في آخر كلماته بالخطاب الذي وجهه للأمة مساء الأحد "الدامي" قال الرئيس عبدالفتاح السيسي: "هانفضل نبني. وهانفضل نعمر" ليؤكد أن هذا هو التحدي الأكبر. لكل المصريين لكي يثبتوا للعالم ان الإرهاب مهما كانت القوي السافلة التي تدعمه. لن يهزمهم وان مصر لن تنكسر أبدا. المؤكد ان معركة البناء والتنوير معا هي الأشمل. ليس اليوم فقط. ولكن قبل نحو 3 سنوات منذ 30 يونيو 2013 حين بدأت المواجهة الطويلة والمؤلمة - حسب كلمات السيسي - ولكن تبقي المشكلة دائما كما قال المبدع العظيم نجيب محفوظ "آفة حارتنا.. النسيان"! رغم ذلك فإنني استشعر أو أتمني ان الأحد الحزين لن يمر هذه المرة كغيره وان سيناريو مأساة تفجير "البطرسية" ثم كنيستي طنطا والإسكندرية لن يتكرر وان البكاء علي الضحايا الأبرياء من المصريين جميعا دون تمييز والاحساس بالحسرة والغيظ من شماتة المجرمين بعد نجاحهم في تحويل أعيادنا إلي سرادق عزاء. سيكون له آخر. المؤكد أيضا ان هذا الأمل ليس مجانيا. بل لابد له من منهج عمل صارم وشروط قاسية أولها أن يكون المجلس الأعلي لمكافحة الإرهاب والتطرف مفتاح المواجهة الشاملة للإرهاب بما يملكه من صلاحيات وبما يضمه من كل الأجهزة والخبرات والعقول المصرية من كل التخصصات والأطياف بما يمكننا بالفعل من كسر "تابوهات" وأشكال المواجهة التقليدية التي لم تحرز النجاح المنشود وكذلك الانفتاح علي كل التجارب والأفكار حتي لا نرمي الكرة في ملعب الأمن وحده لنظلمه ونظلم حاضرنا ومستقبلنا وبدون حتي ان نوفر له كل أدوات المواجهة المتكاملة وحتي نتمكن من محاربة الإرهاب كفكر وعقيدة بجانب قتال الإرهابيين الذين يتكاثرون كأذرع الأخطبوط طالما ان الحرب قاصرة عليهم دون فكرهم ومنابع توالدهم الملوثة وغسيل أدمغتهم. هذا المجلس. لابد أن يؤكد ببرامج عمل محددة ان الحرب ضد التطرف هي مسئولية الدولة بالكامل. وليس مؤسسة معينة مهما كان تقديرنا لها وللصبر علي تأخرها في خوض هذه الحرب نتيجة الارث الثقيل الذي يكبل خطواتها.. وبالتالي لابد أن نتوقع وفورا بدء ثورة حقيقية ستأخذ بالطبع وقتها حتي نلمس حصادها في مناهج التعليم بمعاهد الأزهر وكافة مدارس الدولة وجامعاتها وفي عمل أجهزة الثقافة ومراكز الشباب وفي لغة وأساليب الخطاب الديني ومنابر الفتوي والخطابة التي يتسلل لها السلفيون بكل جرأة وبلا محاسبة وحتي في مجالس الصلح العرفية التي تعطل القانون وتظلم الكثيرين من أصحاب الصوت الأضعف. أما الطريق الأشمل والأكثر إلحاحا وأولوية هو ان تثبت كل أجهزة الدولة أننا في حالة حرب ليس فقط في سيناء أو علي الحدود أو أي ركن يتسلل إليه الإرهابيون في الداخل ولكنها الحرب ضد الفساد والإهمال والاستغلال والاحتكار وجنون الأسعار وغياب العدل بين من يدفع من المواطنين فاتورة المعاناة حتي آخر مليم ومن ينعم بالتدليل وغض الطرف والتهرب الضريبي ومشاركة الغلابة في الدعم دون خجل! المؤكد أنه طالما ان هذه الحرب طويلة ومستمرة وتستهدف كما قال الرئيس تحطيم الشعب وتمزيقه وأنه طالما كان الشعب كتلة واحدة سيصعب علي أي حد ان يهزم البلد أو يهدمه. فإننا لابد ان نتذكر دوما مقولة الخليفة العادل عمر بن الخطاب لو كان الفقر رجلا لقتلته وذلك لأن ذل الفقر والحاجة والعجز عن توفير الحد الأدني من الحياة الكريمة هو الذي يكسر الإنسان ويحطم معنوياته ويجعله هشا ضعيفا ولا يملك بالطبع القدرة علي الصمود في معركتنا الطويلة وهو ما يفتح الباب ايضا أمام استمرار الضغوط الحياتية اليومية لقوي الشر والمتربصين بنا لاستغلال ذلك في ضم البعض لصفوفهم أو بث روح الكراهية. بالتالي فإن علي الحكومة أن تثبت بالفعل اننا لا نملك ترف اهدار الوقت أو الحياة بمسكنات ووعود وانها قادرة علي ان تكون حكومة حرب للمشاركة في هذه المواجهة الشاملة لتكون سندا للقيادة السياسية وعونا لملايين المصريين بأن تكون أكثر حنوا عليهم ومساعدة لهم في وجه من يستغلونهم ليكونوا جبهة صلبة ضد من يواجه وطنهم أو يهدد وحدتهم الوطنية وسلامهم الاجتماعي. أي مخاطر. علي حكومة الحرب ان تؤكد اننا لسنا في مرحلة "هزار" أو عبث حين لا تتناسب وعودها بتحقيق العدالة الناجزة ومواجهة مأساة عدم ردع الارهابيين ايضا عندما تتم محاكمتهم في سنوات طويلة دون عقاب.. وكان لابد أن يذكرها الكثير بوعدها بتقديم تعديلات قانون الإجراءات الجنائية ولكنها تناست الوعد منذ شهور ليتجدد بالحديث الموسمي عنه بعد كل جريمة إرهابية ولم يوافق عليها البرلمان إلا الاثنين الماضي بعد مأساة الكنيستين! أيضا لابد ان نذكر البرلمان بدوره في تقوية ذاكرة الحكومة والمبادرة بتقديم ما تتجاهله أو تنساه وتطبيق أجندة الأولويات بالقوانين الأكثر أهمية بدلا مما تخلق أزمات جديدة لا نتحمل توابعها ومنها ايضا قوانين المحليات والاعلام المنسية بدلا من فوضي الاعلام الحالية. رغم كل ما كتبناه من قبل عن سلبيات الأداء الحكومي فإننا نتعشم ان تغير من جلدها بعد محنة الأحد الماضي وأن تتجاوز بعض تصريحاته التبريرية التي تعددت خلال ندوة "المصري اليوم 5 أبريل" علي لسان رئيسها وبعض الوزراء والتي تهربت من أي تعهد بعمل آليات حقيقية لتخفيف معاناة الناس في مواجهة استغلال التجار لهم.. ومازلنا ننتظر ان تكون حكومة حرب بحق لتكون أكثر جدية وحسما في التعامل مع كثير من الملفات المؤجلة لاستغلال الامكانيات المهدرة واصلاح ما افسدته الأنظمة السابقة خاصة ما يتعلق بالانفجار السكاني وترشيد الواردات والاهتمام بالبحث العلمي التطبيقي وزراعة المحاصيل الاستراتيجية وخلق قاعدة صناعية حقيقية والتي بدأت بعض بشائرها مؤخرا ولكنها تعاني من البطء وايقاع السلحفاة. لا يمكن لمنصف أن يتجاهل حجم التضحيات الهائلة التي يقدمها يوميا شبابنا في الجيش والشرطة في مواجهة عصابات الإرهاب. وما تحقق من نجاح في حصارها ولكن لابد ان نؤكد دائما ان الحصاد الحقيقي والمتكامل لتجاوز أزماتنا الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق مع نحلم به من نهضة. لن يتحقق إلا بمشاركة الجميع وكل المؤسسات وقناعة الكل أننا لا نملك كما يحدث في أي حرب. ترف اهدار الوقت أو تدليل أحد أو ترك المخطيء أو الفاشل بدون محاسبة. أعاجيب مفيد فوزي !! في مقاله ب"المصري اليوم" السبت قبل الماضي.. قدم الكاتب الصحفي مفيد فوزي اجابات عما سماه تساؤلات اجبارية من القراء من بينها سؤال: "من أطيب حاكم مصري يرفض الأذي. وحكم المصريين"؟.. وقال مفيد: "محمد حسني مبارك"!! وبالفعل مبارك رفض أذي المصريين رغم انه هو الذي يكتوي المصريون الآن والجيل القادم أيضا من ميراثه الأسود الذي تركه لنا بعد 30 سنة من الحكم. وأصيب خلالها ملايين المصريين بالأمراض الخطيرة بسبب المبيدات الفاسدة وتلوث النيل بالصرف الصحي والصناعي.. وفعلا هو أطيب حاكم مصري رغم انه هو الذي أهمل تعمير سيناء حتي امتلأت بالإرهابيين.. وهو الذي أدانه القضاء العادل في قضية سرقة أموال القصور الرئاسية والتزوير في أوراق رسمية مع نجليه جمال وعلاء والذي مازال يحاكم في قضيتي هدايا الأهرام والكسب غير المشروع!!.. .. وعجبي!! .. وفيها حاجة حلوة رغم الشعور العام بالاحباط من الأداء الحكومي إلا أن بعض الوزارات مازالت تمثل استثناء يفتح طاقة أمل في مواجهة مشاكلنا المزمنة.. وفي مقدمة هذه الوزارات "الإنتاج الحربي" التي تضرب المثل علي عدم الاكتفاء بدورها الأصيل في المجالات العسكرية ولكن وزيرها د.محمد سعيد العصار يحرص علي تبني بعض الشباب الموهوبين واستثمار امكانيات الشركات التابعة له لخدمة خطة التنمية وتقديم المبادرات الجديدة أيضا لخدمة المصريين من خلال المشاركة مثلا في عدد من المشروعات الصناعية بالتعاون مع شركات مصرية وأجنبية وكما تم مؤخرا من خلال بروتوكول تعاون مع شركة تنمية الريف المصري واحدي الشركات الاماراتية لزراعة 20 مليون نخلة وانشاء مصنع لإنتاج السكر من التمور وآخر لتصنيع الأعلاف. ويكمل ذلك ما بحثه د.العصار مؤخرا مع وزير التعليم العالي د.خالد عبدالغفار للتعاون في مجال البحث العلمي التطبيقي من خلال استفادة الباحثين من تجهيزات معامل شركات الوزارة وتوفير فرص التدريب للطلاب.. وربما يساهم ذلك في زيادة فرص مصر التنافسية في مجالات الابتكار التكنولوجي علي الأقل لمواجهة فضيحة تراجع مصر إلي المركز ال16 بين الدول الأفريقية. وربنا قادر علي كل شيء.