كلما اقتربت الانتخابات الرئاسية في مصر ازدادت وتيرة التآمر واشتدت ضراوة الأحداث الإرهابية بهدف تعكير وتسميم الأجواء وتصدير الفتن والفوضي للإيحاء زورًا وبهتانًا بتراجع الاستقرار السياسي في مصر والتشكيك في حقيقة استعادتها لمكانها ومكانتها ودورها في الإقليم والعالم . ناهيك عن تعطيل مشروعات البناء والتعمير وعرقلة النجاح الاقتصادي الذي تعكسه شهادات المؤسسات الدولية المعنية .. الأمر الذي يجعل تغيير قواعد الاشتباك مع الإرهاب وداعميه والمحرضين عليه ضرورة لا يصح أن تتراجع عنها مؤسسات الدولة والمجتمع كافة وليس الحكومة أو الجيش والشرطة وحدهم . لا يريد المتآمرون أن تقف مصر علي قدميها أو أن تستعيد الدولة هيبتها في أعين مواطنيها أو في أعين الخارج. ومن ثم لا أستغرب ما تفعله منظمات حقوقية أجنبية مثل ¢هيومان رايتس ووتش¢ من إصدار تقارير مشبوهة هدفها تشويه صورة مصر وسمعتها في المحافل الدولية وهو ما وجد صداه مثلاً في إقدام الكونجرس الأمريكي علي خطوه معادية بتقليص حجم المساعدات الأمريكية للقاهرة خروجًا علي المعايير والتقاليد الحاكمة لعلاقات بين البلدين. ولا نعجب أيضًا من تصاعد الحملة الشرسة ضد مصر علي صفحات التواصل الاجتماعي للغرض ذاته» سواء علي يد الكتائب الإلكترونية للجماعة الإرهابية أو علي يد بعض النخبة التي لا تدرك الفرق بين أن تعارض وتقول رأيك بموضوعية في إطار ممارسة حقك الدستوري وبين أن تتماهي مع أعداء وطنك وتردد نفس ما يقولون دون أن تدري أنك تقدم لهم خدمة علي طبق من ذهب . بدعمك لمواقفهم وافتراءاتهم ومزاعمهم وأباطيلهم .. فارق كبير بين التنبيه إلي السلبيات ومحاربة الفساد وبين التحريض ضد بلدك وإعمال القتل في جنود جيشه وشرطته والتخريب الذي لا يصب إلا في صالح العدو المتربص بنا جميعًا لا فرق عنده بين مؤيد ومعارض . وظني أن شعب مصر لن يقف مكتوف الأيدي إزاء ما يجري مهما يتعرض لمتاعب اقتصادية أو صعوبات حياتية. فهو يدرك بفطرته من يريد صالحه ومن يسعي لهدم دولته وتشريد بني وطنه .. ولقد قالها الرئيس السيسي بوضوح لا لبس فيه منذ تولي زمام الأمور أن ليس هناك شيء اسمه النظام بل هناك الدولة في دلالة لا تخلو من مغزي أن عصر النظام الفرد المستبد قد انتهي بلا رجعة. وأنه لا عودة إلي شخصنة المناصب وذوبان أو اختزال المؤسسات في شخوص من يتولون أمورها .. لكن يبقي السؤال : كيف يكون الشعب موجهًا وقائدًا ومؤثرًا بينما هناك من يتآمر عليه من نخبته التي صارت وبالاً علي الأمة . بخوضها في سجالات لا تهم السواد الأعظم من المجتمع. تغريها المصالح الضيقة وتهيمن علي عقولها أجندات خاصة . وتنشغل بأمور فرعية عن قضايا مصيرية هي أوجب واجبات الوقت. ولا يدري هذا الفصيل المغرض من النخبة أنه يقدم مع البعض منظمات حقوق الإنسان المحلية ذرائع تتلقفها دول أجنبية ومنظمات خارجية معادية للنيل من مصر ورئيسها ..ولعل آخر هذه الافتراءات والأكاذيب ما حواه تقرير منظمة ¢هيومان رايتس ووتش¢ صنيعة المخابرات الأمريكية . وقد دأبت تلك المنظمة ¢ المسيَّسة علي التشكيك في كل سيء حتي في أحكام قضائنا النزيه . والطعن في جهاز الشرطة واتهامه بممارسة تعذيب ممنهج . وللأسف لم نسمع صوتًا لمنظمات حقوق الإنسان المصرية ولا للنخبة . ولم نجد من يتصدي لذلك الإفك المفتَري بالبرهان والحجج. ويفند مثل هذه الأراجيف ونسي هؤلاء المتخاذلون عن نصرة الدولة أننا في حرب ضد الإرهاب وأن الوطن عندما يتعرض لخطر حقيقي فلا شيء يتقدم علي درء هذا الخطر.. ولا نقول ما قاله رئيس وزراء بريطانيا ¢إذا تعرض أمن إنجلترا للخطر فلا تحدثوني عن حقوق الإنسان¢.. ولا نفعل ما فعله رئيس فرنسا عندما تعرضت بلاده لخطر الإرهاب بإعلان حالة الطوارئ وتشديد القبضة الأمنية وتوسيع دائرة الاشتباه والتحري .. فهل نسي هؤلاء المحرضون ضد الدولة ما تفعله قطر والإخوان ومن ورائهما تركيا رعاة الإرهاب الذين كلما حققت مصر نجاحات أمنية واستقرارًا سياسيًا ثارت حفيظتهم وعمدوا إلي خططهم الجهنمية الشيطانية الإرهابية وزادوا جرعات المال واللوجيستيات وتجنيد عملاء جدد في الداخل والخارج لإعادة تغيير قواعد لعبة الإرهاب من جديد .. يعاونهم حملات منظمة تتولاها منظمات حقوقية دولية تصدر بيانات مغلوطة وتروج وقائع ملفقة تتلقفها وسائل إعلام عالمية مناهضة لمصر منذ 30 يونيو . وهو ما يردده للأسف بعض غلاة القادة من الغرب الذين يستقون معلوماتهم من قنوات الشر التي لا هم لها إلا اختلاق الكذب ونشر الشائعات عن مصر ورئيسها لممارسة الابتزاز السياسي والضغط بهدف إعادة دمج الإخوان في العملية السياسية بمصر وغيرها من الدول العربية الرافضة لأفكار الجماعة ومسعاها الخبيث وهو رفض لا تتبناه الحكومات والأنظمة فحسب بل يصدر عن الشعوب التي لفظت هذا الفصيل المتبني للعنف ولأفكار التطرف والإرهاب.. والسؤال : أين الحقوقيون وقادة المجتمع المدني مما تروجه الأطراف الضاغطة علي مصر . الكارهة لاستقرارها وعودتها لممارسة دورها المحتوم.. لماذا تقاعست منظمات حقوق الإنسان المحلية. وفي صدارتها المجلس القومي لحقوق الإنسان عن تبني حملة تفنيد مضادة لما تروجه تلك المنظمات .. لماذا لم تقدم للعالم كله وللغرب خاصة سجلاً موثقًا بجرائم الإرهاب ضد مصر .. ولماذا لا تعامل الغرب ولاسيما أمريكا بالمثل فتفضح ما يقع هناك من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أم أنها لا تريد إغضاب الممولين. ولا العدول عن تنفيذ أجنداتهم ومآربهم في مصر .. لماذا لم ترد تلك المنظمات المحلية رافضة تضخيم ما يجري في مصر . وتسييس ورقة حقوق الإنسان . ومساواة الجناة بالضحايا .. كما تفعل هيومان رايتس ووتش التي اتخذت من ¢ حقوق الإنسان ¢ ورقة ابتزاز بتركيزها علي الحقوق السياسية وإغفالها المتعمد للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية رغم أهمية الأخيرة في ظل ما يعانيه المواطن من غلاء وتراجع في القوة الشرائية للجنيه أمام العملات الأجنبية .. لماذا تهتم بحقوق الإرهابيين المجرمين أكثر من اهتمامها بحقوق الضحايا من شهداء الجيش والشرطة ومصابيهما ..؟! لقد تزامن التقرير الأخير ل¢هيومان رايتس ووتش¢ عن مصر مع قرار الكونجرس الأمريكي بتقليص المساعدات الأمريكية إليها وهو تزامن يفضح الهوي السياسي ل¢هيومان رايتس¢ وخلطها للأوراق ومتاجرتها بقضية الحقوق والحريات .. وهو أمر مفهوم لكن ما ليس مقبولاً أن تحذو المنظمات الحقوقية المحلية حذوها وتردد نفس أباطيلها دون رويَّة. وكان حريًا بها و ب ¢القومي لحقوق الإنسان¢ أن ترد عليها وأن تنفتح علي العالم بإطلاق منصة إلكترونية بلغات أجنبية تدحض تلك المزاعم وتوضح الحقائق بشفافية ومهنية حتي لا تتخذ ذريعة للنيل من مصر.. الأمر الذي يحتم ضرورة الإسراع بإصدار التشكيل الجديد للمجلس القومي لحقوق الإنسان. لاسيما بعد موافقة البرلمان علي القانون الخاص به والذي يقضي بأن يضم تشكيله شخصيات مرموقة ذات كفاءة ومهنية وخبرات قانونية وحقوقية واجتماعية وسياسية عالية. وأن توضع له استراتيجية جديدة تؤهله للتواصل الفعال مع المنظمات الأجنبية حتي نتفادي سلبية الإغراق في المحلية وضعف التأثير في الرأي العام العالمي. ونتحول إلي مخاطبته بلغة يفهمها ويقتنع بها .. وحسنًا فعلت الهيئة الوطنية للصحافة في اجتماعها الطارئ لبحث سبل الرد علي تقرير ¢هيومان رايتس ووتش¢ . والانفتاح علي وسائل الإعلام العالمية وتفعيل دور الصحافة القومية الصادرة بلغات أجنبية .. وحسنًا ما تم الاتفاق عليه بضرورة الرد علي تلك التقارير المشبوهة المغلوطة بحقائق وأدلة دامغة . جنبًا إلي جنب التحقيق القضائي فيما حواه التقرير من ادعاءات بالتعذيب وإعلان نتائج تلك التحقيقات بشفافية حتي نستطيع إقناع العالم بموقف مصر . وكشف زيف ما تروجه تلك المنظمات الدائرة في فلك الأنظمة السياسية. ولن يقنع في النهاية إلا ما هو مقنع فعلاً وحتي إن وجدت بعض الخروقات فهي مجرد تجاوزات فردية لابد أن تخضع لمساءلة فورية وعقاب قانوني كما حدث مع بعض رجال الشرطة الذين تورطوا في وقائع تمت محاسبتهم عليها قانونيًا وصدرت ضدهم أحكام بالسجن. من الضروري صياغة استراتيجية جديدة متكاملة للتعامل مع ما يصدر عن منظمات حقوق الإنسان من تقارير مسيسة ضد مصر . ودحض الأكاذيب لا يكون بالنفي أو الإنكار وإنما بالحقائق والأدلة . وإذا كانت بعض الأنظمة السابقة قد وقعت في خطأ فادح حين سمحت لمنظمات أجنبية وفروعها بالتغلغل في مصر. وغضت الطرف عن ممارساتها الفجة حتي تفاقمت بعد ثورة يناير وما صاحبها من انفلات أمني سمح باختراق الحدود وتهريب السلاح والسجناء . وتمكين الإرهابيين من دخول سيناء. وترك المنظمات الأجنبية وبعض الجمعيات المحلية تلعب أدوارًا خطيرة في نشر الفوضي وإثارة الفتن وتشويه صورة مصر وترويج معلومات خاطئة عنها والعبث بأمنها القومي .. حسبما كشفت أوراق قضية التمويل الأجنبي المشهورة فإن العيون الآن مفتوحة علي مثل هذه المنظمات. ولا يصح اختزال العمل الأهلي في بضع منظمات حقوقية بينما هناك أكثر من 47 ألف جمعية أهلية تمارس أنشطتها بلا أدني مضايقات .. أما موقف المنظمات الحقوقية التي حصل بعض قادتها علي تمويلات ضخمة دخلت حساباتهم الخاصة في غيبة الرقابة دون أي فائدة لمصر وشعبها فموقفها من قانون الجمعيات الأهلية الذي أصدره البرلمان أخيرًا مفهوم تماما .. فلا يريد هؤلاء تقنين عملية تلقي الأموال من الخارج.. وسؤالي للمعترضين منهم علي القانون: ماذا فعل هؤلاء بالتمويل المشبوه الذي تلقوه من الخارج ..هل أنفقوا مليمًا واحد في النهوض بصحة المواطن أو تعليمه أو انتشاله من الفقر والعشوائية..هل أنفقوا هذا التمويل في مشروعات خيرية أم جري إنفاقه علي اجتماعات وندوات وتقارير مسيئة لمصر دوليًا .. وماذا يضيرهؤلاء لو التزموا بقانون الدولة. وعملوا تحت بصرها وفق ضوابط قانونية معمول بها في شتي دول العالم .. أم يريد هؤلاء العمل مع منظمات ودول أجنبية من وراء ظهر الحكومة ودون علمها ؟ يبدو أن قانون الجمعيات الأهلية الجديد يمثل مشكلة لدكاكين حقوق الإنسان التي يريد أصحابها تلقي ملايين الدولارات دون رقابة .. فهل هناك دولة تسمح بذلك .. وإذا كنا نتفق علي أن تحسين حالة حقوق الإنسان أمر لا غبار عليه فإنه يمكن البحث عن تمويل محلي مشروع كما يحدث في أمريكا وأوربا ذاتهما حتي لا تخضع منظمات حقوق الإنسان المحلية لشروط المانح وأجنداته بغض النظر عن مصلحة هذا الوطن أو أمنه .. لقد صار العالم قرية صغيرة لا يخفي فيها شيء ومن ثم فإن أبلغ رد علي تلك التقارير المشبوهة هو نشر الحقائق ومخاطبة الرأي العام العالمي بما يفهمه ويقتنع به.