النبل قيمة عظيمة وكذلك الشهامة والمروءة. والنجدة والاغاثة. وفضلاً عن كون هذه الصفات قيماً إسلامية نبيلة فإنها من أهم السمات التي عرف بها العربي الأصيل. ويطيب لي أن أختار بعض المواقف وأول ما أختار من هذه المواقف المفعمة بالشهامة والمروءة والنبل. ما كان من سيدنا موسي "عليه السلام" عندما ورد ماء مدين فوجد امرأتين ضعيفتين لا تستطيعان السقيا حتي يصدر الرعاء. حيث يقول الحق سبحانه وتعالي "ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان" تدفعان غنمهما أو إبلهما. وقد آثر النص القرآني حذف المفعول هنا ليسلط الضوء كله علي الفعل والفاعل. علي الشهامة والمروءة. فبغض النظر عما كانت تذودان أو تسقيان وعما سقي لهما. فإنه كان من الفتاتين ذود حيث لا تستطيعان أن تزاحما الرعاة الاقوياء. وكان من موسي مروءة وشهامة تمثلت في سقيه لهما. حيث رآهما "عليه السلام" متأخرتين وتذودان غنمهما أو إبلهما وهنا توجه موسي "عليه السلام" إليهما في منتهي الادب والشهامة معا قائلا: "ما خطبكما" أي ما شأنكما وما الذي يدفعكما إلي التأخر عن السقيا. قالتا: "لانسقي حتي يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقي لهما ثم تولي إلي الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير" وما أن عادت الفتاتان إلي أبيهما وقصتا عليه القصص حتي طلب والداهما لقاءه "عليه السلام": "فجاءته إحداهما تمشي علي استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الامين". وموقف آخر يسجله التاريخ بحروف من نور فعن أبي هريرة "رضي الله عنه" قال: جاء رجل إلي رسول الله "صلي الله عليه وسلم" فقال: إني مجهود. فأرسل "صلي الله عليه وسلم" إلي بعض نسائه فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. ثم ارسل إلي أخري فقالت مثل ذلك. حتي قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي الا ماء. فقال "صلي الله عليه وسلم": "من يضيف هذا الليلة رحمه الله؟" فقام رجل من الانصار فقال: أنا يارسول الله. فانطلق به إلي رحله فقال لامرأته: هل عندك شئ؟ قالت: لا. إلا قوت صبياني قالا: فعلليهم بشئ. فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل. فإذا أهوي ليأكل فقومي إلي السراج حتي تطفئيه. قال: فقعدوا وأكل الضيف فلما أصبح غدا علي النبي "صلي الله عليه وسلم" فقال: "قد عجب الله "عز وجل" من صنيعكما بضيفكما الليلة". وهذا الحطيئة يصور ملحمة من ملاحم النبل والكرم ويعد من مضارب المثل في سخاء النفس وإكرام الضيف. فيقول: وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل. بتيهاء لم يعرف بها ساكن رسما رأي شبحاً وسط الظلام فراعه فلما بدا ضيفاً تسور واهتما وقال ابنه لما رآه بحيرة أيا أبت اذبحني ويسر له طعما ولا تعتذر بالعدم علي الذي طرا يظن لنا مالاً فيوسعنا ذماً فروي قليلاً ثم أجحم برهة وإن هو لم يذبح فتاه فقد هما فبينا هما عنت علي البعد عانة قد انتظمت من خلف مسحلها نظما عطاشاً تريد الماء فانساب نحوها علي أنه منها إلي دمها أظما فأمهلها حتي تروت عطاشها فأرسل فيها من كنانته سهما فيا بشرة إذ جرها نحو قومه ويا بشرهم لما رأوا كلمها يدمي فباتوا كراماً قد قضوا حق ضيفهم فلم يغرموا غرماً وقد غنموا غنما وبات أبوهم من بشاشته أباً لضيفهم والام من بشرها أما فما أعظم هذه الثقافة. وما أعظم هذا النبل. وما أحوجنا إلي استعادة هذه القيم. وما تربينا ونشأنا عليه من ضرورة احترام الكبير. وإكرام الصغير ورعاية االضعيف والمريض واليتيم وحسن معاملة النساء.. وكذلك إرشاد الضال وإغاثة الملهوف. وتقديم العون لكل من يحتاج إليه ومراعاة الآداب العامة في الطرقات والمنتديات العامة ووسائل المواصلات إذ يفسح الصغير للكبير ويجلسه ويكرمه. ويعني الناس باحترام المرأة وتقديرها. ومراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة والمسابقة في إكرامهم.