** منذ عرف العالم منظومة النقل الجماعي.. كانت الأفضلية للقطار الذي ينطلق من العاصمة إلي أطراف البلاد.. شمالاً وجنوباً.. ثم تتفرع الخطوط شرقاً وغرباً.. ومنها من خرج بالشبكة من المحلية إلي الإقليمية.. والعبور من المساحات الأرضية إلي أقصي نقطة تحقق الشبكة التكاملية.. مثل قطار الشرق السريع الذي كان يعبر افريقيا وآسيا إلي أوروبا.. أو تلك الخطوط الحديدية طويلة المدي التي ربطت بين الأجزاء الشاسعة لقارة أمريكا الشمالية.. وتميز القطار بالمسار الثابت الذي راعي مصمموه النقاط اللازمة للعبور بين القضبان.. بعضها مزلقانات شرعية.. وأخري عشوائية أوجدتها الضرورة في كثير من الأحيان.. ومع الوقت عرفنا القطار الكهربائي.. والقطار الطلقة فائق السرعة.. الذي يعبر الجبال والوهدان.. ولا مانع في عبور وسائل صناعية حديثة.. ممتدة مثل الكباري الضخمة فوق الأنهار والبحار. ** ظل القطار محافظاً علي مكانته.. يتقدم في بلد ما.. بتكنولوجيا توفر الراحة والانضباط والأمان.. أو يقاوم مثل الزمن في بلاد أخري.. تتراجع القطارات الفارهة.. وتزيد القطارات الشعبية التي يطلقون عليها قطار الضواحي أو المناشي.. ومن هذه القطارات خرجت للوجود.. وسيلتان هامتان أحداهما دخلت تقريباً صفحات التاريخ "علي الأقل في بلدنا" مثل خطوط الترام.. التي عرفت أولاً بعربات تجرها الخيل.. قبل أن ينشأ لها القضبان.. أسفل الأرض والشبكة الكهربائية أعلي المركبة.. وربطت تقريباً كل أحياء القاهرة القديمة.. ووصلت إلي الإسكندرية ولاتزال تقاوم تحت راية التطوير "ترام المنشية - أبوقير".. والتقط الفكرة الخواجه امبان عند إنشائه ضاحية مصر الجديدة سارقة الأضواء في العباسية.. لتجعل من صحراء شاسعة.. عاصمة حديثة.. استقطبت الميسورين والعظماء.. لتظهر تحت لافتة المترو.. الذي كان يسبق مساره امتداد هليوبوليس.. وتنافس خطوطه عبدالعزيز فهمي.. الميرغني.. النزهة.. "ثم الماظة - مدينة نصر - فيما بعد" في الانتظام والنظافة وتوفير وسيلة مواصلات جماعية سريعة تربط السكان بقلب المدينة.. أو انتهت خطوطها عند ميدان عبدالمنعم رياض قرب التحرير.. وذلك قبل الاختصار الأول للتراجع إلي باب الحديد.. بجوار محطة كوبري الليمون. ** والوسيلة الثانية.. تطورت فيما بعد لتصبح عماد منظومة النقل الجماعي بأم الدنيا.. وصفت بمعجزة الهرم الرابع.. بمجرد أن سارت تحت الأرض من بعد غمره إلي باب اللوق بالسيدة زينب.. وحملت اسم الخط الأول لمترو الأنفاق "بالخبرة والإدارة الفرنسية ساعتها" وتصدرت اهتمامات الناس ووسائل الإعلام.. نظافة مترو الأنفاق.. باسمه الجديد.. اجتذبت تأييداً غير مسبوق من مختلف فئات المواطنين.. وأصبح أنصار المترو بالملايين.. خاصة بعد أن شق طريقه بخطين جديدين.. شبرا الخيمة حتي الجيزة.. والآخر مخطط له الوصول لإمبابة ويعمل الآن من العتبة حتي القرب من المطار.. لينقل يومياً خمسة ملايين راكب.. وربما أكثر.. ويتوافد عليه مواطنون من كل مكان.. بعضهم من الأحياء الجديدة والتجمعات الحديثة.. والآخر قادمون من قلب العشوائيات والتقت الحكومة والمواطن علي ضرورة تحديث المرفق والمضي قدماً في خطوطه الجديدة.. إلي أقصي نقاط التنمية والإعمار.. ولديها خطة متكاملة للتحديث والدعم تحت أنظار الرأي العام. ** بالطبع لا يمكن لمترو الأنفاق أن ينجح وحيداً.. بدون وسائط النقل الجماعي الأخري.. والاستفادة بتجارب الدول العريقة والحديثة في الخدمة معاً.. إذ لابد من خريطة تكاملية لمساندة المترو.. كما يحدث في العاصمة الألمانية برلين.. والمحاور المعتمدة لدعم المترو.. وتتمثل في خطوط للاتوبيس والميكروباص.. وخط القطار المحلي S.phanبل وخطوط الترام التي أوشكت عندنا علي الاندثار.. بعد نزع شبكات مترو مصر الجديدة.. تقوم هذه الخطوط بكفاءة بالربط بين نقطتين عرضيتين تعملان بين محطتين للمترو ذاته.. حسن إعداد الخريطة وشموليتها جميع نقاط السكن والازدحام.. تخفض في ساعة الذروة إلي الحد الأدني الذي لا يسبب أدني مشكلة للركاب. ** أين نحن من هذه الخريطة.. مع إعلان الهدف نقل 9 ملايين راكب يومياً بمترو الأنفاق.. ونحن نري أمام المحطات تتكدس عربات الميكروباص والرحلات.. ينافسها طابور السيارات الصغيرة "التمن" التي يبحث تخصيصها كأجرة.. وحولها يتخذ جراء التوك توك الذي أصبحت له الكلمة العليا في التعامل مع الركاب.. وانتشر حثيثاً في أماكن لم يكن يتصور أحد الوصول إليها.. بالطبع تحتاج لتنظيم سلوكيات 3 ملايين توك توك.. وباقي المجموعة.. وتحديد موقعها في الخدمة وتسعيرتها.. والأداء الآمن لها.. حتي يتحقق لمترو الأنفاق ما تريده له.. كمرفق راق.. وإنجاز عظيم.