حارة في قلب شوارع القاهرة الفاطمية كان يقطنها الحرفيون من أصحاب الديانة اليهودية أيام الملكية وتحولت مع مرور الوقت لأكبر منطقة تجارية بالمحروسة. الزحام سمة أساسية فيها. انها حارة اليهود ولكنها ليست بحارة بل منطقة بالكامل تبدأ من شارع بورسعيد وحتي شارع المعز بحي الحسين. تضم حوالي 360 زقاقاً وحارة وسكنها الطبقة الوسطي من اليهود قبل ثورة يوليو 1952. وكذلك الحرفيون الذين تميزوا بصناعة الذهب والفضة والأحذية ومواقد الجاز واصلاحها وترميم الأثاث. كما تركز عمل التجار منهم في الأقمشة والورق والأدوات الكهربائية. انشئت حارة اليهود كما تقول الروايات التاريخية عام 1848. وهناك اجتهادات تاريخية ترجع سر تمركز اليهود بهذه المنطقة التي كانت تضم شياختين. إحداهما لليهود الربانيين والأخري لليهود القرائين. فالبعض رأي ان السلطات المصرية هي من أمرت اليهود بالسكن والتمركز في هذه المنطقة لفصلهم عن بقية المجتمع المصري. لكن هذا الزعم تنفيه المكانة المميزة التي حصل عليها الكثير من أعلام اليهود في مصر في القرن التاسع عشر. فضلاً عن ان السكن في الحارة لم يكن قاصراً علي اليهود. وانما كان هناك مئات السكان الآخرين من المسلمين والمسيحيين. هناك رواية أخري ترجح تمركز اليهود في تلك المنطقة تماشياً مع ثقافة "الجيتو" التي تدفعهم للتجمع في أماكن بعيدة عن بقية المجتمع الذي يعيشون فيه. لكن هذا الأمر أيضاً لا يبدو منطقياً في ظل انخراط الآلاف منهم في تفاصيل الحياة التجارية والفنية المصرية حتي ما قبل قيام ثورة يوليو 1952. الرأي الأخير الأقرب للمنطق جاء في كتاب "يهود مصر من الازدهار إلي الشتات" وفيه ان اليهود أقبلوا علي السكن في الحارة بكثافة لقربها من مصادر أكل العيش بالنسبة للحرفيين. حيث لم تكن تبعد عن حي الصاغة. معقل بائعي المجوهرات سوي أمتار قليلة. فضلاً عن قربها من منطقة وسط البلد بالقاهرة. حيث المحال المتنوعة. بينها المحال الكبري التي كانت ملكاً لليهود قبل الثورة مثل بنزايون وشيكوريل. والتي عمل فيها عدد كبير من سكان الحارة من اليهود. كانت تضم حارة اليهود 13 معبداً يهودياً لم يتبق منها سوي ثلاثة. هي معبد موسي بن ميمون أو "راب موشي" باللغة العبرية والثاني "بار يوحاي" ويقع في شارع الصقالية. بينما المعبد الثالث في درب نصير وهو معبد أبوحاييم كابوسي. أحمد عوض - من سكان الحارة - يسرد ما رواه جده ان الحارة سكن فيها عدد كبير من أعلام اليهود المصريين أمثال يعقوب صنوع أحد أبرز رواد المسرح والإعلام في مصر والمطربة الشهيرة ليلي مراد وشقيقها منير مراد وكاميليا وديفيد شارل سامحون. والفنانة راقية إبراهيم. واقيم بالحارة أيضاً سوسو ليفي. الساعاتي الذي هاجر إلي إسرائيل. والخواجة ماندي التاجر الشهير. والخواجة داودد المتخصص في كتابة الكمبيالات والتسليف بفوائد كبيرة. والعرافة راشيل التي كانت تشتهر ب "فتح الكوتشينة" وكان زبائنها من مشاهير السياسيين. تحولت حارة اليهود الآن إلي محلات وورش والمنازل أصبحت مكاتب لاستيراد الخردوات ولعب الأطفال وتمثل الحارة كما يقول فريد حمادة طنطاوي أحد تجارها إلي اقتصاد مصر حيث البيوت تحولت لممرات مقسمة حسب الأنشطة الزينات والكهرباء والفوانيس وأدوات التجميل. رمضان يتجلي في الافطار الجماعي للعمال والتجار والرواج التجاري الذي يستمر حتي مشارف أيام العيد. الحاج مصطفي صديق وأحمد عبدالرحيم - تجار جملة - يشيران إلي ان 90% من التجارة جملة والبيع لتجار التجزئة ومنذ الثمانينات تم إدخال تجارة الاكسوار وأدوات التجميل علي التجارة الموجودة بالمنطقة لتكون مركزاً تجارياً ضخماً بمصر.