامج التليفزيوني الذي قيل انه "مانشيت" ويقدمه الإعلامي جابر القرموطي.. وهو برنامج يحظي بنسبة مشاهدة عالية. مما تسبب في نشر الخبر الكاذب علي نطاق واسع. الواقعة تثير قضية مهنية تتعلق بمدي التزام الصحف بالحرص علي دقة المعلومات التي تنشرها. خاصة عندما يترتب علي النشر اساءة بالغة لسمعة المواطنين واسرهم. ويصعب البحث عن اعذار عندما تكون مصادر المعلومات متاحة للجميع. علي سبيل المثال.. كان يمكن الرجوع لوزارة الداخلية أو المطار للتأكد من تعدد سفريات الرجل إلي إسرائيل.. او ذكر معلومات عن الجهة التي اصدرت قرار المنع.. ورقمه.. والأسباب التي دعت إلي صدوره. وبعد ذلك الاتصال بالمواطن واستطلاع رأيه في القرار. وبذلك يستوفي الخبر جميع جوانبه.. وتتجنب الصحيفة التكذيب الذي يفقدها المصداقية لدي القارئ.. ويضع علامات استفهام حول الاسباب التي تدفع إلي اختلاق الخبر.. وتوقيت النشر. بينما الدافع الرئيسي يتمثل في الرغبة في الانفراد. وعدم تقدير الآثار السيئة التي تترتب علي التسرع في النشر. وهي آفة لم تعد تخفي علي الصحفيين.. ولا خلاف علي أن من حق أي مواطن ان ينتقد ممارسات الوزراء.. سواء كانوا حاليين.. أم سابقين.. وانه لا أحد فوق النقد. ولكن الأمر يختلف عندما يتعلق بتوجيه اتهام إلي مواطن.. أي مواطن.. بالتعامل مع إسرائيل وزيارتها المتكررة.. ما دفع الدولة إلي اصدار قرار بمنعه من السفر. الاختلاف مع وزير الزراعة السابق حول سياسته الزراعية.. مشروع.. بل ومن حق أي مواطن وواجبه أيضا.. الا يتفق مع سياساته. وما أكثر الذين اختلفوا واعلنوا خلافهم علي الملأ.. سواء في استخدام المبيدات التي قيل انها "مسرطنة" والاستعانة بمعاونين ليسوا فوق مستوي الشبهات.. بل ادانتهم المحاكم. والأمر يبدو عصيا علي الفهم وكنت اتمني ان اجد له تفسيرا لدي الوزير.. ولكن لم التق به ابدا سواء كان في الوزارة.. أو خارجها. الفزورة التي يصعب ان نجد لها حلا.. ان خصوم الرجل قبل مؤيديه يجمعون علي نظافة يده.. ولكنهم يقعون في حيرة بالغة لاعتماده علي معاونين ليسوا فوق مستوي الشبهات. وكما اختلف البعض مع سياسات الوزير الزراعية. وجد خبراء يدافعون عن هذه السياسات. وينفون استخدام ما يسمي بالمبيدات المسرطنة. ويشيرون إلي انه قام بحماية الاراضي الزراعية.. واعتبر البناء عليها جريمة لا تغتفر في حق الأجيال القادمة.. بينما تم التفريط فيها بعد مغادرته الوزارة. وفي كل الأحوال تعتبر مثل هذه الخلافات حول اداء الوزراء.. ظاهرة صحية. تدفع إلي التطور.. وتساعد المواطنين علي الوصول إلي الحقيقة. التي لا تتضح إلا من خلال التعرف علي مختلف وجهات النظر.. المؤيدة.. والمخالفة. والأهم أنها تذكر الوزراء بأن مغادرتهم مناصبهم.. لا تعني عدم تعرضهم للمساءلة عن القرارات التي اتخذوها. ولكن الأمر يختلف عندما تتجاوز الصحافة الخلاف حول السياسات. وتسعي للتشهير بالمواطنين.. وتوجه اليهم اتهامات تتعلق بوطنيتهم.. مثل التطبيع مع إسرائيل والتردد عليها إلي الحد الذي يدفع الدولة إلي اصدار قرار بالمنع عن زيارتها. واستطيع ان اتوقع مدي ما اصاب اشقاء الدكتور يوسف والي من احزان نتيجة لنشر الخبر. ومن بينهم وزير سابق للبترول ونائب بمجلس الشعب وسفير موضع احترام وتقدير شرف بتمثيل مصر في دول عديدة.. ومسئول عن الحزب الوطني في محافظة الجيزة. وربما تتجاوز تلك الأحزان دائرة اخوته.. واسرته إلي ابناء محافظة الفيوم.. ومعظمهم كان يجد صعوبة في لقاء رئيس مدينة.. ولكنهم كانوا يلتقون بالدكتور والي في أي وقت.. وهي شهادة لا يجب انكارها.. رغم الخلاف المشروع مع بعض سياساته.. ومع الحزب الذي ينتمي إليه. صحيح ان الإساءة التي وجهت إلي الدكتور يوسف والي.. كانت بالغة.. ومستفزة. لكنها توجه الأنظار إلي مشكلة كبيرة تتمثل في الاستهانة بالمبادئ المهنية.. وفي مقدمتها صدق المعلومات.. والحرص علي سمعة المواطنين.. وفق قاعدة تقول ان المتهم برئ حتي تثبت ادانته.. وهي قاعدة تم التفريط بها تماما. فالصحف تنشر صور المتهمين واحيانا صور افراد اسرهم. بمجرد توجيه الاتهامات اليهم. كما حدث مع طبيب شهير في الدقي. تعرض لمؤامرة دنيئة من منافسيه.. الذين وجهوا إليه اتهامات مخلة بالشرف.. وروجوا ضده الشائعات.. التي وجدت فيها بعض الصحف مادة تضاعف من توزيعها. فتوسعت في النشر دون مراعاة للأضرار البالغة التي اصابت اسرة الرجل.. حتي انصفهم القضاء العادل. وكلنا نذكر ما اصاب اسرة احدي الفنانات من اضرار عقب مقتل ابنتها وتوسعت الصحف في نشر وقائع غير صحيحة. عن سلوك الابنة.. ما اضطر نقيب الصحفيين إلي الاعتذار عما أصاب الأسرة من اضرار نفسية.. وكلها تدعو إلي وقفة جادة من نقابة الصحفيين لحماية سمعة المواطنين.. وتفعيل ميثاق الشرف الصحفي.