في ظل الانفلات المالي والاستهلاكي الذي يتميز به المصريون دون غيرهم.. مع أن دولتهم مواردها محدودة وسكانها يتزايدون.. لذا فالفاتورة الاقتصادية لمصر فاتورة ضخمة تصرخ بأعلي صوتها.. استحوا ولا تبذروا ولا تسرفوا. فالمبذرون والمسرفون إخوان الشياطين.. كما تصرخ الفاتورة ولسان حالها يقول "ادرسوا أحوالكم وتأملوا دروبكم وانجزوا وانتجوا فالبركة تأتي لمن يعمل وينجز.. وكونوا عباد الله إخوانا.. وفي ظل كل هذا.. هل تسمعون عن دولة بموارد محدودة وشعب يتزايد عاماً بعد آخر وبها صناديق خاصة منفلتة.. سداح مداح.. لا حسيب ولا رقيب.. إذ تقول للمتعاملين معها والمشرفين عليها كونوا فاسدين حتي تظل الصناديق قائمة وتدر عليكم فسادها وأموالها لتنعموا بها.. فهي تكية وعذبة من لا تكية ولا عزبة لهم"..!! الصناديق الخاصة بلغ عددها نحو 5564 صندوقاً عام 2002 وتطور هذا العدد إلي 6285 نهاية يونيو 2016 معظمها في الجامعات بنسبة 53% وبإجمالي 3335 حسابات يليها المحافظات 1503 حساباً وبنسبة 24%. وفي الوزارات تتصدر وزارة الزراعة 379 حساباً والصحة 182 حساباً وفي هذه الصناديق مجتمعة يبلغ رأسمالها نحو 2.52 مليار جنيه. الصناديق الخاصة في المحليات مثلاً تأتي أموالها من الرسوم التي تفرضها تلك الجهات علي خدماتها المقدمة للمواطنين رغم أن هذه الجهات يجب أن تقدم خدماتها وفقاً للنظم الحكومية المعمول بها في الجهاز التنفيذي للدولة.. ولكن لغياب الرقابة وتوافر البيئة المحفزة لوجود كيانات وعزب خاصة تأتي هذه الصناديق لتكون باب فساد وإفساد مع أن الجهاز المركزي للمحاسبات أشار في عدة تقارير له عن الحسابات الختامية لهذه الصناديق آخرها 2014/2015 إلي عدة ظواهر سلبية شابت عمل هذه الصناديق والتي أنشيء بعضها دون قرار معروف. فضلاً عن غياب لائحة مالية تنظم عملها وعدم اعتمادها من وزارة المالية. ومن ثم لا يوجد نظام محاسبي صحيح بقواعد محددة للصرف والتحصيل. ومن أهم ما أشارت إليه تقارير المركزي للمحاسبات هي صرف الأموال في غير أغراضها المخصصة لها.. ومنها شراء سيارات فارهة لكبار المسئولين. وليس هذا فحسب. بل قام أحد الصناديق بشراء سيارتين فارهتين وأهداهما إلي الوزارة التابع لها الصندوق. فضلاً عن صرف حوافز ومكافآت ورواتب للعاملين والمستشارين فيها دون وجه حق. بل زاد الطين بلة ووصل الأمر في بعض هذه الصناديق إلي تجاوز الحد الأقصي للأجور..!! المركزي للمحاسبات أيضاً أحصي نسبة الانفاق في هذه الصناديق.. فمثلاً في صناديق المحليات زاد الانفاق فيها من 28% عام 2010/2011 إلي 43% عام 2014/2015 وأضحت الأجور للعاملين في هذه الصناديق تستغرق نحو 49% من أموالها. إذاً كما قلت سلفاً إن أموال الصناديق الخاصة سداح.. مداح حيث لا رقيب ولا حسيب ومن ثم نقول لمن لا يعرف الفساد كن فاسداً ومفسداً رغم اننا نقترض ونبحث عن منح ونفرض الضرائب علي فقراء الوطن كما نقيم الولائم والحفلات والليالي الملاح. فيما نفتقر إلي الحكمة وتحديد الأولويات.