في أول انتخابات رئاسية منذ التوقيع على اتفاقية السلام في عام 2016 مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك)، سيحدد الناخبون الكولومبيون اليوم (الأحد)، الشخصية التي ستتولى مقاليد أمور بلادهم خلفا للرئيس خوان مانويل سانتوس، الذي سيغادر السلطة في السابع من شهر أغسطس القادم، وقانونيا لا يستطيع الترشح مجددا بعد ولايتين متتاليتين . خوان مانويل سانتوس البالغ من العمر 67 سنة، كان قد انتخب رئيسا للبلاد فى عام 2010، وأعيد انتخابه لولاية ثانية في عام 2014 ، وحاز على جائزة نوبل للسلام فى عام 2016 لإنهائه صراعا استمر فى كولومبيا أكثر من 5 عقود، حيث أنهت اتفاقية السلام الموقعة في نوفمبر عام 2016، صراعا دام 52 سنة بين الحكومة والقوات المسلحة الثورية لكولومبيا، والتي قام نحو 7000 من مقاتليها بتسليم أسلحتهم، حيث تضمن اتفاق السلام الذي وقعه أن تشغل الفارك عشرة مقاعد في البرلمان المقبل الذي يتألف من 280 مقعدا، بعدما أصبح اسمها "القوة البديلة الثورية المشتركة. وقد أدى الصراع - الذي تورط فيه العديد من الجماعات اليسارية والجيش والجماعات شبه العسكرية اليمينية - إلى مقتل 220 ألف شخص على الأقل وتشريد 7 ملايين شخص. وكان مانويل سانتوس يأمل فى التوصل الى "سلام كامل" آخر عبر توقيع اتفاق سلام ثان مع الجماعة اليسارية الثورية الأخرى "جيش التحرير الوطني"، والتي طبقت وقفا لإطلاق النار من جانب واحد، إلا أن المفاوضات جمدت في شهر فبراير الماضى بعد سلسلة هجمات 0 ومن المتنافسين في الانتخابات الرئاسية الكولومبية، جوستاف بترو، رئيس بلدية بوجوتا السابق، والعضو السابق في مجموعة المتمردين وينظر إليه باعتباره المرشح الوحيد القادر على الوصول إلى الجولة الثانية، وقد اقترح سياسات مثل مصادرة العقارات الكبيرة، واستبدال عائدات النفط بتلك التي تحظى بها صادرات الأفوكادو، ويرى كثيرون أن صعوده يعتبر رمزا لانتقال كولومبيا من حقبة الصراع المسلح إلى حقبة الديمقراطية القائمة على تعدد الأحزاب. وإيفان دوكيه، من وسط الحزب الديمقراطي، المتقدم في الاستطلاعات خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث حظي بتأييد بين 35 و41 فى المائة من الأصوات ، بالإضافة إلى أن ائتلافه مقرب من قبل الرئيس السابق الفارو اوريبي، المعارض الرئيس لاتفاقية السلام. والمرشح الثالث هو سيرجيو فاجاردو من الائتلاف الكولومبي من اليسار المعتدل، وهو عمدة سابق لميدلين وحاكم الولاية. وجيرمان فارجاس إيارس، نائب الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس من عام 2014 إلى عام 2017 ، بالإضافة إلى همبرتو دي لا كاليه، وهو كبير المفاوضين في الحكومة في المفاوضات مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية والتي أدت إلى اتفاق السلام. وبحسب استطلاعات الرأي فإن المنافسة باتت محصورة بشكل أساسي بين اليساري جوستافو بترو واليميني إيفان دوكيه، حيث أعلن المرشح اليساري جوستافو بيترو الذي احتل المركز الثاني في استطلاعات الرأي، إنه سيعدل السياسة الاقتصادية لكولومبيا، ويعيد توزيع الثروة من الأغنياء للفقراء، وجاء خلفهما في استطلاعات الرأى مرشح الوسط سيرجيو فاجاردو والنائب السابق للرئيس جيرمان فارجاس الذي يحظى بدعم سانتوس. وإذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50 في المائة من الأصوات، سيخوض المرشحان اللذان تصدرا القائمة في الجولة الأولى جولة إعادة في 17 يونيو المقبل، وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه من المرجح أن تقود الجولة الأولى لجولة ثانية بين جوستافو بترو اليساري وإيفان دوكيه اليميني. وفي دراسة استقصائية حديثة، تبين أن أكثر من 50 في المائة من الكولومبيين يخشون أن تصبح بلادهم "في المستقبل في وضع مشابه لوضع فنزويلا"، وتتعاظم مخاوف مؤيدي تحالف أوريبي - دوكيه في حال فوز خصمهم بترو في الانتخابات من أن تبدأ كولومبيا الواقعة في الجزء الشمالي الغربي من قارة أمريكا الجنوبية، وتعد ثالث أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية، بالانحدار لتصبح "فنزويلا ثانية". وتثير الانتخابات التى سيدلى فيها الناخبون بأصواتهم اليوم انقساما عميقا في البلاد، ومخاوف من احتمال أن يقوض الفائز فيها اتفاقية السلام الهش مع الفارك، حيث يعتمد بقاءها على نتيجة الانتخابات بشكل كبير، أوأن يعطل النموذج الاقتصادي المؤيد لقطاع الأعمال في البلاد، حيث تعهد أبرز المرشحين اليميني إيفان دوكيه بتغيير بنود اتفاقية السلام وسجن المتمردين السابقين بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وكانت جبهة القوات المسلحة الثورية "فارك" السابقة في كولومبيا ، التي هي الآن حزب سياسي ، قد اتهمت يوم الأربعاء الماضى ، الحكومة الكولومبية بعدم الامتثال لاتفاق السلام لعام 2016، محذرة من أن مستقبل البلاد على المحك، وذكرت في بيان لها " من جانب الحكومة والدولة الكولومبية لم نتلق أفضل الإشارات التي تفيد بأن الاتفاقية يتم الوفاء بها، مشيرة إلى أن الكونجرس والمحكمة الدستورية والمراسيم الرئاسية غيرت "جوهر" الاتفاق، وأن إعادة دمج مقاتلي "القوات المسلحة الثورية لكولومبيا" في الحياة المدنية تتقدم بشكل ضعيف، كما انتقدت اعتقال أحد زعمائها مؤخرا.