التطورات التي تشهدها المنطقة بشكل عام ومنطقة الخليج بشكل خاص تعد انسب ظرف دولي واقليمي لسوريا لكي تستعيد محافظة ادلب من براثن الارهاب والارهابيين دون ضجيج ودون جلبة و دون ردود فعل صاخبة من هنا وهناك. لقد ساعدت المواجهة الاعلامية وحرب التصريحات المتبادلة بين المسئولين الامريكيين وبين المسئولين الايرانيين وارتفاع حدة التهديدات بين الدولتين في شغل العالم ووسائل اعلامه عما يجري في سوريا علي وجه الخصوص نظرا لانخراط ايرانوامريكا في احداث سوريا الي حد كبير وانتقال المواجهة الساخنة بينهما من الساحة السورية الي مياه الخليج العربي وشواطئه ودولة. فاذا كانت سوريا قد استغلت هذا الظرف فانها تكون قد احسنت اختيار التوقيت المناسب لتحرير ما تبقي من اراضيها من العصابات الارهابية التي لازال لها وجودا في بعض مناطق الشمال و الشرق خاصه في ادلب وريفها واذا كان هذا من باب الصدف فانها احسن صدفة وان كان لا يوجد صدف في مثل هذه الاحداث المصيرية غير انه في كل الاحوال فقد تهيأت كل الظروف الملائمة امام سوريا لاستعادة ادلب علي وجه الخصوص بتحريك جيشها للقيام بهذه المهمة التي ظلت تتحكم في تنفيذها او بدءها الصراع بين روسيا وحلفائها من جهة وبين امريكا وحلفائها من جهة اخري. احد اهم اسباب عرقلة تحرير ادلب من ميليشيات جماعة الإخوان الإرهابية هو الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي يراوغ في تنفيذ التزاماته وتعهداته الذي الزمته به تفاهمات استانه واتفاق سوتشي والتفاهمات كانت بين اطراف آستانة روسياوتركياوايران واتفاق سوتشي وقعه اردوغان وبوتين فيپ17 سبتمبرپمن العام الماضي التزمت فيه تركيا بالمسئولية عن اخلاء ادلب من الجماعات الارهابية بتفكيكها تجنبا لاية عمليات عسكرية يقوم بها الجيش العربي السوري لتحريرها وتجنيب المدنيين اوضاع انسانية صعبة . لم يلتزم اردوغان بتعهداتها كما هي عادته وظل يرواغ بل زاد من عديد قواته وسرب كميات هائلة من الاسلحة الحديثة للجماعات الارهابية واغلبها ميليشيات صنفتها الاممالمتحدة ارهابية وراهن علي المساندة الاوروبية والامريكية له بعد التحذيرات التي ما فتيء يروجها عن كارثة انسانية سوف تحدث اذا حاولت سوريا تحرير ادلب في عملية عسكرية وان موجات من اللاجئين سوف تغزو اوروبا ولعب اردوغان علي المخاوف الاوروبية من حدوث ذلك ولازال يراهن حتي الآن علي تضارب المواقف الدولية ويحاول حصد اي مكاسب لموقفه الداعم للجماعات الارهابية. انتهت مراحل الجدول الزمني لتنفيذ اتفاق سوتشي ولم ينفذ اردوغان تعهداته بل ان اوضاع الميليشيات تحسنت كثيرا في ظل وجود دوريات تركية وبدأت تشن هجمات علي مواقع الجيش العربي السوري وتحاول السيطرة علي قري ومناطق جديدة واطلقت صواريخ علي قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية وازاء هذه الاستفزازات التي لم تكبح تركيا جماحها لم يكن امام روسياوسوريا الا التصدي لهذه الاعتداءات والهجمات المتواصلة باستخدام الطائرات لقصف تمركزات ومواقع المسلحين وقطع خطوط امدادهم وتمهيد الارض للجيش العربي السوري لاستعادة كثير من القري والمناطق الاستراتيجية وتحقيق انتصارات كبيرة في فترة وجيزة مما دعا الآلة الاعلامية القطرية والاوربية المساندة للارهاب في سوريا الي الصراخ والعويل وترويج الاكاذيب والادعاءات حول كوارث انسانية ¢سوف¢ تحدث جراء عمليات الجيش السوري وقصف الطائرات الروسية والسورية للارهابيين وتحركت عواصم اوروبية لعقد جلسة لمجلس الامن ركز فيها اغلب ممثلي الغرب ومن يدور في فلكه علي مزاعم بحدوث ¢كارثة انسانية¢. مندوب سوريا في الاممالمتحده الدكتور بشار الجعفري رد عليهم في هذه الجلسة بقولهپأنه ليس هناك دولة في العالم تقبل الرضوخ للتهديد الإرهابي وتعريض حياة مواطنيها للخطر أو سلب حقها السيادي والدستوري في الدفاع عن أرضها وعن مواطنيها وأن الدولة السورية هي المعنية بحماية ادلب وأبنائها السوريين فيها من الإرهاب. قال إن مدينة ادلب وبعض المناطق المجاورة لها تخضع لسيطرة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي المدرج علي قائمة مجلس الأمن للتنظيمات الإرهابية واستغل هذا التنظيم الإرهابي عدم التزام النظام التركي بتعهداته بموجب تفاهمات أستانا واتفاق سوتشي لفرض سيطرته علي إدلب وخلق بؤرة إرهابية تبتز الدولة السورية. لا يوجد هجوم عشوائي علي المواطنين السوريين المدنيين في إدلب كما يقول الجعفري بل هناك عمليات عسكرية يقوم بها الجيش العربي السوري ضد كيان إرهابي بهدف تحرير المدنيين السوريين في إدلب من استخدام تنظيم جبهة النصرة الإرهابي لهم رهائن ودروعا بشرية مؤكدا أنه ما كان للإرهابيين الذين يحتلون إدلب أن يستمروا باعتداءاتهم واستفزازاتهم لولا الدعم الذي تقدمه السلطات التركية لهم وتنكرها لتعهداتها بموجب تفاهمات أستانا وسوتشي والذيپيضمون في صفوفهم عشرات آلاف من الإرهابيين الأجانب الذين قامت حكومات دول معروفة وبعضها أعضاء في مجلس الأمن بتجنيدهم واستقدامهم من جميع أنحاء العالم لينضووا في تنظيمات إرهابية متعددة التسميات والولاءات كتنظيم "حراس الدين" و"جيش المهاجرين والأنصار" و"جيش تركستان الشرقية" وغيرها وهو الأمر الذي أكدته تقاريرپالأمم المتحدة وكل هذه التنظيمات لها أسماء لا علاقة لها بسورية من قريب ولا من بعيد ولكن يحلو للبعض أن يسميهم أحيانا "معارضة سورية مسلحة معتدلة".پجبهة النصرة الإرهابية تتخذ مئات آلاف المدنيين دروعاً بشرية ويرتكب بحقهم أبشع الجرائم الهمجية وينشر الموت والخراب والدمار ويستبيح المرافق المدنية بما فيها المستشفيات والمدارس التي حولها إلي مراكز لاحتجاز وتعذيب وقتل كل من يرفض فكره التكفيري المتطرف وأحكامه الجاهلية والأنكي من ذلك هو أن رعاة هذا التنظيم استحدثوا له ذراعاً إجرامية سموها "الخوذ البيضاء" تحظي برعايتهم وتفوز بجوائزهم الاستخباراتية. اتفاق خفض التصعيد في إدلب مؤقت والحفاظ عليه يستلزم التزام تركيا بإنهاء احتلالها مساحات واسعة من المناطق السورية وبتعهداته التي قطعها للضامنين الروسي والإيراني والكف عن دعم التنظيمات الإرهابية في إدلب ووقف ممارسات التتريك وبناء الجدار. والاستمرار في المتاجرة بالدم السوري وبمعاناة الشعب السوري من خلال اختزال ما يجري علي أنه مسألة إنسانية بحتة لن يثني سوريا عن ممارسة واجبها الدستوري والقانوني في مكافحة الإرهاب وحماية مواطنيها امريكاوتركيا تبذلان كل ما بوسعهما علي إعاقة جهود استئصال الإرهاب من آخر مواقعه في إدلب خدمة لأجنداتهما الخاصةپلأن القضاء النهائي علي الإرهابيين سوف يحرم الإدارة الأمريكية وأردوغان من أحد اهم ادواتهما لاشاعة الفوضي والخراب في سوريا لذلك يحرص الطرفان علي عرقلة اية جهود للتخلص من هذه الميليشيات الارهابية.