لماذا ارتبط المتفرج بهذا العمل بشكل حقيقي بعيدا عن الدعاية الكاذبة والمفبركة.. ولماذا يتحمس الناقد المتخصص لهذا العمل ويعتبره "حالة".. رغم ان الموضوع تقليدي جدا.. وعندما تراه لأول مرة حتي من عنوانه يتبادر إلي ذهنك علي الفور.. الفيلم الخالد "أم العروسة"؟ أسئلة عديدة تجعلنا ننظر إلي مسلسل "أبوالعروسة" نظرة تقدير خاصة.. أولها انه يأتي وسط عدد كبير من المسلسلات قالت انها اجتماعية وانها عائلية.. وهي من الكاذبين.. بل هي مدمرة وقاتلة عمدا مع سبق الإصرار.. وأقربها إلي ذلك مسلسل "سابع جار" وثاني هذه الأسباب أنك أمام مؤلف واحد.. تجانس عمله وتناغم.. فهو أقرب إلي الشغل اليدوي المتقن مقارنة.. بالشغل الآلي.. واقصد هنا ما نراه من خلال ما يسمي بورش الكتابة.. والفارق بين الابداع الفردي والورش.. في الأولي قد يكون إنتاجها من القطن.. وفي الثانية هي مجموعة "قصاقيص" حتة حرير علي حتة دبلان علي حتة رمش عين.. وهي أشبه بالسجادة الدمياطي البلدي. ثالث الأسباب أننا أمام عمل يطرح الفكرة القديمة بمفهوم جديد فيه وعي.. وبدون "فذلكة".. وبعيدا عن أساليب الاثارة والصوت العالي. رابع الأسباب ان فريق العمل تم اختياره بعناية.. وكذلك أماكن التصوير.. والبيت القديم في مصر الجديدة.. يعني الكثير لمن أراد أن يفتش بين السطور. خامس الأسباب.. أننا أمام ممثل طبيعي بدون مواد حافظه اسمه "سيد رجب" تواجه فنانة من نفس الطراز.. هي "سوسن بدر" تقدم الكوميديا بكل جد.. بعيدا عن الاستظراف الماسخ.. إلي جانب وجود الأكابر أحمد صيام ونيرمين الفقي وصفاء الطوخي ومدحت صالح.. مع مجموعة شباب أخذ الموضوع علي محمل الجد ولاء الشريف ومحمد عادل ومحمد حاتم ومحمد حجازي الذي نجح أخيرا أن يفلت من أدوار "الصياعة" وعليه أن يمسك بالفرصة بيده وأسنانه. سادس الأسباب: وجود اسم زميلي الكاتب الصحفي يسري الفخراني مشرفا علي المحتوي الدرامي.. ورغم ان تجاربه في هذا الميدان غير واضحة أو غير موجودة.. لكن أمام هذا العمل ينبغي الإشارة إليه من باب الانصاف.. حتي لو كان الاشراف مجرد متابعة أو رأي من بعيد لبعيد. وقد يقول البعض لماذا تدافع عن هذا المسلسل وفيه خيانة وعلاقات غير طبيعية ونزوات أب وأم وهما تحت سقف واحد؟ وهنا يجب أن نوضح الفارق بين أن تتناول النماذج السلبية في عمل فني وتكشف عيوبها.. وبين ان تقدمها في اطار لامع وجذاب وتجد المبررات لسقوطها.. ولا تظهر لنا علي الجانب الآخر.. النماذج الجيدة.. محققا بذلك عملية التوازن الدرامي بين الأبيض والأسود.. وهو ما يخلق الصراع ويحقق التشويق.. والمؤلف رغم رسمه لمعظم الشخصيات بعناية وتنوعها.. الا انه افتقد الربط المحكم بين بعضها البعض وبما يصب في المجري الرئيسي للحدث.. وخاصة ان العنوان يحكمه "أبوالعروسة" أي ان الموضوع الرئيسي زواج ابنة الأستاذ عبدالحميد ودخوله في تفاريع أخري بقصة حب شفيق عبدالحميد مع امرأة مطلقة.. ثم علاقة رانيا فريد شوقي "نيرة" الملتهبة مع زوجها الخائن وتبادلها الخيانة مع عشيقها علي.. الذي نري أخته في علاقة مع شاب بينما اخر يطاردها.. ويكاد يموت من أجلها.. ثم علاقة ابن عبدالحميد مع من يحبها.. ثم حكاية أخت عايدة "سوسن بدر" مع زوجها مدحت صالح.. وهما غرباء تحت سقف واحد والجديد هنا ان الابنة تحاول الإصلاح بينهما وهو خط جيد.. ثم ملاك "خالد كمال" زميل عبدالحميد وعلاقته مع خطيبته.. ووقوع أخته المسيحية في حب شاب مسلم. كل هذه الخطوط.. قريبة ومتشابهه ويمكن الاستغناء عن الكثير منها.. والاكتفاء بخط واحد بشرط أن يكون له تأثيره في الخط الرئيسي "زواج ابنة عبدالحميد".. والمؤلف هنا افتقد خبرة التركيز علي الموضوع الأساسي.. وله تفاريعه.. لكنه علي ما يبدو أراد أن يتحرك بحريته من خلال تعدد الشخصيات وهو أمر أدي إلي هبوط الايقاع والتطويل في بعض المشاهد ربما لإرضاء الممثل خاصة ان العمل يضم عددا من المشاهير.. لكن يحسب له الجو الحميم الذي رسمه بطريقة هادئة.. وما أحوج البيوت المفككة الملتهبة إلي فن.. يعطيها طاقة إيجابية.. ويأخذ بيدها نحو الأفضل والأجمل بدون وعظ مباشر أو خطابه. وهنا يأتي اختيار سيد رجب وسوسن بدر.. مسألة موافقة ومهمة للغاية.. فهما من نوعية أسطوات التمثيل فقط اكتب لهما بطريقة عميقة وستأخذ منهما ما يدهشك ويدهش الناس طبعا مع العناصر الفنية الأخري.. وعلي رأسها المخرج كمال منصور الذي يقدم المسلسل بصورة بسيطة تتناسب مع الجو الاجتماعي.. بدون استعراض عضلاته. "طقم سلامات وتحيات" ..سيد رجب.. أن تأتي متأخراً علي هذا النحو من النضج والفخامة أفضل من أن تأتي بدري وتحرق أوراقك بدري.. ونصيحتي.. اياك وسكة "بيومي افندي" لان وجهك رأس مالك. .. سوسن بدر.. حدوته مصرية تعود بنا إلي عصر الاكابر. ..مدحت صالح.. بتعرف تمثل يا مطرب..وفي هذا الدور بالذات.. المنطقة منطقتك يا دوحة!! .. نيرمين الفقي..دور صغير لكن الحضور المبهر يجعله كبيراً. ..رانيا فريد شوقي.. صفاء الطوخي.. أحمد صيام..أساتذة من أراد ان يتعلم كيف يمثل لنا وليس علينا. ..ولاء الشريف..محمد عادل..محمد حاتم.. خالد كمال.. أحمد عبدالله محمود.. محمد السعدني.. حافظوا علي هذا الأداء الطبيعي بدون ألوان صناعية أو مواد حافظة. ..محمد حجازي أخيرا هربت من أدوار الصياعة..ومعك أماني كمال.. والحلوة كارولين عزمي. .. فريق الإنتاج.. ليس بالهلس وحده يأتي الفلوس والأرباح والانتشار..والدليل علي ذلك نجاحكم المقترن بالاحترام والقبول تعبنا من الخواجات الذين يريدونها علي اللحم والفحم!!