لأول مرة وبعد أكثر من واحدة من أطول الصراعات المسلحة في العالم علي مدي أكثر من نصف قرن. تعيش كولومبيا أول انتخابات رئاسية دون تهديد السلاح.. حيث عاشت البلاد عقودا تحت تهديد الجماعات المسلحة. بتوقيع اتفاق السلام التاريخي بين الحكومة وحركة "فارك" المسلحة عام 2016 يعتقد الكثيرون أنه سوف يعم الاستقرار في جميع أنحاء البلاد. غير أن ذلك لم يحدث علي ارض الواقع. بعد مرور أكثر من عام ونصف العام وحصول الرئيس الكولومبي خوان سانتوس علي جائزة نوبل للسلام خلال المفاوضات التي تمت مع حركة "فارك" ما زال تحقيق السلام بعيد المنال خاصة ان نزع سلاح الحركة تسبب في اشتعال السباق بين المسلحين والعصابات الإجرامية لخرق هذا الاتفاق. حيث كانوا مستفيدين بصورة كبيرة من وجود " فارك" واستمرار النزاع بينها وبين الحكومة الكولومبية . الانتخابات في كولومبيا والتي ستحدد مستقبل اتفاق السلام يتنافس فيها 6 من المرشحين. من بينهم إيفان دوكي مرشح حزب الجناح الوسطي الديمقراطي. الذي يعد من اشد المعارضين لاتفاق السلام مع "فارك". تشير الكثير من استطلاعات الرأي إلي أنه من المتوقع أن يفوز دوكي في الانتخابات ما قد يشكل تهديدا كبيرا لاتفاق السلام. علي الجانب الآخر فان الحكومة الكولومبية تعمل جاهدة لنجاح اتفاق السلام . فقد وعد الرئيس الكولومبي سانتوس بإغراق المناطق التي كانت تسيطر عليها فارك بالاستثمارات والمشروعات الكبيرة. حيث انه من المفترض أن يصل حجم الإنفاق الحكومي السنوي إلي ثلاثة مليارات دولار علي مدار السنوات الخمس عشرة القادمة لتحسين الصحة والتعليم والبنية التحتية والزراعة في المناطق التي مزقتها الحرب. يزيد من صعوبة الأمر أيضا أن أكثر من 13 ألف مقاتل في القوات المسلحة الثورية لكولومبيا ممن قاموا بتسليم أسلحتهم واعتزلوا الأعمال الإجرامية. تم تجنيدهم في سن مبكرة للغاية. ولذلك فان مهارتهم الرئيسية هي القتال. وهو الأمر الذي من الممكن أن يؤدي بهم إلي الانزلاق مرة أخري إلي العنف. خاصة وأن مرتباتهم تفوق قدرات الحكومة علي الوفاء بها نتيجة للظروف الاقتصادية. كما جاء أيضا فشل المجلس التشريعي في تمرير العديد من القوانين اللازمة للحفاظ علي الوعود التي قطعتها الحكومة في الاتفاق ليبرهن علي أن اتفاق السلام مع فارك لم يكن سوي حل مؤقت. ورغم كل المشاكل التي تعاني منها كولومبيا في الداخل الا أن هناك أزمة كبيرة عابرة للحدود. حيث تشير الأرقام الرسمية إلي أن أكثر من 660 ألف مواطن فنزويلي عبروا الحدود إلي كولومبيا ويعيشون فيها بشكل غير مستقر. ويعتقد البعض أن العدد الحقيقي أكثر من مليون هربوا من الفوضي السياسية والاقتصادية في وطنهم تحت الحكم الاستبدادي للرئيس نيكولاس مادورو. في دراسة استقصائية حديثة. تبين أن أكثر من 50% من الكولومبيين يخشون أن تصبح بلادهم في المستقبل في وضع مشابه لوضع فنزويلا وتتعاظم مخاوف مؤيدي تحالف أوريبي- دوكيه في حال فوز خصمهم غوستافو بترو في الانتخابات من أن تبدأ كولومبيا بالانحدار لتصبح "فنزويلا ثانية".