لا يزال الهجوم المروع الذي نفذه المجرم الاسترالي علي مسجدين في كريست تشيرش في نيوزيلندا يسبب غليانا في أوساط المسلمين في العالم حيث تجرد هذا العنصري المجرم من كل مشاعر الإنسانية وارتكب جريمته ضد مسلمين مسالمين وهم يؤدون صلاتهم في أمان داخل المسجدين. لكن هذا الغليان لا ينبغي أن يدفعنا إلي ردود فعل غاضبة ومتهورة تؤدي إلي مزيد من التوتر والتعصب وتهدر كل الجهود المبذولة من الجانبين. الاسلامي والمسيحي. لنشر ثقافة التسامح الديني والتعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين في العالم وخاصة في الغرب حيث يتنامي الوجود الاسلامي به وتتزايد أعداد المسلمين باضطراد وهو ما يثير مخاوف كبيرة ومتزايدة ليس في أوساط المسيحيين الغربيين فحسب ولكن في أوساط اليهود الذين يزعجهم أن يكون للمسلمين تواجد قوي ومؤثر في أوروبا. **** لقد ظهرت في اوروبا أصوات تنتقد "تقصير" الغرب في تقديم الإسلام الصحيح. ومقترحات محددة لمكافحة التطرف المسيحي الغربي التي قالت تقارير إن شركة أمازون العملاقة تستفيد ماليا من الكتب التي تنشر أفكاره.. وأكدت تقارير لعدد من الصحف الغربية الشهيرة أن الفاشية لن تنتصر في الغرب.. مؤكدة ان الاعتداء علي مسجدي كرايست تشيرتش تذكير ب "شيطان الفاشية الدائم" الذي ينبغي علي الغرب مواجهته بكل قوة لكي يحمي حضارته ورسالته الإنسانية.. وواجبنا نحن المسلمين أن نستثمر هذه التوجهات العاقلة والتقارير الموضوعية وحملة الإدانة الدولية للجريمة لنؤكد للجميع أننا دعاة سلام ولا نقر العنف الذي ترتكبه الجماعات المتطرفة والعناصر المجرمة هنا وهناك. لقد كشفت هذه الجريمة للعالم أن التطرف والإرهاب ليس صناعة إسلامية كما روج الغرب كثيرا ولا يزال يروج مستغلا بعض الجرائم التي ارتكبتها جماعات تتمسح في الإسلام.. وقد جاءت لنا الفرصة.. رغم المنا واسفنا علي الضحايا .. لكي نؤكد للعالم كله أن التطرف لا يلتصق باتباع دين واحد وأن ما فعله ويفعله ويخطط له المتطرفون المسيحيون واليهود قد يكون اخطر مما يرتكبه متطرفون يرفعون شعارات إسلامية وهو ما يستوجب مواجهة التطرف بكل صوره وأشكاله وايا كان مصدره. لقد كشفت تفاصيل جريمة نيوزيلندا عن قدر كبير من التسامح الذي يتحلي به المسلمون في الغرب حتي وهم يتعاملون مع هذا المجرم..فهذا الرجل العجوز الذي وقف يستقبله علي باب المسجد ويقول له " اهلا اخي" ليرد عليه المجرم بطلقات نارية في صدره .. وهذا مهاجر مسلم يفقد زوجته في الحادث الارهابي ويصرح لوسائل الإعلام الغربية أنه حزين علي فقد زوجته لكنه يسامح القاتل ويعفو عنه كإنسان وهو ما دعا صحيفة صنداي تلغراف لتقول "هذا هو الإسلام الذي ربما نادرا جدا ما ينعكس في الثقافة الشعبية في الغرب إسلام كرم الضيافة. والعطف والإحسان والتضامن والسماحة والرحمة". **** لقد بذلت من جانبنا نحن المسلمين جهود كبيرة لتصحيح صورة الإسلام في الغرب وقاد هذه الجهود الامام الأكبر د.احمد الطيب شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية د.شوقي علام وهذه الجهود لا ينبغي أن تهدرپ بسبب جريمة عنصري يريد توتر العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في العالم.. وتركيزنا الآن ينبغي أن ينصب علي استثمار هذه الجريمة المروعة لصالح ديننا وتصحيح الصور المغلوطة التي تروج له في الغرب. واذا كانت بعض التنظيمات الارهابية ومن بينها داعش تستغل هذه الجريمة لتبرير جرائمها ضد غير المسلمين فلا ينبغي أن تعطي لها الفرصة لكي تفعل ذلك.. كما لا ينبغي أن نربط بين جرائم داعش وهذه الجريمة المروعة وتصوير جريمة الاسترالي علي أنها رد علي جرائم داعش لأننا بذلك نسوق لمزيد من الجرائم ضد المسلمين في الغرب. لقد احسنت الافتاء المصرية صنعاپعندما حذرت من الترويج لخطاب العنصرية ضد الدين المسيحي وطالبت بتجنب كل ما يؤدي إلي تصعيد التوتر بين المسلمين والشعوب الغربية.. مشيرة إلي ان مواقع التواصل شرعت في حذف المحتوي الذي يحض علي العنف والتمييز ضد المسلمين من خلال مجموعة من الأدوات التي تكشف عن هذا المحتوي والشبكات التي تروج من خلاله. وأشارت الافتاء إلي أن العديد من التقارير الغربية قد أكدت تفاعل نشاط حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب"پ فلا ينبغي أن تعطي لمثل هذه التنظيمات العنصرية الفرصة لشن حملات مناهضة للمسلمين مما يضاعف من حدة خطابات الكراهية والعنف التي تزايدت بنسبة تصل إلي 40% خلال السنوات الأخيرة. وأكد المرصد في بيانه علي أهمية دور مواقع التواصل الاجتماعي في معالجة مشكلة انتشار وتزايد الخطابات المعادية للمسلمين التي تحض علي العنف تجاههم. خاصة أن تلك الخطابات لا تختلف في مضمونها عن خطابات لتنظيمات إرهابية أخري كداعش وغيرها. تقوم تلك المواقع بحذفها مباشرة فور ظهورها.پ