** لفت انتباهي إعلان تنويري تبثه القنوات الحكومية وغير الحكومية يتعلق بقضية الدعم وضرورة توجيهه في الاتجاه الصحيح. تواكب تلك الحملة الإعلانية مع مطالب صندوق النقد الدولي للحكومة المصرية برفع الدعم عن السلع الأساسية والمنتجات البترولية وكأن الحكومة تطمئن المصريين أنها حريصة علي مراعاة البعد الاجتماعي ولكنها سوف تستجيب لمطالب "الصندوق" في حدود المتاح وان إجراءاتها المرتقبة تستهدف الترشيد لا الإلغاء بمعني أن الدعم سوف يذهب إلي مستحقيه فقط من الفقراء وهم الغالبية. لكن الأخبار "المسربة" تشير إلي تحديد مستحقي الدعم الذين يحملون البطاقات التموينية وهم بالملايين بشرط أن يقل دخلهم الشهري عن ألف وخمسمائة جنيه مصري أي أقل من مائة دولار أمريكي أو نحو ذلك وأظن أن مثل هذه الأخبار المسربة تأتي في إطار الشائعات التي تستهدف استقرار البلاد في تلك المرحلة الدقيقة فلا يعقل أن تعيش أسرة مصرية في ظل الأوضاع الاقتصادية الطاحنة بمثل هذا المبلغ المتواضع خاصة في ظل التراجع المتصاعد وغير المبرر للقيمة الشرائية للجنيه المصري. فإذا افترضنا ان متوسط عدد أفراد الأسرة المصرية "خمسة أفراد" يكون دخل الفرد في مثل هذه الأسرة "عشرة جنيهات" يوميا فقط لتغطية نفقات أكله وشربه وتعليمه وعلاجه في ظل تراجع دور الدولة عن توفير احتياجاته في مجالات الصحة والتعليم والسكن وكافة الخدمات الأساسية. - أنا هنا أتحدث عن الأسرة المصرية المخصص لكل فرد منها ثلاثمائة جنيه شهرياً تكفي متطلباتهم الحياتية بالكاد. فما بالنا بأسرة مماثلة تعيش علي ثلاثمائة جنيه شهريا وتعيش في أحضان الفقر والجهل والمرض وكيف تستقيم حياتها في ظل هذه الانفلات غير المسبوق في ارتفاع الأسعار..! ** أقول ذلك علي خلفية التصريحات الأخيرة للبرلماني المخضرم ذائع الصيت الأستاذ "البدري فرغلي" رئيس اتحاد أصحاب المعاشات بشأن تعنت وزارتي التضامن والمالية في توفير الحد الأدني للحياة الكريمة لمن أفنوا حياتهم في العطاء للوطن بامتداد عدة عقود وعندما بلغوا سن المعاش لم يجدوا من يحنو عليهم وقد يظن البعض ان مشكلة أصحاب المعاشات تنحصر في موظفي الحكومة والقطاع الخاص فقط ولكن الحقيقة أنها تطول الآلاف من الصحفيين وأصحاب الأقلام الذين أفنوا حياتهم في الدفاع عن قضايا الوطن وتبني هموم المواطن فإذا بهم يعانون شظف العيش ولا يستطيعون تغطية نفقات أسرهم علي خلاف ما يعتقد العامة بأن الصحفيين الذين بلغوا سن المعاش من النخب الاجتماعية الذين يتقاضون معاشات كبيرة تكفي احتياجاتهم واحتياجات عائلاتهم وتزيد وواقع الحال أن الحديث عن الأوضاع الاجتماعية لآلاف الكتاب وحملة الأقلام حديث ذو شجون ودعوني أصارح القاريء بالواقع الأليم فقد التقيت أول أمس بأحد الزملاء في مصعد الجريدة وأحسبه من الصحفيين المرفهين وإذا به يبادرني متسائلا: هل أعددت مستندات القضية..؟ واجبته: ليس بعد. فالأمر قد يستغرق وقتا طويلا للحصول علي حكم مماثل للحكم الذي حصل عليه بعض الزملاء في مؤسسة روزاليوسف من قبل القضاء الإداري بأحقيتهم في الحصول علي عوائد السنوات الخمس الأخيرة من علاواتهم الاجتماعية. وعندما لمس زميلي المحترم عدم تحمسي علق قائلا: "لا بأس" فإذا لم نلحق بالحكم لصالحنا. فلنفعل ذلك لمصلحة أولادنا..!! ** آخر الكلام : علي الحكومة المصرية أن تتنبه جيداً إلي المصير المؤلم الذي ينتظر أصحاب المعاشات في حال عدم الاستجابة لمطالبهم العادلة والمشروعة بتحديد حد أدني مناسب طبقا للمادة "27" من الدستور.. جدير بالذكر ان اتحاد أصحاب المعاشات برئاسة "البدري فرغلي" علي وشك الحصول علي حكم بأحقيتهم في الحصول علي عوائد السنوات الخمس من علاواتهم الاجتماعية. ولتبتعد الحكومة عن أصحاب المعاشات خاصة أولئك الذين يعولون أسراً كبيرة تتضمن خريجي جامعات بلا عمل. وطلاباً في مختلف المراحل التعليمية فلا أقل من خمسة آلاف جنيه شهريا لتحقيق الحد الأدني للحياة الكريمة ودعوني اختتم مقالي بمعلومة حقيقية ولكنها تُعد من الغرائب والطرائف. فقد بدأ العمل بالجنيه المصري بنهاية الربع الأخير من القرن التاسع عشر وتحديداً منذ عام 1885م وقتذاك كانت قيمة الجنيه المصري تساوي ثمانية جرامات ونصف الجرام من الذهب . أي ما يوازي 5250 جنيها أو ما يوازي 350 دولاراً بأسعار اليوم.