يحاول بعض الأفراد والجماعات التشكيك في صحة المواثيق الإسلامية التي وردت في السنة النبوية الشريفة. والسنة كما هو معروف أقوال رسول الله صلي الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته. والتقريرات هي ما شاهده صلي الله عليه وسلم من أفعالهم ولم يعلق عليه بالنفي أو التصويب مما يدل علي أنه صلي الله عليه وسلم أقرهم علي فعله وقد جرت ممارسات توثيقية للسنة النبوية الشريفة لم يحدث مثلها لأي نص في التاريخ ومن يقرأ علم مصطلح الحديث يري منهجاً جديداً في التوثيق العلمي للنصوص المقدسة مما يؤكد أن هذه النصوص وثيقة الصلة بمصادرها العالية. والنبي صلي الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوي وإنما يتلقي الوحي عن ربه سبحانه وتعالي بواسطة الأمين جبريل. ثم يبلغه للناس فور حدوثه. وكان الصحابة رضوان الله عليهم يحفظون عن النبي صلي الله عليه وسلم كل ما يقول بقلوب مؤمنة وعقول واعية وأفئدة لا يتطرق الشك إلي مشاعرها. وعندما جاء عصر التدوين دونت هذه الآثار النبوية الشريفة في الوثائق الزمنية المناسبة لهذا العصر ومنها أوراق الشجر والعظم وغيرها مما يتاح التسجيل عليه. وحفظت هذه الوثائق في بيت حفصة أم المؤمنين لتكون بعيدة عن التدخل بالتحريف أو التشويه أو ما شابه ذلك من وسائل ينكرها المنهج العلمي الصحيح. بل إن الله سبحانه وتعالي هدي المؤمنين إلي تقسيم هذه الآثار النبوية إلي درجات قد تتفاوت. ولكنها تتقارب في الحكم علي درجة الحديث من جهة الصحة المسندة إلي الرسول صلي الله عليه وسلم. كما هدي الله سبحانه وتعالي علماء الأمة إلي الحكم علي درجة الحديث ونسبته إلي قائله عبر سلسلة من الرواة الذين لا يتطرق الشك إلي رواياتهم التي تتدرج في الصحة حتي تنسب إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم. وقد عرف علم الحديث منهجاً جديداً ظل متجدداً حتي عصرنا الحاضر وإلي أن يشاء الله من العصور القادمة لتأكيد نسبة الحديث إلي رسول الله بالنص الثابت أو المعني القريب من النص. ولهم في ذلك إبداعات لم يتوصل إليها المنطق العلمي الحديث بعد. وهذا كله يؤكد صحة المواثيق العلمية الإسلامية. بل أن علم مصطلح الحديث يعتبر فتحاً جديداً في منهج البحث العلمي لم يستطع الوصول إليه أي ابتكار جديد. ولا يمكن أن يصل إليه أي ابتكار جديد لأنه فاق كل الابتكارات وتجاوزها بالصحة والقبول. فالذين يشككون في صحة المواثيق الإسلامية ونسبتها إلي مصادرها العالية واهمون عندما يظنون أنهم ينالون من صحة هذه المواثيق سعياً إلي تجريح الإسلام ذاته. لأن الله تعالي حفظ الإسلام بحفظه لكتابه حيث قال في الآية التاسعة من سورة الحجر: "انا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" وبهذا القول الكريم حفظ الله الإسلام من أي تشويش عليه سعياً إلي تجريحه فبقي النص مصوناً محفوظاً بعناية الله الذي وفق المؤمنين به إلي رعايته وحمايته.