توجعت القاهرة بما يكفي ويزيد.. وتخطت آلامها منتهي الشدة والقسوة.. وبلغت معاناتها الدرجات القصوي.. بعد أن تباعدت عنها يد العناية والرعاية. بينما امتدت أيادي التقصير والتشويه إلي كافة أركانها. ومعظم أماكنها.. لتفقد البريق ويتناقص الجمال.. وهي التي كانت يوماً نموذجاً للتحضر.. ورمزاً للتقدم. ومثالاً للنظام والالتزام. لم تعد القاهرة.. منذ أن هاجمها التكدس والازدحام.. وسيطر علي شوارعها الفوضي والتسيب.. واحتل ميادينها الباعة الجائلون. وشغل أرصفتها السيارات والأكشاك بلا قواعد.. ودون تنظيم.. واعتدي علي حرمة نيلها المستغلون والبلطجية وأصحاب النفوذ. تراجعت أناقتها.. بعد أن تحولت شوارعها إلي ساحات انتظار ليتحكم فيها "البلطجية".. يفرضون الإتاوات علي أصحاب السيارات.. شعارهم "الدفع.. يا تخريب السيارة".. وامتدت الهيمنة إلي المدن الجديدة.. مستغلين مساحات منها كساحات عشوائية.. خاصة أمام المولات والمساجد. وأماكن التسوق. الحركة بالشوارع فقدت انسيابها.. لأن "إمبراطورية الميكروباص" تفعل ما تراه بلا حسيب أو رقيب.. السائقون يكسرون الإشارات.. يقفون في الممنوع.. يقودون بلا رخصة.. يتحرشون بالركاب.. يفرضون التسعيرة التي ترضي جشعهم.. وقد ازداد الطين بلة.. بعد أن انضم إليهم.. "عالم التوك توك".. والحديث عنه طويل.. لكن يكفي أنه يسير في شوارع القاهرة طبقاً لقانونه الخاص.. محققاً مكاسب وإيرادات لا يدفع عنها أي ضريبة!! اختفت نظافتها.. لسوء سلوك بعض السكان.. وعدم الالتزام بالقواعد والأصول.. إلي جانب تقاعس وإهمال الشركات المسئولة عن جمع القمامة. وتطهير الشوارع من الحشرات والميكروبات. والحيوانات الضالة.. وغياب الرقابة والمحاسبة مع المسئولين المعنيين!! تناقص تحضرها.. بعد أن ارتفعت العمارات المخالفة دون ترخيص وبلا رقابة. وانتشرت العشوائية في معظم الأحياء.. واحتلت السيارات التي فاقت السعة أغلب الطرق الرئيسية والشوارع الجانبية.. وانتهك الكثيرون من قائدي السيارات الإشارات الإلكترونية.. وافترشت مقاعد المقاهي والكافيتريات منتصف الطريق.. بلا وازع من ضمير. ما أكثر مشاكل القاهرة وأمراضها.. التي تحتاج إلي تدخل سريع. وعلاج عاجل!!.. لاسيما أن هناك عاصمة إدارية جديدة سوف تستأنف نشاطها قريباً. وعلي أحدث مستوي من التطور والتحديث.. مما يخفف الضغط ويرفع الحمل عن القاهرة.. ويمنح الفرصة أمام المسئولين لوضع خطة مدروسة تزيح عن "القاهرة" العشوائية.. وتبعد عنها الفوضي.. وتحميها من المستغلين والبلطجية.. خطة تعتمد علي أكفاء.. لديهم ملكة القيادة وحُسن السمعة. وصحوة الضمير.. ويملكون العلم والمهارة.. والحسم والصرامة.. والعطاء اللامحدود.. لكي يعود للمدينة وجهها الحضاري.. وبريقها الجمالي.. وتصبح بحق.. عاصمة "أم الدنيا".