تزايدت في الآونة الأخيرة خاصة مع بداية العام الدراسي في المدارس شكاوي أولياء الأمور من وقوع تعد علي ابنائهم من اقرانهم سواء بالضرب أو التهكم و السخرية الامر الذي جعل هؤلاء الأبناء يعزفون عن ذهابهم الي مدارسهم علي ضوء استفحال ما يسمي بظاهرة "التنمر" بين الطلبة والطالبات. التنمر هو نمط من أنماط العنف النفسي والمعنوي الذي يرسل رسالة سلبية لأطفالنا ويحدث مشاكل نفسية او جسدية حيث يقوم الطفل المتنمر بتصرفات عدائية كالضرب أو الإهانة والسخرية من الشكل أو التصرفات او عزل شخص ما بقصد الايذاء او حتي عن طريق التهديد برسائل الانترنت حيث يكون ميزان القوي بطبيعة الحال غير متوازن مما يترتب عليه تحول المتنمر به الي شخص مكتئب أو عدواني أو انهزامي يتهرب من الدراسة او العمل لشعوره بالمهانة واحتقار الذات. والخطورة هنا تكمن في ان الاسرة قد تكون غافلة عن هذه السلوكيات مع اللهاث اليومي وراء لقمة العيش او قناعتهم انها مجرد تصرفات أطفال وأنها بمرور الوقت سوف تتلاشي وهنا تكمن الخطورة حيث تكثر الحوادث ويكون تأثير العنف علي أطفالهم كبيراً يؤثر علي حاضره ويدمر مستقبله. وفي دراسة حديثة لمنظمة اليونيسيف اقرت في أحدث تقرير لها عام 2017 عن الأطفال والعنف في المدارس ان واحداً من كل ثلاثة طلاب من عمر 13-15 سنة يعانون من تنمر الاقران وكل 3 طلبة من أصل 10 ينمرون علي زملائهم ولا شك ان الحد من التنمر في الصغر سواء بالنسبة للمعتدين او المعتدي عليهم سوف يقلل عند الكبر وجود اعداد كبيرة من منحرفي السلوك ومنتهكي سلوكيات وقيم المجتمع السائدة وهؤلاء دون شك يمثلون الكتلة السلبية التي يمكن تصنيفها بأنها معاول الهدم لتنمية وتحضر أي مجتمع. ينسحب كل ما ذكرناه ايضاً علي دور الأمهات تحديداً مع أبنائها وذلك عندما تتحكم في كل صغيرة وكبيرة في حياتهم والتي تميل الي الصرامة في تربيتهم مما يجعلها أحياناً ودون ان تشعر الي التقليل من شأن هؤلاء الأبناء وقدرتهم علي التصرف بمفردهم او اتخاذ القرارات الصائبة او حتي مجرد الاختيار.... بل قد تلجأ احياناً الي تحفيزهم علي ان يكونوا أفضل من زملائهم في المدرسة بأي شكل من الاشكال الامر الذي يجعلهم عدوانيين تجاه هؤلاء الزملاء. اذن فالقضية المثارة لا تتعلق بالطفل وحده بل بالمدرسة والمدرسين والبيت والامهات فهي قضية مجتمعية يجب التعامل معها بكل جدية واهتمام وان نتكاتف جميعاً للقضاء علي هذه الظاهرة او الحد منها من خلال عدة محاور لعل أهمها تلك الدورات التوعوية لأعضاء هيئة التدريس في مراحل التعليم الأولي للتعامل مع الأطفال والطلبة سواء المتنمر او المتنمر به. كذلك التوعية الإعلامية المستمرة للأمهات والاباء لتشجيع الطفل علي المصارحة لما يحدث معه خلال يومه الدراسي والعمل علي زيادة ثقته في نفسه وتقديره لذاته وتقويم السلوك العدواني الذي قد يظهر علي البعض منهم في مهده خاصة ان التنمر صفة وليس طبعاً اصيلاً وبالتالي يمكن تغييره إذا ما عرفنا الدوافع المسببة له. الوطن في حاجة الي أطفال وشباب اسوياء في أجسادهم وثقافتهم وسلوكياتهم ليحملوا مشاعل النور والتطور والنهضة لتحقيق مستقبل أفضل له بإذن الله. وتحيا مصر.