كل عام أنتم بخير.. اليوم عيد التضحية والفداء وصلة الرحم والعطف علي الفقراء والتواصل مع الأهل والأحباب.. وعيد الأضحي في حياة المصريين ليس مجرد طعام وشراب وذبح وترفيه هنا وهناك.. لكنه قبل كل ذلك فرصة منحها لنا الخالق سبحانه لنخرج منها بأفضل المكاسب الروحية والاجتماعية والنفسية. لذلك لا يجوز أن نحتفل بالعيد ونحن نرتكب تجاوزات سلوكية تجلب لنا غضب الله وعقابه.. بل علينا أن نلتزم بأفضل الأعمال والسلوكيات الراقية التي تقربنا الي خالقنا سبحانه خلال الأيام المباركة.. علينا أن نسعي بكل الطرق للاستفادة من العيد لإذابة الخلافات وتصفية النفوس. وبهجة العيد تبدأ بأداء صلاته وهي سنة ينبغي أن يحرص عليها المسلم. وأن يبدأ بها برنامجه في هذا اليوم الأغر. وأن يذهب إليها وهو في كامل نشاطه وحيويته.. فالمطلوب من المسلم أن يستقبل يوم العيد وصلاة العيد بأحسن ما يكون الاستقبال من عبادة وشكر لله تعالي. وصلاة العيد لها أهداف اجتماعية وإنسانية بالإضافة إلي أهدافها الدينية. فهي فرصة لتلاقي المسلمين في مستهل هذا اليوم. لذلك يجب علي المسلمين أن ينتهزوا هذه الفرصة لتقوية صلاتهم الاجتماعية والإنسانية بعضهم ببعض وأن يهنئوا بعضهم بعضا ويقضوا بعض الوقت الطيب مع بعض يتبادلون التهاني والنصائح والأحاديث الودية ويعودوا إلي منازلهم وهم أكثر بهجة ونشاطا. وفرحة العيد في حياة المصريين فرحة جماعية لا تقف علي المسلمين وحدهم. بل هي فرحة لكل المصريين.. وما أجمل أن يتزين أبناء شركاء الوطن والمصير من إخواننا المسيحيين وهم يستقبلون عيد الأضحي وما أجمل أن نري أطفالهم يمرحون مع نظرائهم من الأطفال المسلمين في الحدائق والمتنزهات وأمام البيوت في الشوارع والحواري في هذا اليوم الأغر.. وما أجمل ما نراه من مشاركة وجدانية واجتماعية لبعض إخواننا المسيحيين الذين يذبحون الأضاحي في عيد الأضحي ليعيشوا وحدة المشاعر مع إخوانهم المسيحيين. ***** وعيد الأضحي عيد تضحية وفداء. ولذلك شرعت الأضحية وكانت من أفضل الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلي خالقه في هذه الأيام المباركة. فقد ورد الأمر الإلهي بها في قول الحق سبحانه:"إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر".. وقد رغبنا النبي صلي الله عليه وسلم من خلال العديد من الأحاديث النبوية الكريمة في الأضحية. وأخبرنا بأنها تأتي بقرونها وأشعارها وأظلافها لتشفع لصاحبها يوم القيامة.. وكان صلي الله عليه وسلم القدوة والمثل في الفداء والتضحية. وقد ثبت أنه ضحي بكبشين أملحين أقرنين "أي بخروفين يخالط بياضهما سواد لهما قرون". وإذا كانت الأضحية سنة مؤكدة ويكره تركها للمسلم القادر عليها. فلا ينبغي أن نحول الأضحية من عبادة لها أحكامها وضوابطها الشرعية الي مجرد عادة لا يستفيد منها الفقراء فهؤلاء الذين يضحون ولا يطعمون الفقراء يحرمون أنفسهم من أجر وثواب الأضحية. فالهدف من الأضحية واضح وهو التوسعة علي الفقراء والمحتاجين في هذه الأيام المباركة. فالأضحية في عيد الأضحي تماثل زكاة الفطر في رمضان. والهدف من الاثنتين هو التوسعة علي المسلمين خاصة المحتاجين منهم. فضلا عن أنها تساعد علي صلة الرحم. حيث يتم توزيع جزء منها علي الأهل والأقارب والأصدقاء. ***** تذكروا أن العيد شرع في الاسلام لراحة النفس والبدن وإدخال السرور والبهجة علي الأسرة دون مخالفات أو تجاوزات شرعية فالمسلم مطالب شرعا بأن يعيش هو وأسرته فرحة العيد فالاسلام دين بهجة وسعادة ولا يحرم الانسان أبدا من أمر فيه فائدة حقيقية له. وأعياد المسلمين كلها منافع وفوائد للجميع من أغنياء وفقراء. ولو فهم المسلمون المقاصد الحقيقية من العيدين -عيد الفطر وعيد الأضحي- واحتفلوا بهما وفق الضوابط الشرعية والالتزام بالقيم والأخلاق الإسلامية لأدخلوا السرور والبهجة علي أنفسهم وكل المحيطين بهم دون تجاوزات أو مخالفات. الأعياد في الإسلام لها أهداف ومقاصد سامية. وحكم عالية. ومنافع كثيرة. وعلي الجميع أن يتخذوا من هذا العيد مناسبة أو فرصة لتجديد المحبة والمودة والتزاور والتلاقي بين الأقارب والأصدقاء. علينا أن نجعل من هذا العيد فرصة لتصفية خلافاتنا وزيارة مرضانا ورسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "من عاد مريضا. أو زار أخا له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك. وتبوأت من الجنة منزلا". علينا أن نجعل من العيد فرصة لمساعدة المحتاجين. وتفريج كرب المكروبين وإدخال السرور علي المحزونين ورسولنا الكريم يقول: "من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه". من واجب كل مسلم أن يغتنم هذه الفرصة الذهبية حتي يدعم الروابط الأسرية والاجتماعية مع أهل بيته أولا ثم مع الأهل والأصدقاء والأقارب والزملاء. فيترك الخلافات والمنازعات ويبدأ مع الجميع صفحة جديدة مليئة بالفرحة والسرور بالعيد لأن ذلك تجديد لحياته ودافع إلي النشاط والعمل حتي لا تسير الحياة علي وتيرة واحدة فيحدث الملل وتضعف الهمم.