عبقري المسرح والسينما في الاربعينيات والخمسينيات يوسف بك وهبي له عبارة مشهورة بتقول "ما الحياة إلا مسرح كبير" وبعد مرور أكثر من نصف قرن أجد من خلال كل ما عاصرته في الحياة انها أي الحياة ما هي إلا فيلم كبير بل كبيير جداً. الجمهور والنقاد والمحللون ينتظرون عرض الفيلم حتي يدلوا برأيهم ويحللوه وينتقدوه ويقيموه ويمكن كمان يعترضوا علي بعض المشاهد.. ولكن.. في النهاية الفيلم اتصور واتمنتج وبيتعرض علي الجماهير اللي هي دلوقتي بتعيش قصته بالامها وجمالياتها والدراما المؤثرة اللي فيها وبالطبع حاتؤثر عليهم المشاهد التراجيدية أكثر من غيرها.. في النهاية الفيلم كتبه مؤلف له وجهة نظر واتصور وفقاً لرؤية مخرجه اللي اختار الفنانين اللي هو شايف أنهم حايعبروا عن رؤيته بالطريقة اللي هو عايزها وشايف انها حتوصل رسالة الفيلم.. بس خلاص. هي دي بالضبط الحالة اللي بتعيشها الجماهير في الوضع الراهن. كلهم قرأوا القصة التي تم الإعلان عنها مسبقاً مش بس كدة دول عرفوا كمان السيناريو مسبقاً والجميع علي علم باحداث القصة بآلامها وأحزانها ومواقفها وما ترمي إليه من الأحلام والأهداف التي يحتاج الجميع إلي تحقيقها والجميل في الموضوع ان الجزء الأول من الفيلم كان خير شاهد علي ذلك وعلي ما ظهر علي الأرض بالفعل من نتائج والأعجب ان الزخم الإعلامي حول الفيلم مكثف بصورة كبيرة جداً واللي ما شافش في الأول شاف بعدين واللي ما عرفش عرف واللي مكانش فاهم المفروض انه فهم وخاصة في ظل ما تنقله وسائل الإعلام عن تصارع الأسود والنمور بل والذئاب علي جثث الدول المتساقطة وتلك التي تترنح وغيرها من التي تصارع حتي الآن من أجل البقاء وفقط البقاء وليس النماء. رغم كل ذلك تتعالي صيحات المحذرين والمستنكرين ويقولون دعونا من فزاعة السقوط وهمجية الوحوش الجائعة والأخري المسلطة وغيرها من المأجورين والأفاعي البشرية. الجميع يعلمون مسبقاً بسيناريو الإصلاح الاقتصادي ومع ذلك تجد ردود أفعالهم كمن فوجئ بما يحدث. أيها السادة ان بناء مجموعةمن الأبراج السكنية وحفر الانفاق للمترو وإعادة سفلتة الشوارع واصلاح مواسير المياه ينتج يومياً الكثير من الازعاج للمارة وللجيران ناهيك عن الأتربة وأصوات الروافع ودق الشواكيش وصيحات العمال الخ ومع ذلك فالجميع يتحمل كي ينتفع بما يتم انجازه فلا شيء في هذا العالم بدون ثمن وخاصة لو كان المطلوب هو البقاء والنماء. فالبقاء يحتاج إلي أمن والنماء يحتاج إلي البناء فلا أمان ولا استقرار الا بالأمن والبناء وهذين العنصرين يعدان من أغلي المقومات لأي حضارة فلا حضارة بدون استقرار ولا نماء ولم يحدث من قبل ان انتجت البشرية حضارة في ظل حروب وصراع وقلق وانهيار وتشرذم بل أقامت الأمم السابقة حضاراتها علي قواعد ثابتة من الأخلاق والأمان العام والاستغناء عن الغير بالعمل المكثف المرهق وصناعة ما يكفي من مقومات استمرار الحياة وتأمين حياة البشر. وتوجيههم نحو الاصطفاف الوطني وتوحيد الهدف ووضوح الرؤية والإيمان بحقهم في الحياة الحرة الكريمة وهنا يمكن ان تظهر بوضوح حقيقة جلية وهي انه لا يمكن للمتذمر ان يبني ولا يصلح المنتقد السلبي والمتصيد للاخطاء لصناعة المستقبل وبالطبع فلن يشارك الكسول في البناء وبالتأكيد فإن اليائيس لا يري أي أهمية لمواجهة التحديات وأيضاً الخائفين والمترددين وغير الواثقين ولا مؤمنين بقدراتهم ليس لديهم أي طاقة تكفي لأن يساهموا في ارتفاع البناء وعبور الصعاب وفي النهاية فإن الواقع يفرض نفسه فلا انجاز لمن ليس له حلم ولا جائزة لمن ليس لديه طموح. لا أدري كم هي عدد المرات التي اقمت فيها الورش والمحاضرات والمؤتمرات وخاصة في مجالات الإعلام والتنمية واذكر منها ورشة مؤتمر الإعلام الاقتصادي العربي الأول عام 2013 وقبله ورشة مقترح برنامج تطوير الإعلام المصري عام 2011 وغيرهم من العديد من المناسبات المهنية والثقافية التي كنت ولازلت ابرز فيها قيمة وضرورة واهمية نشر ثقافة الادارة والاقتصاد وتبني وسائل اعلام الدولة لتنوير المواطنين بالشأن الاقتصادي والحرص علي التثقيف الأفقي لجميع شرائح المجتمع بدءاً من الاطفال والتركيز علي تعريفهم بمقومات مصر الفريدة والحرص علي اشراكهم في تبني انتشار منظومة الأخلاق والقيم والوطنية حتي نجد من يدافع عن جرأة قرارات مواجهة التحديات والصعاب الاقتصادية والأخطر منها الصعوبات الأمنية والدفاع عن الوطن وبقائه واستمرار الحياة علي أراضيه في سلام وأمان حتي يمكننا استكمال مسيرة النماء وقبل ذلك حتي نحقق الغرض من وجودنا علي الأرض وتتحقق فينا وبنا حكمة الخلق واعمار الأرض. أيها السادة مصر كالشمس وان غبات الشمس اظلمت الدنيا وفزع الناس فلنتحمل مثلما تحمل أبطال العبور ولنعبر مثلما عبروا إلي مستقبل نريده جميعاً بلا استثناء وأخيراً وليس آخرا أقول لنفسي ولكم تعب البناء ارحم كثيراً من ألم الفناء.