بسبب ارتفاع أجور الأطباء يلجأ المرضي للصيادلة للتشخيص ووصف العلاج ليتحول إلي سم قاتل مسبباً مضاعفات شديدة ونتائج سلبية قد تودي بحياة المريض. الأطباء يؤكدون أن هذا مخالف للقانون فضلاً عن الآثار السلبية التي تحدث لمرضي القلب والضغط والسكر عندما يتناولون الأدوية الخاصة بالبرد والتي تسبب الجلطات ومضاعفات صحية خطيرة خاصة بعد توصل مؤسسة مراقبة الجودة الألمانية إلي أن 40% من هذه الأدوية التي تصرف بدون إرشادات الطبيب لا فائدة منها بجانب أنها تسبب مخاطر جسيمة. في البداية تقول سما محمود - طالبة - أصيبت والدتي بنزلة برد بسيطة وتناولت علاجاً للبرد بدون استشارة الطبيب الخاص بها حيث قمت بشرائه من الصيدلية وأدي ذلك إلي تدهور حالتها الصحية بعد يومين من العلاج حتي وصلت إلي احتجازها في الرعاية المركزة لخطورة حالتها. وتشكو أمل محمد - ربة منزل - أن ابنتها التي تبلغ من العمر ستة أشهر أصيبت بنزلة برد وذهبت إلي الصيدلي ووصف لها أربعة أدوية للرشح وارتفاع درجة الحرارة وبعد أيام من العلاج ظهر طفح جلدي وغثيان الأمر الذي جعلني أقوم بقراءة النشرة الداخلية وفوجئت بأن التعليمات تحذر من عدم استخدامه للأطفال دون عمر العام. يري عمرو محمد - موظف - أن لجوء المريض إلي الصيدلية ووصف مرضه لشخص غير مختص ويقوم الآخر بوصف علاج من أوجه الإهمال لمجرد تحقيق أرباح فتوفير المريض لقيمة الكشف بذهابه إلي صيدلي وصرف علاج عشوائي غير مدرك مدي الخطورة التي قد يحدثها تناوله فلماذا لا توجه الحكومة مزيداً من الاهتمام وتوعية المرضي والقضاء علي تلك الممارسات وتشديد العقوبة لمن يخطئ أو يتساهل؟ سناء فؤاد - عضو مجلس نقابة الأطباء -: إن العشوائية تحكمنا في كل هذه الأمور خاصة في تداول الأدوية وصرفها من الصيدليات فمؤخراً انتشرت ظاهرة الكشف في الصيدليات حيث يقوم المريض بوصف الحالة التي يعاني منها ويقوم الصيدلي بصرف الدواء. وهذا يعد مخالفة لوظيفة الصيدلي والتي تتمثل في تقديم العلاج ووصف شروط معينة لوصفة طبية أو روشتة مكتوبة من خلال الطبيب المعالج ويقوم بصرفه وغير مسموح له بالقيام بدور الطبيب ويجب الالتزام بدوره فقط وهو تقديم الإسعافات الأولية فقط ولا يجب حتي إعادة صرف الأدوية مرة أخري إلا بعد استشارة الطبيب لأن هناك أدوية لها تأثيرات جانبية صحية خطيرة علي صحة المريض. وتضيف سناء أن ما يحدث في الصيدليات يعتبر تعدياً علي دور الأطباء ويجب الحد من هذه الظاهرة من خلال توعية المواطنين أولاً ثم من خلال التشريعات والقوانين والأعراف والالتزام بها. ففي الدول المتقدمة ممنوع صرف أدوية إلا بوصفة طبية باستثناء المسكنات البسيطة والتي تسمي "أدوية فوق الوصف". وتحدثنا سناء عن كارثة جميعنا يفعلها وهي اللجوء إلي المضادات الحيوية والمسكنات دون الرجوع لطبيب أو ما يرشحه لنا الصيدلي لأن هذا يعرضنا لضرر بالغ الخطورة الآثار الجانبية فاستسهال المرضي استخدام الأدوية بدون استشارة الطبيب وإجراء الفحوصات اللازمة يترتب عليه آثار خطيرة وضعف في فاعلية العلاج فمثلاً تناول مسكنات الألم وخوافض الحرارة كالأسبرين ومضادات الالتهاب شائعة الاستخدام كالبروفين والفولتارين دون وصفات طبية يؤدي لقرحة بالأمعاء. كما أن استخدام المضادات الحيوية يقتضي إجراء فحوصات للمريض لتحديد المضاد الحيوي الملائم والجرعة المناسبة أما الاستخدام العشوائي فتحدث مقاومة ميكروبية للمضاد الحيوي المستخدم. يؤكد ذلك دكتور أحمد حسين - عضو مجلس نقابة الأطباء - قائلاً: الكشف بالصيدليات ظاهرة مرفوضة شكلاً وموضوعاً وناتجة عن خلل في المنظومة الصحية. فهذا يعتبر تعدياً من جانب الصيدلي لأنه بالتأكيد غير مؤهل لتشخيص حالة المريض وصرف علاج له فهناك أدوية توثر علي الحالة الصحية بشكل عام ومرضي الأمراض المزمنة بشكل خاص كالضغط والسكر والقلب. فمرضي القلب علي سبيل المثال ممنوع تناول الأدوية الخاصة بالبرد لما لها من تأثيرات خطيرة تصل إلي جلطات وتعرض حياة المريض للموت. ويوضح الدكتور هشام عطية - مدير المركز القومي للسموم سابقاً - أن الطبيب يتعامل مع المريض كحالة مرضية ولا يتم وصف الدواء إلا بعد إجراء التحاليل والأشعات المطلوبة للاطمئنان علي الوظائف الحيوية للجسم كحالة الكبد والقلب والكلي لأن هناك بعض الأدوية تتعارض مع وظائف أعضاء الجسم محدثة تأثيراً ضاراً. هذا بخلاف الطبيب يقوم بتحديد الجرعات الدوائية الخاصة بكل صنف دوائي حسب السن والحالة العامة للمريض والنوع. فهناك كوارث تحدث مع الأطفال بسبب صرف الدواء بدون إرشادات من الطبيب. وهناك مضاد حيوي كثر استخدامه بعشوائية يؤثر علي نمو الطفل ويسبب التقزم ونوع آخر يؤثر علي البصر السمعي. مطالباً بضرورة التشديد علي عدم صرف الدواء بدون روشتة طبية. ويوضح الدكتور عماد العزازي - خبير الأدوية وأستاذ الممارسة المهنية - أنه ليست كل الأدوية تسبب مشاكل ولكن هناك مجموعة من الأدوية يطلق عليها ¢otc" وهي الأدوية التي تصرف بدون روشتة الطبيب وبشكل عام لابد علي أي مريض عدم أخذ دواء إلا بعد الذهاب إلي الطبيب المتخصص خاصة مرضي الضغط والقلب والسكر لأن هناك أدوية تتسبب في تدهور الحالة الصحية الخاصة بهم ولاشك أن ذهاب المريض إلي الصيدلي بشكل مباشر وأخذ الدواء الذي يصفه له يعد خللاً في المنظومة الصحية لما يترتب عليه من أخطار جسيمة. كما أن هناك أمراً آخر يتعلق بتغذية المريض وملاءمته للعلاج فمثلاً المضاد الحيوي الشائع "تتراسيكلين" تتغير قدرته العلاجية إذا تناول المريض طعاماً غنياً بالكالسيوم كالألبان نظراً لتفاعلهما كما يجب الأخذ بالاعتبار حالة المريض العامة من حيث إصابته بأمراض أخري وحالة الكبد والكلي فقد يؤدي استخدام دواء لمرض معين إلي تفاقم حالة مرضية أخري.