لم تنحصر الهجمات علي مصر عبر العصور علي القادمين من الخارج تحت مسميات مختلفة بدءاً من العدو الأشهر منذ عهود الفراعنة والذي أطلق عليه وقتها اسم الهكسوس الذين تصدي لهم القائد المصري أحمس وأخرجهم من البلاد بعد احتلالهم لجزء منها وكذلك لم تنحصر بسهولة موجات المغيرين علي مصر عبر العصور تحت مسميات وأسباب وحيثيات مختلفة ومتعددة الصور والكيفية والمصدر والسبب كما لم تتوقف أطماع حكام الممالك والامبراطوريات السابقة في كنوز مصر وموقعها الأكثر تفرداً علي مستوي الكوكب العجوز. العجيب المتكرر أنه رغم تكرار الانحسار والدحض والطرد والإجلاء للعديد من الجيوش المعتدية سواء بغرض السيطرة أو النهب أو الإذلال أو الاستغلال فإنه لاتزال بل وستظل أطماع الطامعين ومكر الماكرين ووحشية الهمجيين وجحافل المأجورين مستمرة في التصاعد ولديها آمال كبيرة وطموحات براقة في أن يتحقق الحلم الكبير في السيطرة علي مصر أرضاً وشعباً وكنوزاً ولكن هذه الغارات التتارية باختلاف أنواعها منذ عهد الهكسوس لم بل لن تجد لنفسها طريقاً إلي الدخول أو الاستمرار أو الاستقرار علي أرض مصر إلا إذا توفرت لها الأسباب أو المناخ أو الظروف وقبل كل ذلك السوس نعم السوس الذي ساعد علي دخول الهكسوس فلولا السوس لما كان الهكسوس. إني أعلنها صريحة وأري أنه قد حان وقت قبول النصيحة ولنتوقف قليلاً ولنفكر كثيراً في إصلاح البيئة الداخلية والمناخ الثقافي الداخلي بل والخارجي أيضاً فالمصريون في الداخل يتحملون علي عاتقهم صناعة البناء الحديث والمتجدد للثقافة الإنسانية بطعم وعبق الحضارة المصرية الفريدة في مقابل أن يتحمل المصريون في الخارج عبء نشر هذه الثقافة والترويج لمصرية الإنسانية التي تألق بريقها وقت أن قادت مصر العالم بعلومها وقيمها التي لاتزال قوافل المكتشفين تنبهر بما يجدونه مدوناً بأيدي المصريين عنها منذ فجر التاريخ بل ما أطلق عليه فجر الضمير. يا أيها الشعب العريق تذكر أن الضمير الإنساني الذي صاحب تكوين أول دولة ذات قيم وقومية وتفرد في مشاعر الوطنية هو ما يميز وجودك الآن بل ويثير الأحقاد والغيرة وروح المشاغبة والرغبة في هدم آثارك المجيدة فهلا استفاقت حفيظتك وهلا أفقت من استراحتك الحضارية كي يتسني لك إعادة تهيئة مقوماتك الحضارية التي يشكل الرقي الإنساني والتقدم العلمي وجهي عملتها الغالية وهل قررت أيها الشعب اقتناص الفرص الذهبية لعمل نقلة بل طفرة مبهرة تعلن من خلالها عودة الروح إلي الحضارة المصرية لتعيد التفرد في قيادة شعوب الأرض إلي مستقبل أرقي وأفضل من ذلك الذي لم نصنعه بل للأسف تركناه لغيرنا ليرسم خطوطه ويحدد ألوانه وأصبحنا لا نجد إلا هزلاً وترقيعاً لظروف وأنظمة باتت تتوالي كبواتها بفعل فاعل من بين ظهرانينا وأصبحت ثقافتنا في اضمحلال بين وباتت القيم ذكريات نحكيها لأولادنا ولا يرونها وأصبح هكسوس العصر يروننا من حيث لا نراهم ويقذفوننا بكرات من نار سموم ثقافتهم ونتاج معاملهم والأخطر من ذلك أنهم تحولوا إلي ضربنا من الداخل بطرق أسهل بكثير وأقل تكلفة من الهجمات الخارجية ولم يكن لهذا التحول أن ينجح إلا بوجود السوس ومساعدتهم للهكسوس وأصبح الرئيس يعمل أكثر من المرؤوس وداست أقدام التيوس علي الرؤوس وبات الأمل في عودة الحضارة أمر ميئوس بعد أن كثر الصراع علي الفلوس وتخلق الناس بأخلاق المجوس فساد الكساد وشاع العبوس وحارت القلوب والنفوس فلم يتبقي إلا الاستغاثة بالإله الملك القدوس عسي أن يعتبر الناس من كثرة العبر والدروس ويتقبل القدوس من الصالحين من عباده دعوة مخلصة بأن يضرب الهكسوس بالسوس ويخرجنا من بينهم سالمين من كل ما قد علق بنا عبر العصور من النحوس.