** أعادتني الكاتبة الصحفية الواعدة "داليا عزت" بصدور كتابي الأول. إلي تلك الفترات العصيبة التي عشتها في بلاط صاحبة الجلالة. والتي تمخضت عن عدة مؤلفات رآها البعض شديدة الأهمية في أدب التراجم. فقد تعرضت خلال تلك الفترة لعدة محاولات لاغتيالي معنوياً علي خلفية انتمائي للفكر القومي عموماً. والتجربة الناصرية أو الحقبة الناصرية علي وجه الخصوص. لم يكن هكذا كان الحال في الحقبة الساداتية إلي جانب سنوات عديدة من عصر مبارك. ولأن الأمل يولد من رحم المعاناة. فقد عملت بالقول العربي المأثور "إن بعض الشر. يكمن فيه الخير" ورحت أحتمي بقلمي وأستمد منه قوة. في مواجهة "صاحب الترويسة" فإذا بي أُفعّل - بضم الهمزة وتشديد العين - وظيفة حامل القلم في الانتصار لكلمة الحق وإزاحة التراب عن الحقيقة. فالصحفي ضمير أمة والكاتب صاحب رسالة. وإذا اجتمع الاثنان في واحد سارت الأمة في الاتجاه الصحيح. لكنها مسألة في غاية الصعوبة. فالكاتب في كثير من الأحيان يصبح كمن يسير علي حقل ألغام. فيكتم أنفاسه. حتي يصل إلي منطقة الأمان. ** واقع الحال أني حظيت بالعناية الإلهية. فقد صدر قرار وتعيين أستاذنا الكاتب الكبير محفوظ الأنصاري - شفاه الله وعافاه - رئيساً لتحرير الجمهورية في صيف عام 1984. فور تقلده المنصب فك عني الحصار وقرر نقلي إلي "العدد الأسبوعي" ليس فقط بل راهن علي قدراتي وكلفني بتحرير باب صحفي انفردت به "الجمهورية" وأعني به "للذكري" الذي تحملت مسئوليته بامتداد عشر سنوات. بعد أن كان يحرره أربعة من قامات "جريدة الجمهورية" الأساتذة حافظ محمود ورأفت الخياط ومحمد صدقي ومحمد أبوالحديد وخلال تلك الحقبة الزمنية غصت بين المصادر الحية والورقية للبحث والتنقيب في شخصية الانسان المصري المبدع. قاهر المستحيلات وصانع الأمجاد. وعندما صدر كتابي الأول عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بعنوان "مائة شخصية مصرية وشخصية" سعدت للغاية بمقدمة شيخ الصحفيين الراحل حافظ محمود وبتقديم الدكتور عبدالعظيم رمضان الذي قدمني للقارئ العربي بعبارة أفاخر بها. قال المؤرخ الراحل: إن الجهد الذي بذله الصحفي الشاب شكري القاضي في هذا الكتاب يمثل تحديا للدوائر العلمية المختصة. ** آخر الكلام : ** جمال عبدالله "شاعر مجيد" متأثر للغاية بمدرسة الديوان التي أسسها العقاد والمازني وشكري في النصف الأول من القرن العشرين.. الغريب في أمر هذا المبدع انه قرر أن يكتب لنفسه فقط. عبر سنوات طوال. وكأنه يتواري من شيء ما. ولكنه قرر فجأة أن يكشف عن مكنون نفسه. وجاءني بدفاتره وأشعاره والحق أقول إني قرأته في البداية علي عجالة ولم أعطه حقه. ثم قرأته علي هوادة. فإذا بي أمام انسان نبيل. ومبدع حقيقي هزتني العديد من قصائده أو اعترافاته الشعرية. ** من أروع ما كتب جمال عبدالله في ديوانه قصيدة "من أنتِ" التي بدأ فيها التأثر الواضح بمفردات الراحل الكبير نزار قباني إلي جانب قصائده المميزة: الشجرة العجوز - في رحاب الطاهرة - أول الضحايا - احذر - اعتراف - إياك أن تتعالي علي امرأة - وغيرها.. جدير بالذكر ان جمال عبدالله عبدالعال المدير العام السابق بالأزهر الشريف يعتز بأنه من مواليد 30 يونيو وفي سبتمبر من العام الماضي 2016 وكتب قصيدته بعنوان "الأبالسة".. يقول: ياللي ضمائركم لئيمة شعب مصر في الشدة صابر حُضنه جنة للي يحبه إحنا مصر .. أما أنتم مصر ليكم مش غنيمة وعمره ما تنام عيونه ونار جهنم للي يخونه فمن تكونوا..؟!