واستكمالا للحديث مع الوزير الجليل الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري "6" وبمناسبة ما أثير مؤخراً حول ترشيد استخدام مياه النيل.. أعود فأذكر بالحملة القومية لنشر الثقافة المائية والبيئية التي سبق أن أعدتها وقدمتها جمعية حراس النيل بعد تأسيسها وإشهارها لفترة وجيزة والتي كانت تهدف إلي تحقيق أغراض هامة ثلاثة: أولاً: إزالة التعديات الواقعة علي مجري النيل وضفتيه وحرمه والعمل علي منع حدوث أية تعديات جديدة.. ثانيا تجفيف منابع تلويث مياه النيل بالملوثات الخطرة سائلة وغازية وصلبة.. مما يفتك بصحة الإنسان والحيوان ويهلك الثروة السمكية.. ثالثاً ترشيد استخدام المياه وتوفير المقادير الكبيرة من المياه الفاقدة نتيجة الاستخدام الجائر لها في المزارع والمصانع والشرب والأغراض المنزلية وغيرها.. ولما لم تجد الجمعية آنذاك استعدادًا لدي الجهات الحكومية أو رجال الاعمال لمشاركة الجمعية لتنفيذ هذه الحملة القومية الهامة.. خاصة وأن ميزانية وزارة الموارد المائية والري لم تكن تسمح في ذلك الوقت لتمويل الاسهام في تنفيذ الحملة.. قامت الجمعية بجهودها الذاتية وبمعونة مالية محدودة من الحكومة الفليندية "من خلال جهاز شئون البيئة في مصر".. لتنفيذ المرحلة الأولي من هذه الحملة وذلك عن طريق فرق من شباب خريجي الجامعات قامت باختبارهم من أبناء الإقليم لجنة يرأسها السيد المحافظ آنذاك تم تدريبهم علميا وعملياً بواسطة علماء وخبراء متخصصين .. ثم تأهيلهم ليكونوا "حراساً للنيل" وحماة للبيئة.. ثم انتشروا في كافة أرجاء منطقة شبرا الخيمة وفي المئآت من المصانع التي تلقي بمخلفاتها الملوثة في نهر النيل وعلي مدي ستة شهور تمكن شباب حراس النيل حماة البيئة من توعية أصحاب المصانع والعاملين فيها وجميع أهالي المنطقة وتحويلهم إلي حراس للنيل حماة للبيئة ومنع مصادر تلويث نهر النيل ثم تحولوا إلي أحياء وشوارع المدينة ليزيلوا منها أكوام القمامة ولينظفوها وليعتنوا بالاشجار في شوارعها وكافة الحدائق والمتنزهات فيها.. وحقق شباب حراس النيل حماة البيئة ما هو منشود من الحملة القومية لنشر الثقافة المائية والبيئية. وفي حفل نهاية المرحلة لتكريمهم أشاد الوزراء والمسئولون من الجهة المانحة وكثير من المنظمات الدولية بنجاح هذه التجربة الرائدة وبتنفيذ المرحلة الأولي من الحملة القومية لنشر الثقافة المائية والبيئية وبالجهد الكبير الذي بذله الشباب المصري الواعد في التوعية بأهمية نهر النيل وحتمية وضرورة الحفاظ عليه من التعديات والتلويث والاستخدام الجائر لمياهه.. ولكم نتمني علي وزارة الموارد المائية والري مع وزيرها العالم الفاضل أن تستكمل تنفيذ الحملة القومية لنشر الثقافة المائية. "7" إن نهر النيل.. أحد أنهار الجنة.. الشريان الرئيسي لحياة مصر والمصريين منذ فجر التاريخ وهو أعظم وأشهر أنهار الدنيا.. يتعرض لصنوف عديدة من الظلم والإهانة والعدوان.. وذلك يحدث جهاراً نهاراً.. وعياناً بياناً دون أن يقابل بما يجب ويستحق من العناية والصيانة وإزالة آثار العدوان.. ذلك أن وزارة الموارد المائية والري وهي المختصة أساساً ووحدها بكافة شئون نهر النيل ينازعها الاختصاص كثير من الوزارات وعديد من المحافظات التي لها شئون بنهر النيل.. وبذلك تشتت الاختصاص بالنهر الخالد.. "وتفرق دمه بين القبائل".. وأصبح نهر النيل.. دون معظم أنهار الأرض هو النهر المهان غير المصان.. وإن من اكبر الجرائم التي ترتكب في حق نهر النيل.. شريان حياة مصر والمصريين جريمة التعدي علي النهر.. مجراه وضفتيه وحرمه.. ومن أخطر هذه الجرائم الصارخة جريمة تجفيف وردم أجزاء من مجري سريان النهر.. وكذلك جريمة التلويث العمدي للمياه مما يفتك بصحة المصريين ويكلف الدولة عشرات المليارات من الجنيهات ومحاولة معالجة الأوبئة الخطيرة التي تنتج عن تلويث المياه.. وكذلك جريمة الاستهلاك الجائر للمياه واستخدامها في غير موضعها مما يتسبب في فقد مليارات الامتار المكعبة من المياه التي مصر في حاجة ماسة إلي كل نقطة منها.. ومن أسف أن تلك الجرائم لا تواجه بما تستحقه من العقوبات.. فما زالت عقوبات هذه الجرائم هشة وهزيلة.. وأكثرها يتمثل في الغرامة التي لا أثر لها في مرتكبي هذه الجرائم.. ولحق أن جريمة التلويث العمدي لنهر النيل وجريمة ردم جزء من مرجي النهر هما من أخطر الجرائم التي تمثل في الحقيقة شروعا في قتل كل المصريين بل إنها جرائم شروع في قتل تتعدد بعدد تسعين مليونا من المصريين مما يجدر معه أن تكون العقوبة هي عقوبة جناية الشروع في قتل كل المصريين وليس مجرد عقوبة الجنحة في قدرها الهزيل. والحديث موصول بإذن الله تعالي