يأتي تصويت الكونجرس الأمريكي برفض فيتو الرئيس الأمريكي أوباما وبنسبة ساحقة مثيراً للتساؤلا حيث صوت المجلس بنسبة 97 صوتاً ضد واحد فقط. وبإصدار الكونجرس الأمريكي لقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب والمعروف إعلاميا "جاستا" الذي يسمح لأسر ضحايا حادث الحادي عشر من سبتمبر لعام 2011 والذي تم خلاله استهداف مركز التجارة العالمي بالاضافة إلي البنتاجون بأن يطالبوا بمحاكمة المملكة العربية السعودية وعدد من الشخصيات البارزة هذا يعطي دلالة في منتهي الأهمية وهي الاتفاق الضمني علي ابتزاز السعودية وفرض عقوبات عليها. يتزامن هذا الموقف مع ذكري مرور 43 عاماً علي نصر أكتوبر 1973 حيث دعمت السعودية الموقف المصري بمنع تصدير النفط ورغم ان هذا الموقف الجريء من المملكة تسبب في رفع سعر البرميل لعدة أضعاف إلا انه موقف سياسي قوي يحسب للملك فيصل وارسل الرئيس الأمريكي وزير خارجيته هنري كيسجنر إلي الملك فيصل بغية اثنائه عن قرار قطع البترول عن دول الغرب فلم تستجب السعودية لمطالب الغرب بالتراجع عن موقفها من منع ارسال البترول إليها وقدمت الدعم المادي والعسكري واللوجستي لمصر في حربها. قال الملك فيصل مقولته الشهيرة. "عشنا وعاش أجدادنا علي التمر واللبن وسنعود لهما" كما شاركت القوات السعودية في حرب أكتوبر ضمن الجبهة السورية ان الدور السعودي لم يقتصر عند هذا الحد لكن في أعقاب ثورة 30 يونيه حيث دعمت المملكة ثورة الشعب المصري سياسياً واقتصادياً فالرياض قامت بواجبها العربي والإسلامي تجاه الشقيقة الكبري توطيدا لأواصر الاخوة التي تربط بين البلدين وأكد ذلك خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بأن السعودية لن تتخلي عن مصر وان المملكة ليست مرتبطة بنظام بل مرتبطة ارتباطاً قوياً بالشعب المصري ومع الاتفاق النووي الايراني الأمريكي "مجموعة 5«1" تزايدت الضغوط علي دول الخليج والسعودية خصوصا باطلاق يد ايران في المنطقة متمثلة في الحوثيين وحزب الله في لبنان وحماس في فلسطين وزادت المخاوف باستيلاء الحوثيين علي اليمن ومهاجمة حدود المملكة السعودية وكذلك استيلاء تنظيم داعش الإرهابي. وجاءت القمة العربية ال 26 التي استضافها منتجع شرم الشيخ المصري ليبرز مسعي تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة وهو المقترح الذي تبني الدعوة له من قبل القمة الرئيس عبدالفتاح السيسي بغية التصدي لكافة صور الإرهاب وتشكيلاته ولمواجهة تحديات وتهديدات الأمن القومي العربي استناداً إلي اطار قانوني متمثل في معاهدة الدفاع العربي المشترك ونصوص الجامعة العربية وعقدت الاجتماعات واللقاءات لتكوين القوة العربية المشتركة مما ازعج راعي البقر من اجتماع العرب وتوحد قواهم فقرر دعوة قادة الخليج ليجتمعوا في منتجع كامب ديفيد وتنبه البعض إلي خطورة الملعوب الأمريكي فلم يحضر سوي أمير قطر "تميم بن حمد" و"ملك الكويت والباقون نواب وقال أوباما ان واشنطن مستعدة "للعمل المشترك" مع دول مجلس التعاون الخليجي للتصدي لأي تهديد خارجي لدول المجلس بما يشمل ذلك امكانية استخدام القوة العسكرية وعرض عليهم القبة الصاروخية الأمريكية وهي بعشرات المليارات لتكون بديلا عن القوة العربية المشتركة وهنا تكمن الخطورة التي لم ينتبه إليها الاشقاء وهي التخطيط المستمر والفعال بكل الوسائل والطرق الشرعية وغير الشرعية لمنع توحد العرب ومنع تشكيل قوة عربية مشتركة فهل تكون ذكري أكتوبر والتلاحم بين مصر والاشقاء جرسا ينبهنا لخطورة الموقف وان ما قامت به الولاياتالمتحدةالأمريكية باقامة جسر جوي وبحري لنجدة إسرائيل بعد بكاء جولدا مائير للرئيس الأمريكي ريتشاد نيكسون بأن إسرائيل ستضيع للأبد؟ وهل تكون ذكري أكتوبر بداية المشاركة العربية في موقف عربي كل دولة علي حسب امكانياتها الاقتصادية والعسكرية والبشرية؟ كيف نبني قوة عربية مشتركة لا نختلف علي من يقودها أو دولة المقر وانما نتواجد ضمن قوة عربية تحمي وتصون الأمن القومي العربي؟ إن اقرار قانون جاستا هو جرس انذار شديد الخطورة للعرب جميعا بعد ان اظهر الذئب الأمريكي نيتة في افتراس الدول العربية واستنزاف مواردها الاقتصادية الواحدة تلوي الأخري لنكون عبيداً لهم في أوطاننا ان مصر هي قلب العروبة النابض وحاضنة العمل العربي المشترك وصمام أمان الوطن العربي كله فلا يوجد دور عربي في المنطقة بدون مصر فهي المحور المركزي للعرب وبدونها لا يوجد تمثيل حقيقي للعرب في القضايا الدولية ان توحد العرب في مواجهة التنظيمات الإرهابية والتدخلات الخارجية في شئونهم أصبح ضرورة ملحة وأمراً مهماً في الأوقات العصيبة التي تمر بها الأمة حتي يتمكنوا من التصدي لخطر هذا الإرهاب الخبيث والوقوف أمام اطماع الغرب وبعض القوي الاقليمية التي تهدف إلي التمدد في البلاد العربية وشق صف وحدتها. لذا نخلص إلي ضرورة العمل الجماعي المشترك لإيجاد حلول عربية لقضايا المنطقة والترفع عن المشكلات الجانبية بين الأشقاء العرب وأهمية تشكيل "قوة عربية مشتركة" لتمكين الدول العربية من التعامل بفاعلية مع التحديات الراهنة والاستجابة لمعالجة الأزمات التي تنشب في المنطقة بما فيها عمليات التدخل السريع وغيرها من المهمات ذات الصلة التي تهدف إلي توظيف هذه القوة لمنع نشوب النزاعات وإدارتها وايجاد التسويات اللازمة لها وكيفية استخدام هذه القوة بما يحفظ أمن واستقرار الدول العربية. حفظ الله مصر