أكد الامتحان التجريبي لطلاب الصف الأول الثانوي ان هناك ضرورة ملحة لتغيير ثقافة وسلوكيات المجتمع التعليمي. فرغم أن الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم أعلن منذ البداية أن هذا الامتحان مجرد تجربة علي النظام الجديد للتقويم في المرحلة الثانوية وان درجاته لن تضاف للمجموع وأن هدفه الأساسي هو قياس مدي استيعاب الطلاب لما درسوه وليس حفظ المعلومات التي لقنها لهم المدرسون إلا أن الطلاب من جانبهم وخلفهم جيش من المدرسين بل وأولياء أمورهم لم يقتنعوا بكلام الوزير وأصروا علي اتباع نفس النهج والأسلوب الذي عفا عليه الزمن ويسعي القائمون علي التعليم إلي تغييره لإعداد أجيال جديدة تتميز بالفكر والفهم والاستيعاب لما يدور حولهم.. تكاتف الطلاب والمدرسون للإضرار بالتجربة وقام بعض أصحاب الضمائر الخربة بتسريب أوراق الامتحانات قبل أن تبدأ وزادوا عن ذلك بتقديم الإجابات النموذجية وللأسف لم يكلف الكثير من أولياء الأمور أنفسهم بوقف هذه المهزلة وإجبار أولادهم علي الاستفادة من هذه التجربة وسهروا الليالي لينقلوا لهم الإجابات علي أغلفة الكتب المدرسية التي سمح بدخولها إلي اللجان الامتحانية وأصبح كل هم الطالب النجاح في نقل تلك الإجابات إلي كراسة البوكليت. باختصار.. المشروع ناجح ومفيد إلا أن المستفيدين منه تعمدوا إخماد أي محاولات لتنفيذه علي الوجه الأكمل. الخبراء أكدوا أن أولياء الأمور قبل أبنائهم ومعهم بعض المدرسين الفشلة ألحقوا الضرر بمشروع عظيم يمكن أن يغير وجه الحياة في مصر. أجمع الخبراء علي أهمية الالتزام بمواصفات ومعايير "الاوبن بوك" ووجود أسئلة تعتمد علي الفهم والتفكير لإفراز جيل قادر علي الإبداع ولابد من مواجهة التسريبات التي تحدث وتحدي مواقع الغش الإلكترونية وأساليبها في نشر الامتحانات حتي لا تكون هناك عقبات وهذه التجربة لها سلبياتها التي يجب تفاديها والالتفات إليها في الامتحانات الحقيقية حتي لا يصبح الأمر مهزلة وعدم قياس مستويات الطلاب الحقيقية الذين نجحوا عن طريق الغش. قالت الدكتورة إنشاد عزالدين أستاذ علم الاجتماع جامعة المنوفية إن ظاهرة الغش والتسريبات المنتشرة هذه الأيام سوف تخلق جيلاً للأسف يريد أكبر مردود بأقل مجهود وهذا الخلل للأسف نتيجة الأنظمة السيئة وسوء التخطيط. فإذا كان نظام "الاوبن بوك" الذي فاجأت به وزارة التربية والتعليم طلاب الصف الأول الثانوي يصلح في الجامعات وطلبة الدراسات العليا فهو بالطبع لا يصلح أن يوضع نظام مثل هذا لطلاب مراهقين لا يجيدون كيفية التعامل معه فطريقة التقييم بنظام "الاوبن بوك" لا تتفق مع طلاب مراهقين لا يعرفون عنه شيئاً ولم يتدربوا عليه!! أشارت إلي أنه إذا كانت الوزارة تريد تطبيق الاوبن بوك فيجب أن يطبق علي الأجيال الأولي ولا يظهر لطلاب الثانوية العامة فجأة بهذا الشكل كما يجب الاعداد لهذا النظام اعداداً جيداً قبل تطبيقه ويكون في مرحلة عمرية معينة وليس لطلاب في مثل هذه المرحلة الحرجة وإذا كان هناك خلل ما يحدث في المنظومة الجديدة فسببه القائمون علي النظام الذين أعطوا فرصة لدعاوي الهدم التي تسعي جاهدة لتشويه أي تطوير نقوم به. قال أحمد عبدالرءوف أستاذ علم النفس إن الأجيال الحالية مظلومة جداً لأنها تربت علي أنظمة تعليمية عقيمة الهدف منها تعبئة معلومات لفترة معينة لجمع درجات للوصول إلي كليات معينة وتفريغ عقولهم منها علي الفور وهذا النظام لا يخلق أجيالاً صالحة وللأسف عندما أرادوا تطوير المنظومة لم يعدوا لها الاعداد السليم فخلقوا أجيالاً أكثر سطحية ومغيبون لا يعلمون شيئاً عن مصيرهم القادم وهذا في ظل حالات الغموض والضبابية التي يتبعها المسئولون في الوزارة. قال الدكتور محمد الدسوقي. أستاذ التربية بجامعة حلوان. إن هناك خللاً في منظومة القيم في المجتمع ولابد من التدخل لمنع عمليات الغش وتسريب الامتحانات بمجتمعنا المصري. حيث إن الإجراءات السلبية مبنية علي هذه المنظومة. ولا يجب الحفاظ علي سرية الامتحانات فقط وإنما الحفاظ علي الاستراتيجية لاستقرار منظومة القيم بالمجتمع. مؤكداً أن هذا يبدأ منذ نشأة ما قبل المدرسة. ولابد من توعية الأسرة لأبنائها لهذه القيم. أشار الدسوقي إلي أنه إذا نجحنا في هذه الاستراتيجية بالشكل المنظومي المجدول والمحدد لها سوف نستطيع القضاء علي أي خلل يواجهنا خاصة عمليات التسريب التي تحدث حالياً لطلابنا بالصف الأول الثانوي. قائلاً "ولابد أن نكون بدأنا في هذه الاستراتيجية منذ أمس وليس من اليوم". أضاف د.سمير عبدالفتاح أستاذ علم النفس والاجتماع أن ما يحدث حالياً من تسريبات بالامتحانات خطأ تماماً وله خطورة كبيرة علي طلابنا. حيث إن مصادر هذه التسريبات هم "الطالب والأسرة والقائمون علي العملية التربوية في المدارس". مشيراً إلي أنه علي ولي الأمر رفض عمليات الغش ومساعدة أبنائهم علي تخطي هذه الأشياء. لأنها عملية تربوية أولاً. فعليهم أن يبعدوهم تماماً عن مواقع التواصل الاجتماعي التي تسعي إلي فشل المنظومة التعليمية الجديدة خاصة أثناء فترة الامتحانات. طالب باتخاذ وزارة التربية والتعليم والدولة وأولياء الأمور والقائمين علي العملية التعليمية. الإجراءات اللازمة للقضاء علي الغش وفساد المنظومة التعليمية الجديدة. وإلا سوف يصبح الإصلاح بلا ثمار له. أوضح د.سامح ريحان عميد كلية تربية بجامعة جنوب الوادي أن التسريب والغش بالامتحانات أصبحت ثقافة مجتمع والجميع يسعي إليها من طلاب وأولياء أمور ومعلمين. مشيراً إلي أن الطالب الذي يعتمد علي الغش لن يستفيد من التجربة وسيفاجأ عند الخضوع للامتحانات الفعلية بشكل جديد من الامتحانات وبالتالي فإن الضرر سيقع عليهم لأنهم لم يستعدوا جيداً ويستفيدوا من التجربة. أضاف أن المنظومة الجديدة للامتحانات يجب أن يكون من أهم أهدافها القضاء علي الغش ومافيا الدروس الخصوصية وتوقعاتهم الوهمية. مطالباً بضرورة تأمين الامتحانات حتي يحصل كل طالب علي حقه خاصة إذا كانت الامتحانات ستعقد علي مستوي المدارس. المهارات أكد د.حسن شحاتة أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة عين شمس ان طريقة امتحانات الكتاب المفتوح لا تعني أن الأسئلة تتجه إلي قياس المعلومات وإنما المهارات العقلية العليا من التحليل والتطبيق وإبداء الرأي والتمييز والتفسير والتحليل مشيراً إلي أن المنظومة الجديدة تساعد علي تكوين إنسان جديد قادر علي التعامل مع طبيعة العصر وهذا النظام يقول وداعاً للكتاب المدرسي وللسناتر ومافيا الدروس الخصوصية كما أنه يحقق استقلالية للمتعلم وأنه ليس معتمداً علي الآخرين والنظام الجديد راحة لأولياء الأمور ويتطلب تدريب المعلمين والطلاب كما أن الهدف من الاوبن بوك التجريبي ودرجاته لا يؤخذ بها. أضاف أن نوعية الأسئلة في اوبن بوك تتنوع لقياس الاتجاهات والأهداف في أسئلة مثل ماذا يحدث لو ناقش ونصوص لم يدرسها الطالب ولكن يتم تطبيق قواعد عليها وقياس مهارات الدرس والقيم والاتجاهات فنحن نعيش في مثلث التخلف إلقاء من المعلم وحفظ من المتعلم واسترجاع للمعلومات. أشار إلي أنه تم تحويل الطلاب في النظام القديم إلي قصص مدرسية مشوهة وعادات عقلية قائمة علي الحفظ وهذا يؤدي إلي التطرف لأنه يعتمد علي فكر واحد فالتعليم ليس معناه شهادة وإنما اكتساب مهارات وقدرات وقيم والكتاب المدرسي أصبح ليس له قيمة وانتهي عصره وأصبح البديل بنك المعرفة الذي يحتوي علي أفكار متعددة فالتعليم أصبح للأذكياء ولمن يفكرون ولديهم آراء وانتهي عصر التكرار والكتاب الخارجي وانتقلنا من ثقافة الإيداع إلي الإبداع ومن التحصيل إلي التفكير والتعليم المصري أصبح في إطار المنافسة العالمية ومن بناء العمران إلي بناء الإنسان.