اخيرا اتخذت الحكومة خطوة مهمة لإستثمار أصول الدولة غير المستغلة بوضع قاعدة بيانات لها والتي يقدر عددها طبقا لاحصاءات اللجنة الحكومية التي إجتمعت الثلاثاء الماضي بحوالي 4140 أصلاً تابعاً لعدد من الوزارات والهيئات الحكومية والمحافظات ومنتشرة في القري والأحياء والمدن. ويوجد معظمها في مواقع متميزه ولكن الغبار يغطيها منذ سنوات وخيوط العنكبوت تلفها من الداخل. ورغم عدم وجود إحصائية دقيقة حول قيمة هذه الأصول غير المستغلة. إلا أن الخبراء يقدرونها في حدودها الأدني بأكثر من 3 تريليونات جنيه. ويكفي أن نعلم أن الخبراء يقدرون القيمة الإجمالية لأصول قطاع الأعمال العام غير المستغلة وحده پبحوالي 2.5 تريليون جنيه. تشمل أراضي ومبان وخطوط إنتاج ومعدات وماكينات متوقفة. ومخازن ومباني وعنابر مغلقة. ويكفي أن نعلم أيضا أن قيمةپ أراضي وعقاراتپ هيئة الأوقاف المصرية تقدر ب550 مليار جنيه . موزعة طبقا لاحصائيات الدكتور أحمد عبد الحافظ. رئيس مجلس إدارة الهيئة إلي 450 پمليار جنيه أراض. ومليار جنيه عقارات وشقق . وأكثر من نصف هذه الأصول غير المستغلة أو مستغلة بطريقة غير اقتصادية. ولكن الخطوة الأهم من وجهة نظري تتمثل في كيفية الاستثمار الأمثل لتلك الأصول غير المستغلة وتحويلها إلي ركيزة صلبة لإصلاح الاقتصاد المصري بالاعتماد علي مواردنا المتاحة وهي كبيرة دون اللجوء للاقتراض من الخارج . وبالخبرات المصرية المتراكمة دون الاستعانة ببيوت الخبرة الأجنبية التي تجهل الواقع المصري . فهل من المعقول أن المصريين وهم من أقدم الشعوب التي عرفت صناعة النسيج منذ 5000 عام قبل الميلاد وتوضح الرسومات الفرعونية القديمة استخدام قدماء المصريين لآلة تشبه النول. ثم تستعين الحكومة بمكتب أمريكي لتطوير صناعة الغزل والنسيج. وأشد ما أخشاه أن يتسلل أنصارالحلول السهلة إلي اللجان المختصة ويشاركوا في صنع قرارات متعجلة ببيعها. وتتحول تلك الأصول الحكومية الكبيرة غير المستغلة إلي فريسة سهلة جديدة تلتهمها مافيا الخصخصة وبالقانون كما التهمت أصولاً حيوية من القطاع العام من قبل . عندها لن تكفي الحصيلة المالية من بيعها إلا لسداد ديونها المتراكمة . وتضيع تلك الأصول دون ان تتحرك عجلة الإنتاج خطوة للأمام. پوأتفق مع رؤية الخبير الاقتصادي المخلص عبد الفتاح الجبالي الذي يطالب بإنشاء كيان مستقل يمثل الدولة وعلي أسس علمية مالية واقتصادية صحيحة. ويعمل هذا الكيان المستقل علي أساس أنه شركة تهدف إلي تعظيم العائد علي الأصول المملوكة للدولة. وله الحق في القيام بجميع الأعمال التي تؤدي لتحقيق ذلك من عمليات دمج واستحواذ وبيع وضخ استثمارات جديدة. علي أن يكون هذا الكيان هو الذراع الاستثمارية للدولة . وفكرة تأسيس الكيان المستقل لإدارة الأصول غير المستغلة ليست جديدة فقد طرحها للمرة الأولي وزير الاستثمار الأسبق محمود محيي الدين عام 2009 . وأعاد طرحها وزير المالية الاسبق سمير رضوان عام 2011 . ودخلت الفكرة دائرة التنفيذ الفعلي عام 2015 بإعلان وزير التخطيط السابق أشرف العربي إنشاء صندوق الاستثمار السيادي باسم " أملاك" سيبدأ برأسمال قدره خمسة مليارات جنيه. اعتبارا من موازنة السنة المالية القادمة 2015-2016 ليكون الذراع الاستثمارية للدولة. ولكننا فوجئنا بتراجع الحكومة نهائيا عن المشروع بإعلان الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري الحالية سحبها مشروع قانون إنشاء صندوق "أملاك" لإجراء دراسات جديدة توضح الآليات الناحجة التي اتبعتها الدول للاستفادة من أصولها غير المستغلة. ولا يُشترط أن تكون النتيجة النهائية لتلك الدراسات تأسيس صندوق سيادي . فضروريات الإصلاح الإقتصادي لتخفيف الأعباء عن الشعب المصري تتطلب الإسراع في خطوات الإستثمار المجدي لتلك الاصول غير المستغلة فهل تفعلها الحكومة؟.