لا يزال المشهد الليبي متأزماً وغير واضح والأطراف الفاعلة أوضاعها السياسية تتغير حيث إنه من المعروف ان المدة القانونية المحددة للعمل بحكومة الوفاق الوطني بموجب اتفاق الصخيرات قد انتهت منذ أيام وينص الاتفاق علي أن تتولي الإشراف علي أمور البلاد لفترة سنة كاملة علي أن يتم التحضير خلالها لمرحلة انتقالية ولم تستطع خلال تلك الفترة بالرغم من الاعتراف بها علي المستوي الدولي ان تنجز مهامها وكان أول حجر عثرة لها عدم التصديق عليها من قبل البرلمان بطبرق برئاسة عقيلة صالح وعدم قدرتها علي توحيد الجيش الليبي وعدم الاتفاق مع المشير خليفة حفتر وإصرارهم علي ضم المليشيات الموالية لأعضاء المجلس الرئاسي إلي القوات الليبية الموالية لهم وهي أمور لا تصب في مصلحة الشعب الليبي الذي يأمل في الاستقرار والتغلب علي الجماعات الإرهابية وحكم المليشيات ويقر فايز السراج رئيس الحكومة في تصريحات صحفية نهاية الشهر الماضي أن الوضع في ليبيا أسوأ مما كان عليه قبل 30 مارس تاريخ وصول حكومته إلي طرابلس وهو الرجل الذي علقت عليه آمال لرأب الصدع الليبي لكن يشكو الرجل من صعوبات مالية ومن عراقيل لفرض سلطته في ظل التوازنات الحالية. يبقي النجاح الوحيد لحكومة السراج طرد تنظيم -الدولة- من مدينة سرت وهو انتصار منقوص علي اعتبار أن الكتائب هي من تولت محاربة التنظيم بخسائر بشرية كبيرة بلغت700 ضحية و2500 جريح بالرغم من مساندة جوية حاسمة من قبل واشنطن. علي الجانب الموازي للمعادلة يحقق خليفة حفتر قائد الجيش الليبي المنبثق عن مجلس نواب طبرق عدة انجازات علي صعيد محاربة الجماعات المتطرفة في شرق ليبيا ويتم التعامل معه علي المستوي الدولي باعتباره طرفاً فاعلاً ومهما وخاصة بعد سيطرته علي الهلال النفطي وتحريره من يد المليشيات وتسليمه إلي مؤسسة إدارة النفط الليبي ويظهر هذا في جولته الخارجية الأولي التي قام بها الشهر الماضي حيث تم استقباله بحفاوة في روسيا باعتباره صديقا وحليفا استراتيجيا في المنطقة كما توجه إلي الجزائر في زيارة هي الأولي من نوعها منذ اندلاع الأزمة لبحث آخر تطورات الوضع في بلاده في إطار وساطة تقوم بها السلطات الجزائرية منذ أشهر بين أطراف الأزمة للوصول إلي اتفاق سياسي وعبر عبدالقادر مساهل وزير الشئون المغاربية والافريقية والعربية إن المحادثات بين الجانبين تمحورت حصريا حول التطورات السياسية والأمنية في ليبيا ووسائل تشجيع العودة السريعة للاستقرار في هذا البلد ويأتي هذا اللقاء في إطار مجموعة من الزيارات المرتقبة لعدة أطراف ليبية ومنها فايز السراج لحلحلة الازمة والتوصل إلي توافق وقال أحمد ميزاب رئيس اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة عن حفتر بإنه يمثل "رقماً مهماً في معادلة الحل في ليبيا بفضل خبرته وموقعه ودوره في المعادلة الأمنية ولا يمكن تصور إمكانية اقصائه من أي مساعي جزائرية لحل الأزمة فالجزائر تنظر إليه كرجل يمكنه تقديم الكثير من أجل المصالحة وخلال هذه الزيارة الهامة أعلن السراج تأكيده عبر خطاب تليفزيوني انه تم تحرير مدينة سرت من الدواعش وغازل في كلمته المشير حفتر حيث وجه تحية إلي القوات الموالية له التي تخوض معارك منذ عامين ضد الجماعات الإرهابية في الشرق الليبي وكذلك قوله إن معركة سرت انتهت ولكن الحرب علي الإرهاب في ليبيا لم تنته. لذا علينا توحيد القوي العسكرية في جيش وطني واحد وفي إطار هذه الزيارات الهامة يتوجه المشير خليفة حفتر إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية في زيارة تستغرق أيام ومن المنتظر ان ينتج عنها عدة أمور من أهمها تقييم الوضع الأمني في شرق البلاد والحديث عن إمكانية تسليح الجيش الليبي من أجل محاربة الجماعات المتطرفة واليات التوافق السياسي وفق منظور ليبي ليبي. يحتدم الجدل في ليبيا حاليا حول الخيارات المطروحة أمام الأطراف السياسية التي يتمسك بعضها بالصيغة الحالية للاتفاق الذي رعته الأممالمتحدة وحظي بدعم دولي واسع فيما يطالب آخرون بإدخال تعديلات علي الاتفاق كي يتلاءم مع الوضع القائم. ينص اتفاق الصخيرات علي إمكانية التمديد لحكومة الوفاق مدة ستة أشهر في حال لم تتمكن من إكمال المهام الموكلة إليها لكن هناك من يري أن مأمورية حكومة الوفاق لم تبدأ بعد علي اعتبار أنها لم تحظ بثقة مجلس النواب .