انتفض الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق وأحد جيل الأساتذة والمعلمين في الصحافة المصرية ليتحدث عن أوجاع وأمراض الصحافة المصرية التي تمر حالياً بمرحلة من التخبط وغياب المهنية والحرفية واختلاط الخبر بالإعلان وضياع الكثير من المفاهيم والقيم والأعراف التي كانت تحافظ علي الصحافة كرسالة وكضمير حي للأمة. وأستاذنا المحارب مكرم يقول في حديث آخير له إن الصحافة ليست "فتونة". وأن مهنة الصحافة رسالة لأن الصحفي مسئول عن توفير الحقيقة للرأي العام. وانتقد مكرم أن يكون الصحفي له صلة بالإعلانات لأن شرف الكلمة يلزمه بالموضوعية. علاوة علي ذلك فإن الاستاذ مكرم يتحدث عن أخطاء مهنية بشعة في الصحافة الآن. ومكرم بذلك يتحدث عن الصحافة المثالية التي كان يقوم بتدريسها لنا أحد عمالقة الصحافة المصرية في جيلها الذهبي وهو الأستاذ جلال الدين الحمامصي عليه رحمة الله والذي كان نموذجاً لترفع الصحفي عن الدنايا والصغائر والتزامه بالموضوعية والصدق وعدم الخلط ما بين آرائه وقناعاته الشخصية ومضمون الخبر الذي يقوم بعرضه ونشره. ولكنها صحافة كانت من الماضي ولن تعود أبداً في أوقات غابت فيها المبادئ والأخلاقيات ولم يعد هناك احترام للكبار ولا للخبرات ولا تقدير للكفاءات والمهنية وإنما صارت الغلبة والنفوذ لأصحاب الأصوات المرتفعة الذين يجيدون لغة الشتائم والبذاءات وإطلاق حملات التشويه والشائعات لإبعاد منافسيهم والتخلص منهم ايضا. *** ولأنها أصبحت فعلاً وقولاً مهنة من لا مهنة له فإن الصحافة في الآونة الأخيرة قد شهدت انحداراً هائلاً في المستوي المهني والحرفي لأن العديد من الذين انتسبوا إليها وعملوا بها لم تتوافر لديهم مقومات العمل الصحفي ولم يحصلوا علي قدر وافر من الدراسة والتأهيل والتدريب علي هذه المهنة. ولم ينظروا إليها علي أنها رسالة ومسئولية وإنما تعاملوا معها علي أنها تجارة وشطارة وطريق إلي النفوذ والتميز. ومصدر للقوة وسلطة فوق كل السلطات..! وزاد من حجم التدهور في المهنية والأخلاقيات انضمام عدد كبير من النشطاء الذين ظهروا بعد ثورة يناير إلي ميدان الصحافة وإلي نقابة الصحفيين بقناعات وأفكار وتوجهات مختلفة. فأضاعوا الكثير من التقاليد الراسخة للصحافة المصرية وتسيدوا الساحة في نوع جديد من صحافة الإثارة والبحث عن الفضائح وكشف العورات والتركيز علي السلبيات وإصابة المجتمع كله باليأس والإحباط. ولم يكن غريباً أن تبدأ الصحافة في التراجع. وأن تفقد بريقها وتوهجها وتأثيرها ايضا..! فالقارئ هو سيد الموقف.. وهو القادر علي أن يكشف ويكتشف العملة الجيدة من الرديئة. والقارئ شعر أن الصحافة التي يقرأها لم تعد ذات فائدة كبيرة له.. وأنها لم تعد تقدم له جديداً.. وأنها لم تستطع أن تواكب حركة التغيير والمنافسة الإلكترونية الهائلة.. وأنها تفتقد إلي التميز وسد احتياجاته في المعرفة والرأي الصادق..! والصحافة في أزمة.. أزمة مهنية.. وأزمة أخلاقية وأزمة مادية وأزمة في أن تكون أو لا تكون.. والقرار والمصير لدي أصحاب الشأن إذا أرادوا أن يكونوا..! *** ونترك الصحافة ومتاعبها لنتحدث عن قضية الساعة.. عن السيول وما سببته من كوارث ومن خسائر. وأسوأ حديث في هذه القضية هو ما يتعلق بتبادل الاتهامات والحديث عن الإهمال والتقصير. فالقضية في مجملها تتعلق بتوافر امكانيات مواجهة السيول والحد من عواقبها والامكانيات لدي المحافظات ضعيفة ومحدودة. ومواجهة الطبيعة تحتاج إلي خطط وبرامج وميزانيات ومشاريع عملاقة للاستفادة من مياه السيول وتخزينها. والبعض يعتقد أن رئيس مجلس مدينة مثل رأس غارب لديه القدرة بأجهزته المحلية علي مواجهة السيول أو منع الكارثة..! وهو اعتقاد يخلو من المنطق. فالمسئولية لا تقع علي رؤساء المدن أو المحافظين وحدهم وإنما هي مسئولية الحكومات المتعاقبة التي لا تقوم بوضع حلول دائمة لمشكلة أصبحت معروفة ومتكررة. إننا نتعامل في مشكلاتنا بطريقة الدعاء والابتهال إلي السماء بأن تلطف بنا دون أن نلطف أولاً بأنفسنا ونؤدي ما علينا. ولم نكن في حاجة إلي السيول لكي تكشف لنا عواراتنا وضعفنا وقلة حيلتنا.. فهي في النهاية "ماشية" بالبركة. *** ورئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال لم يجد ما يقوله للنواب الذين كانوا أثناء الجلسات يقومون من أماكنهم لاحتضان الوزراء إلا أن يقول "مايصحش كده".. وكررها عدة مرات دون استجابة من النواب..! ولو كررها الدكتور عبدالعال مائة مرة فإن هرولة بعض النواب في اتجاه الوزراء لن تتوقف. فالنائب إذا لم يحصل علي موافقات وتأشيرات الوزراء لخدمة أبناء دائرته لن يعود ولن يكون نائباً مرة أخري.. والابتسامات ضرورية والأحضان أصبحت عادة.. وعليها كمان "بوستين"..! *** ومجلس جامعة طنطا يستحق التحية علي القرار الذي اتخذه بإعفاء طلبة الدراسات العليا والبحوث من ذوي الاحتياجات الخاصة من مصروفات الدراسات العليا. والقرار حضاري إنساني يخرج من دلتا الخير وينتظر التطبيق في كل جامعات مصر الحكومية والخاصة. فهو قرار يعكس مهمة حقيقية لمفهوم حقوق الإنسان وآدميته. *** أما النشطاء فقد عرفوا طريقهم إلي السعودية.. ونشطاء السعودية دعوا لإضراب عن العمل يوم الاحد الماضي. والشعب السعودي رد علي الدعوة بالتجاهل والرفض. وليس مهماً أن الإضراب قد نجح أو فشل. ولكن المهم أن النشطاء قد وصلوا إلي السعودية أيضا واخترقوها.. والنشطاء ماداموا قد وصلوا فإن المتاعب قادمة ولن تأتي فرادي..!