رغم تعهد شركات الأدوية أمام وزير الصحة بتوفير الأدوية حال زيادة أسعارها بعد ان شهدت ارتفاعاً مرتين في أقل من عام مازال المريض والصيدلي يعانيان من تزايد حجم النواقص التي وصل عددها ل 1326 صنفاً دوائياً. فضلاً عن زيادة أسعار بعض الأصناف أكثر من 50% ووصلت إلي 95% وامتدت لأصناف لم تشملها قائمة الزيادة الرسمية. "الجمهورية" رصدت شكاوي المرضي والصيادلة الذين أعربوا عن غضبهم واستيائهم من نقص العديد من الأصناف وارتفاع أسعارها بشكل كبير مطالبين وزارة الصحة باتخاذ اجراءات عاجلة تجاه الشركات التي لم تلتزم بتوفير النواقص مقترحين إلغاء تسجيل الصنف للشركة في حال توقفها عن انتاجه 3 أشهر. يقول طلعت كامل وسعيد منصور - بالمعاش: رفع أسعار الدواء حملنا فوق طاقتنا خاصة أدوية الأمراض المزمنة كالضغط والحساسية والسكر فدواء الضغط كونكور زاد من 23 إلي 40.5 جنيه وزورتال للمعدة ارتفع من 46 إلي 66 جنيهاً وهذا لا يتناسب مع دخولنا التي لم يطرأ عليها زيادات جديدة فالشركات ضاعفت ارباحها ونحن "نشرب المر". يضيف أحمد السيد. ومني أحمد: الأدوية التي تحتوي علي مادة الكورتيزون زادت أسعارها 100% حيث أن زوجته تعاني من مرض الزئبق الأحمر وتحتاج إلي علاج كورتيزون كما ان ابنته تعاني من الروماتويد وتحتاج إلي حقنة "لازكس" الا ان سعرها ارتفع من 100 إلي 170 جنيهاً علاوة علي النقص الشديد في دواء اليتروكسين 50. 100ملجرام المخصص لعلاج الغدة الدرقية للأطفال. ويؤكد خالد جعفر - طبيب: للأسف 70% من أصناف الأدوية الفعالة التي أكتبها في الروشتة للمريض غير متوفرة ويتكبد الجميع عناء البحث عنها في الصيدليات وفي النهاية يضطر للحصول علي ما هو أقل فاعلية. ويري الدكتور وجدي جرجس - صيدلي ان زيادة أسعار الأدوية كانت ضرورية بعد انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار. لكن عندما تتحسن الأوضاع الاقتصادية وينخفض الدولار لابد من إعادة تخفيض الأسعار وطالب المرضي بتغيير ثقافة شراء الأدوية بهذا الكم لاننا نستهلك كميات كبيرة مقارنة بدول أخري فالدواء المصري يباع بالعلبة وفي أمريكا تحدد الجرعة بالقرص. ويقول الدكتور إسلام المنشاوي - صيدلي: انه تم زيادة أسعار الأدوية مرتين الأولي في مايو 2016 بنسبة 20% لكن هذه الزيادة لم تكن مرضية للشركات فطالبوا بزيادة أخري في يناير 2017 والتي بدأ تطبيقها بداية من ابريل الجاري والتي أدت إلي زيادة أسعار الكثير من الأصناف والحقيقة ان الشركات تنفق علي الدعاية أكثر من الذي تنفقه علي عملية التصنيع نفسها فالمواد الخام تنخفض أسعارها عالمياً لكن شركات الأدوية المصرية تؤكد خسارتها وتطالب باستمرار رفع الأسعار متناسية ان أفضل دعاية هي دعم المريض بتوفير المنتج وخفض سعره. لذا يطالب بعمل قانون تسعير محدد بآليات جديدة خاصة ان 85% من الأدوية تصنع محلياً بتصريح من الشركة الأم بالاضافة لانشاء هيئة عليا للدواء تتولي شئون الدواء في مصر كما هو متبع في جميع الدول المجاورة. ويؤكد الدكتور أحمد فاروق - الأمين العام لنقابة الصيادلة ان الزيادة العشوائية التي تمت في أسعار الأدوية تصب في صالح الشركات المنتجة التي وعدت بتوفير النواقص ولم تف والمشكلة مازالت مستمرعة وفي تزايد بالرغم من الاستجابة لها بتحريك الأسعار فالزيادة التي حدثت في الأسعار لم تحدث بهذا الشكل في تاريخ الدواء المصري. فشركات الإنتاج والتوزيع ربحت وحققت مكاسب ولم تراع المريض فهناك خروقات كبيرة تمت في موجة التسعير الماضية فالوزير وعد بأن تكون الزيادة 50% فقط علي الأدوية المحلية والمستوردة والواقع يؤكد ان هناك أصنافاً طالتها زيادة وصلت 95%. ويقول الدكتور محيي عبيد - نقيب الصيادلة: ان الشركات عندما طالبت بزيادة أسعار الأدوية في مايو 2016 كانت مقرونة بتوفير النواقص وطرحها للمرضي ولكنها لم تلتزم ومنحت أكثر من مهلة الأولي 3 أشهر انتهت دون ان تنفذ ثم 3 أشهر أخري أي 6 أشهر بعد تطبيق الزيادة ولم تف بوعودها إلي ان جاء قرار تعويم الجنيه بتاريخ 3/11/2016. الذي أتبعه طلبهم بتحريك أسعار الأدوية 50% وتمت الموافقة شرط توفير النواقص خلال أسبوع وهذا لم يتم حتي الآن وقد مضي 4 أشهر. وبالتالي فنحن أمام شركات ترفض التصنيع وليس أمراً مرتبط بالدولار. فالاسعار زادت وهناك أصناف تضاعف سعرها فالدواء الذي كان يباع ب 250 قرشاً أصبح يباع 11 جنيهاً.. والسؤال هل الدولة غير قادرة علي إجبار هذه الشركات علي الإنتاج؟ والحل من وجهة نظري أن أي شركة تمتنع عن تصنيع صنف من الأصناف يجب سحبه وإلغاؤه منها وإعطاؤه لشركة أخري تنتجه وتوفره.. فالمريض متروك فريسة للسوق السوداء في حين اننا نقف متفرجين ولم نتخذ اية اجراءات حيال الشركات غير الملتزمة. ويشير الدكتور ثروت حجاج - رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة العامة ان تصريح النقيب بحجم نواقص الأدوية كان من خلال مسح دقيق وشامل للصيدليات علي مستوي الجمهورية وان الرصد حقيقي يتم من خال الاتصال المباشر مع الصيدليات التي بلغت 1326 صنفاً ناقصاً يشمل مستحضرات هامة ليس لها بدائل كالمحاليل "الملح - الجلوكوز" مما أجبر المستشفيات علي مطالبة المرضي بتوفير المحاليل مما يعد أمراً كارثياً ويجب ان تحل هذه الأزمة من جذورها بداية من تقوية شركات قطاع الأعمال لأن الدواء سلعة استراتيجية لا يجب ان تترك لضعاف النفوس علي ان يتم إلغاء التسجيل لأي شركة تتوقف عن إنتاج صنف بعينه لذا يجب علينا توعية المريض وتغيير ثقافته من خلال الصيادلة والأعلام بأن الأصناف الناقصة لها بدائل وألا يتعلق ويرتبط باسم الصنف أو شكل العبورة فالأساس المادة الفعالة. ويتفق معه الدكتور محمد عبدالمقصود -رئيس شعبة أصحاب الصيدليات بغرفة القاهرة التجارية - ان أزمة الدواء في مصر ليست بسبب نقص في كمية الأدوية المطروحة في الأسواق لكن منظومة الدواء تحتاج إلي تعديل فهناك دواء يباع حالياً بالسوق السوداء بأضعاف سعره فمثلاً حقنة الأشعة لا تتوفر في المستشفيات وتباع مهربة ب 400 جنيه مضيفاً ان هناك صنف ينتج منه 3420 علبة لا يصل منه للصيدليات سوي 3 عبوات فقط والباقي يباع في السوق السوداء.