دخلت الأزمة فى العلاقات بين تركيا وإسرائيل مرحلة النهاية , أو بمعنى آخر يمكن القول إن العلاقات التركية - الإسرائيلية دخلت مرحلة التطبيع , مع التسليم بأن هذا الأمر يستلزم وقتا طويلا حتى تعود العلاقات بين الجانبين إلى مسارها الطبيعي . وقد شهدت الأزمة فى العلاقات بين تركيا وإسرائيل العديد من الفصول منذ تفجرت بسبب الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة فى ديسمبر من عام 2008 , وصولا إلى الهجوم الإسرائيلي على سفن أسطول الحرية لغزة فى المياه الدولية للبحر المتوسط فى 31 مايو الماضي واستهداف سفينة (مرمرة الزرقاء) وقتل 9 مواطنين أتراك على ظهرها , مرورا بمشاجرة (دافوس) بين رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز , وأزمة إهانة السفير التركي فى إسرائيل أوجوز شليكول المعروفة بأزمة (المقعد المنخفض) . ويرى كثير من المحليين والمتابعين للشأن التركي - على الأخص للأزمة فى العلاقات بين تركيا وإسرائيل - أن شرارة الحرائق التى اندلعت فى جبل الكرمل على أطراف حيفا , ومبادرة تركيا إلى مساعدة إسرائيل فى إطفائها , ولدت بدورها شرارة تصفية الأزمة فى العلاقات التركية الإسرائيلية بعد أن شعرت إسرائيل بالامتنان العظيم للموقف التركي الإنساني , الذى أحرجها بشدة وهى التى قتلت 9 من أبناء الشعب التركي بالأمس القريب على ظهر السفينة (مرمرة الزرقاء) . مشهد يحمل الكثير من التناقض , وفيه الكثير من تعرية إسرائيل وفضحها أمام الرأى العام العالمي , لكن فيه أيضا القدر الكبير من اللوم الذى وجه إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من خارج تركيا وتحديدا من المنبهرين بالنموذج التركي , والصوت الزاعق فى الأزمة بين تركيا وإسرائيل والذى كان وصل إلى ذروته قبل أيام قليلة من حرائق الكرمل من خلال التصريحات التى أطلقها أردوغان فى لبنان , والتى ذهب البعض إلى اعتبارها دقا لطبول الحرب من جانب تركيا , بينما الأمر فى الداخل التركي لم يدفع أحدا إلى التوقف أمامه بهذا الشكل , حتى من جانب أشد خصوم أردوغان فى المعسكر العلماني لأن تقديم المساعدة حتى للأعداء هى أمر مرغوب فيه من الجميع فى تركيا لأنه مبنى على أسس إنسانية ومنطلقات إسلامية . دبلوماسية الكوارث وقد شهد التاريخ التركي القريب أمثلة لدبلوماسية الكوارث وجدواها فى علاج آثار المشاكل العميقة فى العلاقات الدولية , وأقرب الأمثلة على ذلك فتح صفحة جديدة فى العلاقات مع اليونان بعد مساعدتها لتركيا فى مواجهة آثار كارثة زلزال بحر مرمرة فى 1999 , والذى خلف أكثر من 20 ألف قتيل علاوة على المصابين والمشردين .