تشجيع الطفل على المصارحة، وقص كل ما يحدث معه خلال يومه الدراسي، والعمل على زيادة ثقته بنفسه وتقديره لذاته، وحثه على تجاهل التعليقات السخيفة، والبقاء دائما وسط مجموعة من الأصدقاء، والإبلاغ عن المضايقات للإدارة ...هذه بعض النصائح التى يقدمها الخبراء لحماية الأطفال من التعرض للتنمر، وهى ظاهرة قد تترك آثارا شديدة السلبية فى نفسية الطفل. ولكن ماذا عن الأطفال الذين يمارسون التنمر؟ بل وماذا عن الأمهات اللاتى يمارسن التنمر سواء بصورة غير واعية مع اطفالهن داخل المنزل أو عن قصد مع الأمهات الأخريات؟. تكمن المشكلة الأساسية فى التعامل مع المتنمر فى ميل الآباء الطبيعى إلى رفض تصديق أن هناك مشكلة مع أبنائهم ومحاولاتهم، إذا كان الطفل فى مراحل الدراسة الأولي، تبسيط الأمر واعتباره مجرد «شقاوة» وأن الحضانة أو المدرسة هى التى لا تحسن التعامل مع الموقف وتجنح للمبالغة حتى تتنصل من المسئولية. هذا الإنكار قد يعرقل بدوره فرص تقويم السلوك العدوانى لدى الطفل فى مهده. مشكلة أخرى هى عدم إدراك البعض أن التنمر «سلوك» وليس «صفة أو طبعا أصيلا» وبالتالى يمكن تغييره إذا ما عرفنا الدوافع المسببة له. يشير كثير من الدراسات إلى أن الطفل المتنمر هو فى أغلب الأحيان طفل يتمتع بطاقة كبيرة وسريع الملل، ومثله مثل الضحية، قليل الثقة بالنفس ويعانى من عدم الشعور بالأمان، ولكنه يغطى على ذلك بالتصرفات العدوانية تجاه من يشعر أنهم أضعف من أجل الإحساس بالتفوق والسيطرة. كما أن المتنمر عادة ما يكون قد تعرض للتنمر سواء من خلال مضايقات بدنية أو لفظية من قبل الإخوة أو ما يمكن وصفه بالتنمر غير الواعى من قبل الآباء، خاصة الأم التى عادة ما تتولى الإشراف على شئون أبنائها خاصة الدراسية منها. فالأم العاشقة للسيطرة والتحكم فى كل صغيرة وكبيرة تتعلق بحياة أبنائها، والتى تميل إلى الصرامة فى تطبيق القواعد، والمتحفزة دائما لتحقيق أكبر قدر من الإنجاز، قد تلجأ دون أن تشعر إلى التقليل من شأن أبنائها وقدراتهم على التصرف بمفردهم أو اتخاذ القرارات الصائبة أو حتى الاختيار. كما أنها قد تضغط عليهم، وربما تلجأ للسخرية، بصورة تجعلهم يشعرون بأنهم فى سباق مع خصوم وهميين وأنهم عاجزون عن التفوق. وجه آخر لتنمر الأمهات يظهر جليا فى التعامل مع أمهات أخري، وذلك من أجل تحقيق نفس الهدف الذى يسعى إليه المتنمرون الأطفال أو المراهقون، وهو الشعور بالتفوق والسيطرة. يتخذ هذا الوجه ملامح، قد تبدو بريئة، فى صورة نصائح أو انتقادات غير مباشرة فى كل ما يتعلق بتربية الأطفال، من أول الرضاعة الطبيعية وأنواع الطعام الصحى وحتى طريقة المذاكرة وعمل الواجبات المدرسية.وهنا أود أن أشير إلى ما ذكرته سيدة فى إحدى رسائل «بريد الجمعة» حول تلقيها مكالمة من والدة زميلة لابنتها تخبرها فيها بكل فخر أنها ضربت ابنتها بقسوة لأنها نقصت خمس درجات مما ترك علامات على وجهها ثم تتهمها بأنها متساهلة ومقصرة إذ أنها لا تعنف ابنتها عندما تنقص درجاتها!. أما الملامح الأكثر قسوة لتنمر الأمهات فتشمل الإقصاء ونشر الشائعات وتعمد السخرية والإحراج وربما الوصول للتنمر الإلكتروني. لمزيد من مقالات هناء دكرورى