** "لسنا في حاجة إلي المزيد من التخفيضات الضريبية لأننا نعلم ان ذلك سيرفع العجز.. مما يمثل زيادة العبء علي الشرائح الأخري من المجتمع". هل تتخيلون أن هذه الكلمات هي بيان رسمي أصدرته مجموعة من أكبر أثرياء أمريكا الذين شعروا بواجبهم تجاه وطنهم الذي مازال اقتصاده يعاني من الأزمات المالية العالمية المتتالية إلي جانب احساسهم بالمسئولية الاجتماعية تجاه الفقراء ومحدودي الدخل من المواطنين الذين يعيشون معهم في نفس البلد. هؤلاء الأغنياء لم يكتفوا بذلك البيان الذي نشروه علي الإنترنت لتتناقله وكالات الأنباء في العالم كله ولكنهم طالبوا أقرانهم من المستثمرين ورجال الأعمال والأغنياء بالانضمام إليهم ومطالبة الرئيس باراك أوباما. هذه المجموعة أطلقت علي نفسها "مليونيرات وطنيون يرفضون الدعم الضريبي" وهم ما يطلق عليهم الرأسمالية الوطنية الذين دائما ما يظهرون الوجه الجميل للنظام الرأسمالي والذين لم نعد نراهم كثيرا في بلادنا. لا ننكر وجود رجال أعمال وأثرياء في مصر يشعرون بالأزمات التي يتعرض لها الوطن ويحسون بآلام الفقراء ويقدمون لهم إعانات أو يقومون بمبادرات خيرية ولكنها تظل تصرفات فردية ونادرة الحدوث منذ أن بدأ الانفتاح الاقتصادي أواخر السبعينيات من القرن الماضي. للأسف.. بعد أن أخذنا باقتصاد السوق الحر لم نر من الأثرياء الجدد سوي الوجه القبيح "المتوحش" للرأسمالية والمتمثل في الاحتكار وزيادة الأرباح بأي ثمن حتي ولو علي حساب الوطن أو صحة الشعب ولا يعلو صوت رجال الأعمال - حتي الشرفاء منهم - إلا عندما يطالبون بالتيسيرات والحوافز وإلغاء الضرائب والجمارك.. فهل سمعنا يوما عن مليونيرات أو مليارديرات من مصر طالبوا بزيادة الضرائب عليهم لأن أكثر من نصف الشعب تحت خط الفقر بينما بعضهم يمص دماء "الغلابة" ويعقد صفقات دجاج فاسد أو يحصل علي أموال البنوك ويهرب للخارج أو يتورط في قضايا فساد أخلاقية أو يتهم بالرشوة أو يتهرب من سداد الالتزامات أو يرفض تسجيل عماله في التأمينات ومنحهم حقوقهم؟.. ذلك هو الجانب السييء في النظام الرأسمالي أو ما نطلق عليه اسم "الرأسمالية المتوحشة" التي بلا قلب ولا يهمها المجتمع. أما الجانب المضيء من الاقتصاد الرأسمالي والمتمثل في مشاركة رجال الأعمال والأثرياء في تنمية المجتمع وتشغيل العمالة لمحاربة البطالة والصرف علي الجامعات والبحث العلمي ورعاية طلبة العلم من الفقراء وبناء المستشفيات و..... ذلك الجانب الرأسمالي الوطني موجود ولكنه قليل جداً ولا يشعر به أغلب المواطنين. متي نري مليونيرات مصر يطالبون الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية بالغاء الاعفاءات الضريبية أو بزيادة الضرائب المفروضة عليهم لانهم يريدون مساعدة الاقتصاد القومي والوقوف بجانب الفقراء وتخفيف العبء عنهم؟ أعتقد في المشمش!! **** .. ولا صوت ! ** عاد مواطن من القاهرة حيث يعمل إلي دائرته في محافظة الشرقية والتقي مع أصدقاء له أعضاء بالحزب الوطني وسألهم: هل من تم ترشيحهم علي قائمة الحزب لانتخابات مجلس الشعب هم بالفعل من اختارهم المجمع الانتخابي للدائرة؟ فقالوا جميعهم ".. والله من اختارهم الحزب لم يحصلوا علي صوت واحد في المجمع".. ولا أدري هل ذلك يقتصر علي تلك الدائرة الشرقاوية أم انه ينطبق علي العديد من الدوائر بالمحافظات.. وإذا كانت تلك هي القاعدة وان الاختيار لم يأخذ برأي أعضاء المجمعات والقواعد الحزبية فلماذا كانت كل هذه "الدوخة"؟