** ربما تكون هذه هي المرة الأولي في التاريخ التي يتم فيها القبض علي محافظ وهو في السلطة بمصر.. والمؤكد ان في هذا الأمر رسالة واضحة للكافة بأن النظام لا يحمي الفساد وليست لديه فواتير لأحد وبالتالي كانت هناك إرادة سياسية بتعقب الفاسدين بغض النظر عن أسمائهم ومناصبهم. ** تلك الرسالة التي حملتها قضية القبض علي محافظ المنوفية لا تقبل أي شك أو تأويل لاسيما أنها جاءت ليلة زيارة رئاسية مهمة جدا لمدينة السادات التي سقط فيها.. متلبسا بتقاضي رشوة مليوني جنيه من رجل أعمال مقابل تسهيل الاستيلاء علي أراضي الدولة بالمحافظة. ** بالقطع كان المحافظ يحلم بتلك الليلة كي يجلس في الصباح بالقرب من فخامة الرئيس لافتتاح المشروعات الجديدة. لكن القدر لم يمهله وتصدر المشهد الإعلامي في مصر كلها بفضيحة من العيار الثقيل. حيث وجد نفسه في قبضة ضباط الرقابة الإدارية وفي طريقه للنيابة لمواجهته بملفات فساد كثيرة. ** بالقطع المغزي والمعني من القبض علي محافظ المنوفية وهو في السلطة قد وصل لسائر المحافظين والمسئولين بالمحافظات. وبات الكل يدرك تماما بأنه لا أحد فوق المساءلة والجميع أمام القانون سواء وهذا هو الفارق بين تلك المرحلة والمراحل السابقة. فقد كان الفساد في فترة "ما" علي مرأي ومسمع من الجميع. بل كان أسلوب ونهج مرحلة بالكامل اختلط فيها رأس المال بالسلطة في زواج غير شرعي. أثار حفيظة ملايين المصريين حينذاك. لكن اليوم لدينا إرادة سياسية حقيقية في مكافحة الفساد لاقتلاعه من جذوره. والأمثلة واضحة للكافة. فقد سبق سقوط محافظ المنوفية ضبط وزير الزراعة الأسبق جهارا نهارا في ميدان التحرير ومن بعده نائب محافظ الإسكندرية وأمين عام مجلس الدولة. وغيرهم وغيرهم من الشخصيات العامة حتي أصبحنا لا يكاد يمر يوم دون أن نقرأ أو نشاهد سقوط عدد كبير من المسئولين بسائر المحافظات والوزارات والهيئات المختلفة ليتأكد للجميع بأن النظام لا يتستر علي فاسد. ولم تعد هناك حصانة للكبار ولم يعد مسموحا لهم بارتكاب أي فساد مهما كان حجمهم أو وزنهم بل ان فكرة ترك الفاسد حتي يرحل علي المعاش أو حتي يكتب استقالته كي تتم مساءلته لم تعد قائمة. وأصبح هناك ضوء أخضر من قبل القيادة السياسية بضبط الفاسدين حتي لو كانوا علي رأس العمل ولا شك أن هذا التطور النوعي يجعلنا نشعر بأن مصر فعلا بتتغير.