الشباب تركوا الورش واتجهوا للعمل كسائقي تكاتك بحثاً عن المكسب السريع مبررين ذلك بأن العمل في الحرف شاق ومرهق والمكسب ضئيل مقارنة بمكسب التوك توك السريع المريح وعلق الخبراء بأن هذا يعتبر مؤشراً خطيراً لابد أن تنتبه له الدولة ولتحفيز المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر. علي أن تتبني منظومة لإعادة إحياء المهن الحرفية وتحفيز الشباب علي العمل فيها من خلال عمل مظلة تأمين صحي واجتماعي يحمي أصحابها وأسرهم في حالة الوفاة والعجز. في البداية يقول كحلاوي فرج صاحب ورشة بويات السيارات الصنعة هي المصدر الرئيسي لدخلي تعلمتها منذ أن كان عمري 15 سنة في وقت كانت للحرفة قيمة ومكانة في المجتمع. فقد كانت الأسر تحرص علي تعليم أبنائها حرفة حتي يكون له مصدر دخل دائم وفي ذات الوقت كان هناك أصحاب ورش يسعون بشكل حقيقي لتعليم الصبية الصنعة. أما الآن يرفض الشباب العمل بالورش ولا يستطيعون تحمل أعباء ومشقة تعلم المهن ويلهثون وراء المكسب السريع المريح. يضيف عمر سعيد صاحب ورشة ميكانيكا كثير من ورش الصيانة تعاني الركود وذلك بعد اتجاه كبير من مالكي السيارات للتوكيل لإصلاح سياراتهم وقليل جداً من يتوجه للميكانيكي لعمل صيانة وبالتالي فالدخل محدود جداً. وتقاضي الصبي الصغير المتدرب 80 جنيهاً اسبوعياً. والأكبر منه في الخبرة والسن يحصل علي 250 جنيهاً اسبوعياً وهذا المبلغ في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة والغلاء لا يكفي مما يضطر الكثير منهم لترك العمل بالورش والعمل علي توك توك حيث ما يحصل عليه في أسبوع يستطيع توفيره في يومين علي التوك توك الصنايعي الماهر اختفي ولم يعد سوي قلة قليلة من الخبرة القدامي. يشاركه الرأي خالد الحداد وصبري حسين قائلين : وضع الصناعة من سييء لأسوء وكثير من الحرف تندثر بسبب هجرة الشباب للعمل علي التوك توك والميكروباص وفي خدمة التوصيل "دليفري" فلم يعد هناك من يحرص علي تعلم الصنعة والكل يجري بحثاً عن لقمة العيش وعن دخل يكفي أسرته حتي لو كان عملاً وقتياً من الممكن أن يفقده في أي لحظة علي العكس تعلم الصنعة حماية وأمان كما كان يقول أجدادنا في الماضي "اتعلم صنعة تاكل من وراها الشهد". يوسف محمد فني تركيب سيراميك أبحث عن عمال يساعدوني في حمل الآلات والخامات الخاصة بالعمل. فالشباب يرفض العمل في البناء لما يبذل من مجهود ضخم وشاق وكذلك العائد بالنسبة للعامل قليل ولا يكفي ودائماً يطالب الصنايعي بأجرة مضاعفة ولأنني لا أستطيع العمل بمفردي أوافق حتي لو كان علي حساب نفسي المهم أنجز العمل المطلوب مني بالكفاءة المطلوبة وأسلمه في الوقت المحدد. محمد أنور سائق توك توك يقول كنت أعمل في مهنة تركيب الأبواب والشبابيك الألوميتال لمدة 4 سنوات حتي تعلمت الصنعة وكنت أتقاضي 70 جنيهاً يومياً ولكنها كانت لا تكفي احتياجاتي وأسرتي مما جعلني أتركها وأتجه للعمل علي التوك توك حيث أكسب يومياً في الوردية من الساعة 6 صباحاً وحتي 4 عصراً 50 جنيهاً في المتوسط علي حسب الرزق. ويضيف إسلام أشرف سائق توك توك كنت أمتلك محلاً لبيع الطيور وبعد ارتفاع أسعار الدواجن توقفت حركة البيع والشراء بالمحل وأصبح العائد لا يسدد حتي قيمة الإيجار مما جعلني أغلقه واتجه للعمل كسائق للتوك توك الذي أصبح وسيلة مريحة وسهلة ولا تحتاج مشقة أو خبرة ومكسبها معقول جداً. ويؤكد بدوي عاشور سائق كنت أعمل في خراطة المواتير فهي صنعة نادرة ودخلها جيد ولكنها متعبة جداً ودخلها غير دائم علي حسب الرزق كنت أتقاضي 300 جنيه اسبوعياً ولكنني لم أتحمل البقاء فيها وهجرتها للعمل علي التوك توك حيث أحصل علي 150 جنيهاً في اليوم. ويشير علي محمد علي سائق إلي عمله في العديد من الحرف فكنت أعمل كحداد وتركت الورشة لقلة الدخل ثم ذهبت للعمل بمصنع للمواد البلاستيكية بمدينة 6 أكتوبر وكنت أتقاضي 1400 جنيه شهرياً. ولكن الراتب كان يضيع أكثر من نصفه في المصاريف.