في 21 فبراير 2019 انطلق القمر الصناعي الذي تم تصميمه وتصنيعه واختباره بواسطة مؤسسة الصواريخ والأقمار A الفضائية الروسية "إنيرجيا" في حضور مجموعة من المسئولين المصريين بالهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي. ولقد بدأت مصر تنفيذ برنامج لتصميم وتصنيع الأقمار الصناعية للأغراض المدنية شاملاً رصد ظواهر التصحر وتحقيق التخطيط العمراني الدقيق ومتابعة التركيب ونمو المحصول الزراعي ومتابعة مسارات البحار والأنهار ومجاري المياه. وتم تشكيل مجموعة من العلماء المصريين بالجامعات ومراكز البحوث منذ 2005 برئاسة الدكتور علي صادق ونجحت المجموعة في تصنيع أول قمر صناعي مصري للاستشعار عن بعد بالتعاون مع الجهات الأجنبية المتخصصة وتم اطلاقه في 16/4/2014 ولكن للاسف تم فقد الاتصال الأرضي به خلال فبراير 2015 ولذلك اصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي توجيهاته بأهمية استكمال برنامج الفضاء والتعاون مع مؤسسة إنيرجيا الروسية العملاقة وتكلل هذا المجهود بإطلاق "القمر الصناعي ايجيبت سات إيه" الشهر الماضي. وبنظرة سريعة نجد أن الأقمار الصناعية تتكون من عدة مجموعات رئيسية شاملاً منظومة التوجيه والتحكم ومنظومة الهيكل الخارجي والداخلي ومنظومة الدفع الصاروخي ومنظومة التصوير والرصد ومنظومة تحليل البيانات وإرسالها لمحطات الرصد والاستقبال الأرضية ومنظومة توليد الطاقة اللازمة لاستمرار عمل القمر ودورانه حول الأرض بالمسارات المحددة وبالإضافة إلي القمر الصناعي نجد البند الأهم وهو الصاروخ الذي يستخدم في حمله داخل مقدمته والانطلاق من قاعدة انطلاق كبيرة مصممة لهذه العمليات حتي الوصول للغلاف الجوي الخارجي وفتح مقدمة الصاروخ ودفع القمر الصناعي وتوجيهه للدوران حول الأرض بالمسارات المحددة له. وبالنظر للموقف المصري الحالي لهذه المشروعات فإننا نجد حصول بلدنا علي ايجابيات متعددة منها التعرف علي التكنولوجيات المتقدمة في هذا المجال وأسلوب التصميم والتجميع والاختبارات ومشاهدة عمليات الإطلاق ونري أننا دولة غنية بالباحثين والعلماء المتخصصين في هذا المجال سواء بالجامعات ومراكز البحوث أو العلماء العاملين بالجامعات ومراكز البحوث الأجنبية خاصة بكندا والولايات المتحدةالأمريكية والقادرين علي تنفيذ أعمال التصميم والتصنيع المحلي لمكونات القمر الصناعي واختباره ونري أننا وطن غني بالإمكانيات البحثية والصناعية والمعامل المزودة بالأجهزة القادرة علي تنفيذ أعمال التصميم والتصنيع والتجميع والاختبارات بالإضافة إلي تزويد تلك المعامل والمصانع ببعض الأجهزة والمعدات غير المتوافرة محلياً حتي الآن. بالنظر إلي الصواريخ المستخدمة في حمل القمر الصناعي واطلاقه للفضاء الخارجي فيوجد بعض الدول الكبري المتخصصة في هذا المجال مثل روسيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين واعتماداً علي امكانياتهم الفائقة السابق إعدادها منذ أوائل خمسينيات القرن الماضي لاقتحام الفضاء والوصول للقمر برواد الفضاء ويصعب علي دول الشرق الأوسط وأفريقيا اقتحام هذا المجال والحصول علي تكنولوجياته لأسباب مالية وعلمية واقتصادية وبشرية. ويعتبر حدث اطلاق القمر الصناعي المصري طفرة علمية وتكنولوجية فائقة ويجب التخطيط والإعداد لتأهيل الكوادر وزيادة قدراتهم لاقتحام مجالات التصميم والتصنيع والاختبارات وإنشاء تخصصات هندسية داخل الجامعات تتعلق بعلوم الفضاء وإنشاء مراكز بحثية متخصصة في تصميم وتصنيع مكونات الأقمار الصناعية شاملاً الهيكل الميكانيكي والطاقة والدفع الصاروخي والإلكترونيات والتوجيه والتحكم والتصوير الدقيق حيث لا يمكن الاستغناء عن منظومات الأقمار الصناعية لتطوير الاقتصاد الصناعي والزراعي والتخطيط العمراني وحماية الدولة من مخاطر البحار والأنهار.