تعلمنا في علوم الإعلام والاتصال أن أداة الاستفهام "لماذا"؟.. واحدة من أهم مكونات الرسالة الإعلامية إن لم تكن الأهم علي الإطلاق. .. ومشكلة أو أزمة التواصل في مجتمعنا تكمن في أن الكثيرين حاكمين ومحكومين لا يعطون "لماذا" حقها من الاهتمام والتركيز والإنصات. .. ما كان أغنانا في كثير من أزماتنا.. وكثير من همومنا ومشكلاتنا وقضايانا أن نكون جاهزين بالإجابة علي هذا الاستفهام.. لأن طرحه وتوضيحه.. يطفئ الكثير.. بل الكثير جداً من نيران الغضب والضيق في نفوس الناس. .. إن الإجابة علي "لماذا" دائماً ما تحتاج جهداً.. وشجاعة.. وقدرة علي المواجهة والمجابهة.. وهي صفات يفتقدها كثيرون. .. لكن الإجابة عن "لماذا" تعبر عن معيار "المكاشفة" والشفافية في أي مجتمع.. بل إنها أحد أهم أركان حق القارئ أو المواطن في المعرفة. .. تصدر الكثير من القرارات من أي سلطة.. في حي أو قرية أو مدينة أو مركز أو محافظة.. وتمس هذه القرارات حياة الناس في الصميم.. وفجأة تخرس ألسنة المسئولين عن الإجابة عن السؤال لماذا صدرت هذه القرارات أو تلك؟! وحتي في مجال المحاكمات.. فإن إعلان الحكم علي أي إنسان إذا كان مقترناً "بالأسباب" و"الحيثيات" عندئذ يسقط الضيق.. لماذا صدر هذا الحكم "القضائي".. فإن أسبابه كفيلة بالرد علي السؤال.. خاصة في قضايا الرأي العام أو تمس شخصيات لها تأثيرها الجماهيري. .. إن الإجابة عن "لماذا" تنقذنا من "فخاخ" ينصبها أهل الشر للإيقاع بين الدولة المصرية وبين الشعب.. وبين الحكومة وقطاعات من المواطنين استغلالاً لغياب "المعلومة" وقوة ما يبثون من شائعات.. وشراسة جيوش التواصل الاجتماعي في النشر والتوزيع. .. لابد أن تنتبه الدولة المصرية بكل أجهزتها ومؤسساتها للإجابة عن "لماذا".. قبل إعلان أي قرار أو توجه أو سياسة. .. ولابد أن تعي الحكومة بوزرائها ومحافظيها وحتي مستوي رئيس القرية ومدير الإدارة أن الإجابة عن أسباب القرارات.. أهم من القرارات ذاتها. .. إن هذا الأمر يستوجب إعادة النظر في الكثير من القيادات الحالية.. فإن علينا أن نولي تلك العناصر القادرة علي المواجهة وقبول التحدي وليس الضعفاء أو المرتعشين. يستوجب الأمر توافر المعلومة الدقيقة الواثقة المدعومة بالأدلة والمستندات والبراهين بما يتوافق مع العقل والمنطق مع حسن الصياغة.. والتوفيق في "العرض" بحيث تصل المعلومة إلي عقل المواطن ووجدانه لتحصينه ضد أي مؤثرات أو شائعات أو فتن تستهدف أمن الوطن أو شق صفوفه أو تفكيك أواصره.. وهذا هو المطلوب.