عادت إلي الأذهان أزمة الصواريخ الكوبية إبان حقبة الحرب الباردة عندما هددت روسيا بنشر صواريخ سرعتها تفوق سرعة الصوت 5 مرات أو أكثر علي متن سفن وغواصات يمكنها البقاء خارج المياه الإقليمية الأمريكية إذا تحركت واشنطن الآن لنشر صواريخ أو أسلحة نووية متوسطة المدي في أوروبا. وأزمة الصواريخ الكوبية تفجرت في أكتوبر عام 1962 عندما اكتشف الأمريكيون أن الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت قام بنشر صواريخ نووية في كوبا لردع أية محاولة أمريكية لغزو الجزيرة. وعندئذ فكر الرئيس الأمريكي آنذاك جون كيندي في شن هجوم جوي وبحري علي كوبا لكنه تراجع خوفاً من اندلاع حرب نووية فاكتفي بفرض حصار بحري جزئي وكان الهدف المعلن منه هو منع وصول أسلحة هجومية سوفيتية إلي كوبا. وفي الوقت ذاته طلب كيندي علناً من الاتحاد السوفيتي سحب جميع صواريخه النووية من كوبا وفجر ذلك مواجهة خطرة استمرت 14 يوماً حبس العالم خلالها أنفاسه خوفاً من اندلاع حرب نووية شاملة.. وقد تبين فيما بعد عندما رفعت السرية عن كثير من الوثائق أن الرئيس الأمريكي كيندي والزعيم السوفيتي خروشوف تعاملا مع الأزمة بمزيج من ضبط النفس والحكمة والتعقل وانتهت الأزمة باتفاق تم التوصل إليه عبر مفاوضات سرية.. وتضمن شقاً علنياً وآخر سرياً بموجب الشق العلني من الاتفاق. وافق الاتحاد السوفيتي علي سحب صواريخه من كوبا مقابل تعهد أمريكي علني بعدم غزو كوبا قط وبموجب الشق السري وافقت أمريكا علي سحب صواريخها النووية من تركيا وإيطاليا وعدم تصويبها نحو الاتحاد السوفيتي. ويأتي تحدي بوتين لواشنطن في الوقت الذي تندلع فيه أزمة أخري في أمريكا اللاتينية هي الأزمة الفنزويلية حيث انقسمت القيادة هناك في معسكرين معسكر مناهض للولايات المتحدة بزعامة الرئيس مادورو وآخر يتزعمه رئيس البرلمان خوان جوايدو ويقال إنه تربي وتعلم في أمريكا وأنه عميل لل "سي.آي.إيه" وفنزويلا تحتوي علي أكبر احتياطي نفطي في العالم وقد أثبت النفط أنه نعمة ونقمة وغالباً ما يكون نقمة علي الدول الضعيفة لأنه يجلب أطماع القوي الكبري.. وإذا كانت واشنطن قد تعهدت عام 1962 بعدم غزو كوبا أبداً فإنها لم تتعهد بعدم غزو فنزويلا. لقد استخدم بوتين في تهديده عبارات قاسية وألفاظاً ذات مغزي ودلالة عميقة مثل "إن بلاده مستعدة عسكرياً لأزمة علي غرار أزمة الصواريخ الكوبية إذا كانت الولايات حمقاء بشكل يجعلها تريد أزمة مثل هذه. وأن بلاده لديها الأفضلية حالياً بشأن المبادرة بتنفيذ ضربة نووية". العالم يرفض الحروب النووية مهما بلغت درجة الخلافات ومهما اشتدت حدة الصراعات بين الدول ولاشك أن التلويح باستخدام السلاح النووي يدفع الدول الأخري علي حيازته لمنع القوي النووية من التنمر.