** الأمم تتقدم بالعلم. وبالعلم وحده نستطيع العبور للمستقبل واللحاق بركب الدول المتقدمة. فلا سبيل ولا جدوي لأية خطط تنمية بدون العلم والتعليم وإذا قام العلم علي "الغش" فهذا نذير خطر محدق بمستقبل الأمة. فالغشاشون يحملون معاول الهدم لا الإصلاح. والغش بمثابة عملية تفريغ لعقل الأمة تترتب عليها تداعيات مدمرة. حيث تبث اليأس والاحباط في النفوس. وتغتال الأمل في تجاوز المحن والتحديات. وتخل بحق الأغلبية في تكافؤ الفرص وتهدر حق الكفاءات والمواهب في الحصول علي مكانها الطبيعي في المجتمع فالمجتمع الغشاش لن يبلغ المقدمة أبداً وسيظل في مؤخرة قاطرة التنمية. أقول ذلك علي خلفية تسريبات امتحانات الثانوية العامة. فقد بات واضحاً أن قضية التسريبات ليست مجرد صفحات علي الشبكة العنكبوتية فجميعها تستند إلي جهات نافذة لا يستطيع أحد غيرها اختراق المطبعة السرية!! ودعونا نتوقف أمام تصريحات "بشير حسن" المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم بالأمس القريب والذي أكد ان عدد الطلاب والطالبات الذين تم إلغاء امتحاناتهم بسبب "الغش" وصل إلي حوالي 2500 طالب وطالبة علي مستوي جميع لجان الثانوية العامة. أي ان نسبة الطلاب الذين تم ضبطهم بممارسة الغش تصل إلي 5 بالمائة من مجموع طلاب الثانوية العامة. لكن الأخطر في تصريحات المتحدث الرسمي قوله بأن التسريبات وراءها مافيا الدروس الخصوصية حيث يقترب عدد مراكز الدروس الخصوصية من أربعة آلاف مركز علي مستوي الجمهورية تدر علي أصحابها مليارات الجنيهات سنوياً وهؤلاء التجار متغلغلون في مفاصل وزارة التربية والتعليم وأما لماذا تحركوا الآن..؟ فالاجابة علي طرف لسانه: لأن الوزير قرر التصدي لهم. وأمر بإغلاق أربعمائة مركز للدروس الخصوصية خلال ثلاثة أسابيع فقط. ** وأنا لا استبعد ضلوع تجار العلم أو التعليم في تلك التسريبات بهدف اسقاط الوزير. لكننا علي الجانب الآخر لا نستطيع غض الطرف عن مبررات القائمين علي صفحات الغش. فهم يقولون انهم لن يتوقفوا عن عمليات تسريب الامتحانات.. ونتائج الامتحانات أيضاً.. إلي حين تطهير وزارة التربية والتعليم من الفساد وتطوير المنظومة التعليمية في مصر بما يتناسب مع تطورات العصر الحديث. وهم بذلك يرتدون عباءة المصلحين وما هم بمصلحين. فوزارة التعليم ليست وحدها المسئولة عن الغش وحماية الغشاشين. وبقدر ما حزنت علي الاطاحة بوزير الزراعة السابق باعتباره كبش فداء لفساد متفش عبر سنوات وسنوات بين جنبات وزارة الزراعة بقدر ما اختلف مع الذين يطالبون برأس وزير التعليم. وحسناً فعلت فعلته الحكومة بعدم الاطاحة بالوزير. فالمشكلة سوف تظل قائمة في وجود أي وزير!! ** آخر الكلام: ثمة شيئاً ما يربط بين ظاهرة الغش عموماً والفساد علي وجه الخصوص. فالغشاش مشروع "لمتسول فاسد" وعلينا الانتباه إلي مثل هؤلاء الغشاشون الذين يسلكون كل الطرق لتحقيق مآربهم الشخصية بالوساطة والمحسوبية غالباً وبالنفاق أحياناً علي حساب مستقبل الوطن فالغش في الامتحانات فقط يمكن محاصرته إذا ما تم تطبيق توصيات المؤتمر القومي لتطوير التعليم الثانوي الذي عقد بالقاهرة عام 2008 وفي مقدمتها التوصية بضرورة اجراء اختبارات قياس ومهارات وميول الطلاب العامة والنوعية قبل إلحاقهم بالتعليم الجامعي فالغشاشون أنواع أخطرهم أولئك الذين يمارسون الغش في حياتهم العملية ولديّ نموذجان للغش في الوسط الاعلامي والصحفي سوف اتقدم لمن يهمه الأمر بما لدي من مستندات ووقائع لكشف حقيقته. هذا عن النموذج الثاني. وأما الأول فهو صحفي سابق اخترق بلاط صاحبة الجلالة بالغش والتحايل ويتم تعيينه بإحدي المؤسسات الصحفية القومية وحصل علي عضوية نقابة الصحفيين. ثم رفع دعوي قضائية علي مؤسسته لمنعه من ممارسة العمل الصحفي وكسب القضية. فاضطرت المؤسسة لإلحاقه بالقسم الفني في جريدته وصال وجال في مجتمع الفنانين قبل ان ينكشف أمره علي يد امرأة وتبين انه استخدم مؤهل شقيقه المقيم بخارج البلاد للتعيين في الصحافة وانه لا يحمل مؤهلاً عالياً. ولكنه يمتلك كل مقومات الغشاش.