طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي مراراً وألح علي تجديد الخطاب الديني. ولا يفوت الرئيس فرصة دون أن يذكرنا جميعا بأهمية هذه القضية. ولم يتحقق مطلبه إلي اليوم إلا قليلاً. والواضح أن الرئيس قرر من اللحظة الأولي إلي جوار دعوته أن يمارس فعليا بنفسه هذا التجديد. خاصة في ملف العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر كنموذج للتعايش يمكن أن يحتذي. وفي ملف العلاقة والحوار بين الإسلام والمسيحية عموما. وقبول الآخر عموما. في مجال التعايش قدم الكثير. زياراته وتهنئته الشخصية للأقباط والمصريين في عيد الميلاد المجيد. بناء الكاتدرائية الكبري بالعاصمة الإدارية. وكان هو أول من ساهم في إنشائها بماله الخاص. والقرار ببناء كنيسة ومسجد علي نفقة الدولة في كل مدينة جديدة. فضلا عن إنجاز قانون بناء دور العبادة الموحد. الذي كفل حل كثير من المشاكل والقضايا المعلقة من عشرات السنوات. خارج البعد الطائفي أعلنها الرئيس مراراً أننا نقبل المختلف بيننا. طالما لم يمارس العنف وابتعد عن الإرهاب. وقال أيضا أننا نحمي من يعبد الله ويؤمن بأي دين. بل وحتي إذا كان لا يعتنق دين. والمعني العميق هنا. أن المعيار الأهم لدينا هو المواطنة. ومن لا يمارس العنف. وبات مؤكداً أن هذا الجهد أدي إلي كثير من النتائج الإيجابية. منها إنهاء الاحتدام الطائفي. ومنها أن المواطنة باتت أساس التعامل بين المصريين جميعا. وصار من المعيب. كما أشار الرئيس. بأن يشار إلي مواطن. هذا مسلم وهذا قبطي. في مجال العلاقة بين الإسلام والمسيحية. استقبل الرئيس بابا الفاتيكان في زيارته لمصر سنة 2017. وسمعنا نداء قداسة البابا من القاهرة لكل العالم بالحج إلي مصر. وصباح الأحد استقبل الرئيس وفداً رفيع المستوي من الفاتيكان مع مبعوث خاص يحمل رسالة من قداسة البابا فرانسيس إلي الرئيس.. وأشار الرئيس في اللقاء إلي أن تعاون مصر والفاتيكان مهم لترسيخ الوسطية ونبذ العنف والإرهاب. ومن حسن الحظ أن العالم بات مقتنعا بما طرحته مصر منذ سنة 2014 أن العنف والإرهاب لا دين لهما ولا وطن. الارهاب مرض معد. ينتقل من مكان إلي آخر ويحصد البشر بلا تمييز. وهذا ما شاهدناه في السنوات الأخيرة. امتد الإرهاب إلي بلاد اوروبا وبات يهددها. وهناك تهديد آخر ينتظرها يتمثل في مئات الدواعش الأوروبيين الذين انتقلوا إلي سوريا وتدعشوا هناك. هؤلاء الآن ليس أمامهم سوي العودة إلي بلادهم وأوطانهم. محملين بخبرة الإرهاب والقتل. ومعبأين بفكر متشدد ومتطرف. يري في الآخر عدوا يجب إبادته. ويرون أن الحضارة الغربية كلها شر مستطير يجب التخلص منه. يعودون ومعهم مئات الأبناء والأطفال الذين تم انجابهم في سوريا. وتربوا وسط أفكار دواعش. رضعوا لبن التطرف واقتاتوا علي خبز الإرهاب. كان الآر. بي . جي لعبتهم والأسلحة الثقيلة مراجيحهم. التعاون والحوار عموما مهم بين الإسلام والمسيحية. بحكم أنهما ديانتان سماويتان تنتميان معاً إلي ما يعرف باسم الديانات الإبراهيمية والتوحيدية. وبحكم التداخل الشديد بين اتباع الديانتين طوال التاريخ. سواء في منطقتنا العربية أو في أوروبا. وقد وجدنا أن تراجع الحوار واختفاء التعاون أدي إلي التطرف والتشدد هنا وانتشار الإسلاموفوبيا هناك. التي هي تطرف مضاد وكانت النتيجة بروز العنف والإرهاب. والخاسر في النهاية نحن جميعا. حروب الإرهاب والعنف الديني ليس فيها منتصر ومهزوم.. كاسب وخاسر. بل الكل يخسر فيها ويخسر منها. ومن المهم أن يكون لدينا قائد وزعيم مقتنع بذلك. وهو الرئيس. الذي يهتم بالتعاون والحوار. وهناك تعاون وحوار علي أرفع مستوي بين الأزهر الشريف والأمام الأكبر د. أحمد الطيب والفاتيكان وقداسة البابا فرانسيس . وتابع العالم اللقاء بينهما في القاهرة سنة 2017. ثم اللقاء الذي جري مؤخراً في أبو ظبي. وانتهي بالتوقيع علي وثيقة الأخوة والإنسانية. وأشار الرئيس إلي هذه الوثيقة وأهميتها في لقاء وفد الفاتيكان.. والمهم هو ما بعد توقيع الوثيقة. أي كيف نحولها إلي خطوات ملموسة علي أرض الواقع. ولا تبقي مجرد كلمات وأفكار جميلة علي الورق. وأحلام وأمنيات في النفوس والضمائر.. والحق أن ترجمة الوثيقة إلي فعل هو دورنا جميعا كمصريين. وفضلا عن ذلك هي دور المسلمين والمسيحيين وكل البشر عموما في العالم كله. ذلك أنها تصلح لأن تكون نموذجاً بين سائر الأديان وليس بين الإسلام والمسيحية فقط. التعاون الذي يدعو إليه الرئيس بات ضرورياً. خاصة أن الإرهاب طرق باب أوروبا ودخل. ومن قبل واجهناه نحن ومازلنا نواجهه ويسقط لنا شهداء في تلك المواجهة من رجال الجيش والشرطة. ومن ثم فالهم واحد ومشترك» والحوار أيضا ضروري. فالتنابز بين اتباع الأديان يفتح الباب لفتن كثيرة. تخسر فيها كل الأديان. وهناك الآن حوار دائم وعميق. الرئيس بنفسه يتابع هذا الحوار ويرعاه. من هنا كان استقبال وفد الفاتيكان صباح الأحد. وقد أشاد الوفد بما حققه الرئيس السيسي وما حققته مصر في مجال العيش المشترك بين المواطنين المصريين مسلمين ومسيحيين. إذا كان تجديد الخطاب الديني مسألة فقهية وعلمية يختص بها العلماء الأجلاء والمفكرون والكتاب. فإن التجديد من الناحية العملية قضية المسئولين علي الأرض. ويقدم الرئيس السيسي النموذج الفعلي والعملي الذي يبنغي أن يحتذي به كل مسئول في موقعه.پ