نعي الشعراء والنقاد والمثقفون الراحل الكبير الشاعر فاروق شوشة الذي وافته المنية أمس مؤكدين انه برحيله فقدت مصر مرحلة مهمة من مراحل تاريخها الثقافي بما قدمه من إبداع شعري كان قفزة في تاريخ الشعر العربي علي صعيد الشكل والمضمون. وبما قدمه من برامج إذاعية حببت المتلقي في اللغة العربية وجعلها سهلة قريبة إلي قلوب الناس. مشيرين إلي انه ينبغي تكريم اسمه باعتباره رمزاً من رموز الفكر الإنساني. يقول الناقد الكبير د. محمد عبدالمطلب: إن خبر وفاة الشاعر الكبير فاروق شوشة يعد صدمة كبيرة. لأن فقد شوشة هو فقد لمرحلة ولتاريخ من الثقافة المصرية والعربية. فهو فقد للشعر العربي أولاً. وفقد للغة العربية ثانياً. وللأدب العربي علي وجه العموم. وقد تولي مناصب ثقافية مهمة أدي فيها دوراً سيخلد اسمه علي مر التاريخ. يضيف: وفي رأيي يمثل شوشة - يرحمه الله - قفزة في تاريخ الشعرية العربية. سواء في بنية شعرية ومرجعية شعره الثقافية. وصوره وأشكاله التعبيرية. وكل من يقرأ قصيدة له يعرف انه صاحبها. وكل هذا يحتاج منا ان نتوقف عند الموسوعة الشعرية التي تركها والدور الثقافي الذي أداه. وقد تم منحه أعظم الجوائز وآخرها جائزة النيل وأتمني من المؤسسات الثقافية ان تتخذ من القرارات ما يخلد اسمه وتقيم التأبينات له. واعتقد انني بوصفي مقرراً للجنة الشعر بالمجلس الأعلي للثقافة سأتولي إقامة تأبين له ثم محاولة إقامة بعض الندوات والمؤتمرات احتفاء بتاريخه. وهناك ندوة في بيت الشعر عن أحمد شوقي أظن أننا سنحولها لندوة تأبينية عن فاروق شوشة. ويقول الشاعر والناقد د. حسين حمودة - رئيس تحرير سلسلة كتابات نقدية - لقد قدم الشاعر الراحل فاروق شوشة الكثير جداً للشعر المصري من جهة. وللغة العربية من جهة ثانية. وللثقافة الأدبية علي مستوي الإعلام الإذاعي والتليفزيوني من جهة ثالثة. وعبر دواوينه ومنها: إلي مسافرة. و"في انتظار ما لا يجيء". و"يقول الدم العربي" و"الجميلة تنزل إلي النهر". و"أبوابك شتي". وعبر مؤلفاته حول اللغة العربية ومنها: "لغتنا الجميلة ومشكلات المعاصرة". وعبر الأدوار المتعددة التي قام بها في برامجه الإذاعية والتليفزيونية وحواراته القيمة مع قامات إبداعية وثقافية كبيرة ومتعددة. عبر هذا كله تشكلت وتكاملت تجربة فاروق شوشة فيما يشبه مشروعاً كبيراً غنياً خاصاً به وحده. يضيف د. حمودة: علي المستوي الإنساني اقتربت منه كثيراً خلال العمل المشترك في "قاموس الأدب العربي" الذي يشرف عليه د. حمدي السكوت. وخلال سنوات عرفت جوانب نبيلة وجميلة وراقية في تكوينه. وفي رؤيته للأدب وفي محبته للناس. وهناك عملان حديثان لفاروق شوشة يستحقان الاهتمام بهما. للوقوف علي جوانب من سيرته صاغها شعراً. هما علي باب العمر الجميل. وأبوابك شتي. وفي هذا العمل الأخير تتبلور الرحلة الطويلة الحافلة لشوشة في نبرة استخلاصية جميلة. وتقريباً "ختامية" تختزل هذه النبرة سيرة شاعر فرد واحد. لكنها في الوقت نفسه نجسد سيرة وطن بأكمله وأمة بأكملها. ويقول الناقد الشاعر د. عبدالناصر هلال: ان رحيل الشاعر الكبير فاروق شوشة فاجعة كبيرة لنا جميعاً ولكنها تسليم لقضاء الله. وبرحيله يرحل ويترجل فارس من أكبر الفرسان الذين يحببون المتلقي لموسيقي اللغة العربية وانشاد اللغة العربية وطربها. ويعرف ان هذه اللغة ليست حبيسة المعاجم والقواميس. بل هي حبيسة الروح والنفس. وهو يعلمك الانضباط في سماع اللغة واستخدامها وفي بنيتها والتفكير بها. ويضيف: اعتصر ألماً علي هذا الرجل الجميل. وهو أول من قدمني عندما فزت بجائزة الدولة التشجيعية سنة 2000 وكان حبيباً إلي نفسي. وودت ان أدعوه إلي صالوني الثقافي فقال: ظروفي العائلية وصحتي لا تسمح فعرفت ان فاروق شوشة في دائرة الخروج من الحياة. وينبغي تكريم اسمه باعتباره رمزاً من رموز الفكر الانساني لانه قلعة من قلاع الوطن. وهو جيل من الانشاد في الفصحي يندر ان يوجد وعندما يسقط فارس مثله لا يعوض.