فقدت المقاهي قيمتها الثقافية التي أنشئت من أجلها. وتحول بعضها من صالون للمثقفين والأدباء والسياسيين والمفكرين لأوكار لبيع المخدرات والأدوية المخدرة. وتناولها علنا وعلي "عينك يا تاجر" خاصة في المقاهي الصغيرة "الغرز" بالمناطق الشعبية التي أصبح النقاش حول سعر المخدرات وجودتها فيها أمر عادي لا يثير دهشة أحد. وتقدر أرقام غير رسمية عدد المقاهي والكافيهات في مصر بنحو 5.1 مليون مقهي تقريباً. وسارت علي دربها المدارس التي اتجه لها مروجو المخدرات مستغلين ضعف الرقابة ومرور طلبة الإعدادي والثانوي بفترة المراهقة حيث يميلون لتقليد أصدقاء السوء. في البداية يقول باسم فؤاد مهندس اتصالات إن المقاهي تحولت لأوكار لبيع وشراء وتعاطي المخدرات من حشيش وحبوب مخدرة وخاصة بين الشباب مؤكداً أنه بطبيعة عمله يتوجه لكثير من المحافظات ويشاهد الكثير من المقاهي علي الطريق الزراعي للصعيد التي يرتادها السائقون لتناول المخدرات وتزداد المشكلة في المناطق الشعبية وخاصة العشوائية بسبب البطالة والفقر والجهل. ويلتقط طرف الحديث أحمد محمد موظف ويضيف أنه يمكن لأي شخص أن يفتح مقهي في أي مكان بدون أي تصريح أو ترخيص كل ما عليه هو ايجاد محل متر في متر يقوم بوضع الترابيزات والكراسي في الشارع مشيراً إلي أنه يري زبائن المقاهي العشوائية تتعاطي المخدرات والتلفظ بأسوأ الألفاظ مناشداً الدولة بتشديد الرقابة علي جميع المقاهي وخاصة بالمساء. يتفق معه في الرأي محمد السيد ويضيف أنه انقطع عن الجلوس بالمقهي لأنها أصبحت تحوي صغار السن الذين تركوا مدارسهم والبلطجية ومتعاطي المخدرات والغريب أنهم يتباهون بذلك وصاحب المقهي في صمت تام ولو اعترضنا نلقي مالا يحمد عقباه من سباب وشتائم وسماع المقولة الشهيرة "كل واحد حر يعمل إلا هو عايزه" واختفي المعلم صاحب المقهي الشهم الذي لا ينظر للربح بل يحافظ علي سمعة المكان. ويوضح محرم أبو الروس موظف أن المقهي مكان جيد للقاء الأصدقاء ولكنها تحولت لمصيدة للشباب أو بمعني أصح "وكر" متاح به كل ما هو مخالف للقانون والآن أصبحت آفة تضر بشبابنا للقضاء عليهم بجذبهم لتناول المخدرات والحبوب المهلوسة بحجة عدم توفر عمل ولا سكن. ويروي أحمد فاروق محاسب موقف حدث له بأحد المقاهي في حي "شبرا" حيث تفاجأ بأحد عمال المقهي يعرض علي أحد الزبائن الشيشة بالحشيش ودار بينهم مناقشة علي النوع والسعر مؤكداً أن بيع المخدرات أصبح أمراً طبيعياً علي بعض المقاهي الشعبية خاصة "الغرز" مطالباً بزيادة الرقابة من قبل المحليات علي المخالفين وانتشار المخبرين السريين لوضع حد لهذه الظاهرة. ويتحدث محمد صبره استشاري الصحة النفسية والإرشاد النفسي أن أسباب الإدمان بين طلاب المدارس متعددة خاصة في مرحلة المراهقة والتي تعد نتاج تفاعل بين التغيرات البيولوجية التي بداخل المراهق والمتغيرات الثقافية والبيئية المحيطة به فهو يتعرض لمواجهة بين ما يريده هو لتحقيق رغباته وطموحاته وما يريده المجتمع منه وقد تتعارض تلك الرغبات مع مجتمعه مما يوقعه في أزمة المراهقة التي تجعل من بعضهم فريسة سهلة لأي تأثير خارجي خاصة إذا تعددت وتشابكت الأسباب كمخالطته لأصدقاء السوء أو رغبته في الشعور بالاستقلالية واثبات الذات. أو رغبته في تجربة كل شيء متعللاً بأن المخدرات تساعده علي السهر والمذاكرة والبعض تغلبه النشوة التي تحققها له تلك السميات هذا بخلاف بعض العوامل الأخري كتعرضه لاضطراب أسري أو سوء معاملة الوالدين له أو استخدام أسلوب التوبيخ والإهانة بكثرة أو الإهمال كذلك تدني البيئة المحيطة به وانتشار المخدرات بها بالاضافة لعامل الاستعداد الوراثي وأوقات الفراغ مؤكداً علي ضرورة العمل علي الاكتشاف المبكر لهذا المرض وخلق تواصل بين الأبناء والآباء لوقايتهم منه وتكوين درع واقية لهم من أي انحراف بالاضافة لملء أوقات فراغهم بالأنشطة المختلفة والعمل علي رفع مستوي الوعي بين الطلبة. تتفق معه في الرأي فاطمة عبدالحميد منسق مجتمع بالهلال الأحمر وتضيف أنه لا يوجد حتي الآن دراسة حقيقية قائمة علي منهج علمي تؤكد نسبة التعاطي أو الاتجار في المدارس إلا أننا نقوم بعمل برامج توعوية عن الإدمان واخطاره بالمدارس بالشراكة مع صندوق مكافحة الإدمان ووزارة التضامن الاجتماعي وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ومن خلال الندوات التي قمنا بها في المدارس تبين وجود بعض الطلبة تتعاطي المخدرات خاصة الحشيش والتامول "أقراص منشطة" وأن بعضهم يتاجر في تلك المخدرات إلا أن الاتجار يكون بشكل غير مباشر وخارج أسوار المدرسة مؤكدين أن المدخل للتعاطي يكون دائماً من خلال تدخين السجائر والشيشة بنكهات الفواكه وأن الدافع غالباً حب التجربة أو تقليد الوالد أو صحبة السوء وكذلك في حصص الأنشطة فهذه وسائل تحمي الطلاب من الوقوع في دائرة المخدرات أوتحت طائلة الانحراف الأخلاقي.