بدا واضحاً أن جولة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلي أربع من دول حوض النيل في أفريقيا تأتي في اطار الفكر الاستعماري المستمر لدولة الاحتلال. وتكشف عن تغير سلوك الدبلوماسية الإسرائيلية. التي ظلت لسنوات تتبع أسلوب السرية في العلاقات الدولية. وتحولها إلي العلنية المتبجحة التي تسعي من خلالها إلي تأكيد أن إسرائيل دولة ذات أهمية. استهل نتنياهو زيارته لأوغندا أولي محطات الجولة قائلاً "إسرائيل عادت لأفريقيا. وأفريقيا عادت لإسرائيل".. جملة حملت كلماتها الغرض الأساسي من الزيارة التي جاءت في أوقات عصيبة تشهد توترات في معظم دول العالم. وازاحت الستار عن الغاية الأولي من التقارب مع دول القارة السمراء وهو بناء كتلة كبيرة من دول شرق أفريقيا. وينضم إليها المزيد من الدول بالقارة. تعمل في عدة محاور سياسية. اقتصادية. عسكرية. واستخباراتية. بدأ الحديث عن الشراكة الأفريقية الإسرائيلية خلال زيارة رئيس كينيا أوهورو كينياتا إلي تل أبيب. في فبراير الماضي. الذي أكد موافقة العديد من الدول الأفريقية علي تلك الخطوة وأنه لا يمثل بلاده فقط. ولكنه يزور تل أبيب ممثلاً لكل من اثيوبيا. وتنزانيا. وأوغندا. ورواندا. وجنوب السودان. مشيراً إلي أنه أجري اتصالات بزعماء هذه الدول. وأنهم أكدوا له اتفاقهم في الرؤية بشأن ضم إسرائيل إلي كتلة. تهدف لمواجهة امتداد تنظيم "داعش" إلي القارة الأفريقية. العباءة الأمريكية تسعي إسرائيل للسير علي نهج حليفتها الكبري أمريكا. خاصة فيما يتعلق بمجال ما يسمي "مكافحة الإرهاب".. فقررت أن تضغط بورقة الاستثمار الاقتصادي في مقابل التعاون في مجال محاربة الجماعات الإرهابية التي بدأت التوغل بشكل ملحوظ في عدد من الدول الأفريقية. كشف موقع "ديبكا" الإسرائيلي عن كواليس تشكيل تحالف جديد تسيطر إسرائيل بموجبه علي اقتصادات دول شرق إفريقيا. مقابل تعاون تل أبيب مع تلك الدول في مكافحة ما يسمي ب "الإرهاب الإسلامي". أشار الموقع إلي أن الرئيس الكيني "أعرب خلال زيارته لتل أبيب عن رغبته في انضمام إسرائيل لمنظمة الايجاد كدولة مشاركة تأخذ علي عاتقها مهمة إعادة بناء جيوش دول المنظمة وأجهزة مخابراتها. والأجهزة الأمنية الخاصة بالحرب علي الإرهاب. وتزودها بالأسلحة والمعدات الالكترونية الحديثة اللازمة لتلك المهمة". وأضاف الموقع المتخصص في التحليلات العسكرية. أن الأسباب التي طرحها كينياتا علي نتنياهو لتشكيل التكتل الجديد. يأتي في مقدمتها "تراجع دور الولاياتالمتحدة. وعدم اكتراثها بما يجري في شرق القارة السمراء. ودورها المحدود في محاربة "الإرهاب" بهذه المنطقة. الدور الأفريقي خلال الفترة الماضية بدأ الموقف الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية في اتخاذ طريق مختلف.. وكان ذلك واضحاً مع اعتراف عدد من البرلمانات الأوروبية بدولة فلسطين. وهو ما دفع تل أبيب للبحث عن حليف آخر داخل المحافل الدولية لضمان التأثير علي الكتل التصويتية في القرارات المعنية بالصراع العربي- الإسرائيلي.. وكان من الطبيعي أن تكون الدول الأفريقية هي البديل. ولضمان أكبر قدر من التأثير علي القرارات الأفريقية يسعي نتنياهو للانضمام إلي الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب. مستغلاً احتياجات بعض الدول الإفريقية لإقامة علاقات اقتصادية معهم.. ويقود هذا التحرك الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين الذي يطلب في كل لقاء مع زعيم إفريقي مساعدة بلاده للانضمام إلي الاتحاد الأفريقية. الأمر الذي يرفضه عدد من الدول الإقليمية بالقارة علي رأسها مصر والمغرب والجزائر. خلال زيارة اثيوبيا مقر الاتحاد الأفريقي حمل نتنياهو الكثير من الاغراءات للحكومة الأثيوبية منها اصطحاب 40 شركة إسرائيلية لكسب مزيد من الدعم الأثيوبي في التوسع الإسرائيلي بإفريقيا مقابل مشاركة عدد من الشركات الإسرائيلية في مشاريع استثمارية ضخمة في اديس أبابا. استثمار إسرائيلي بدل الصيني سنوات أصبحت القارة الأفريقية ساحة للصراع بين أمريكاوالصين للتوغل الاقتصادي في القارة.. ويري محللون اقتصاديون أن واشنطن استخدمت حليفتها تل أبيب في هذا الصراع عن طريق تعميق التعاون بين الدول الأفريقية وإسرائيل. ففي ظل نمو اقتصادي يبلغ 6% سنوياً بالقارة. فإن السوق الأفريقية تشكل قناة جيدة للشركات الإسرائيلية في عدد من المجالات. تسعي إسرائيل لإغلاق المجال أمام محاولات تقوم بها الصين لشغل الفراغ الأمريكي في تلك المنطقة. حيث تفضل دول شرق أفريقيا إسرائيل كحليف بدلاً من الصين. التي تريد مقابل يتمثل في بناء قواعد عسكرية أو امتلاك مراكز تأثير اقتصادية أساسية. حققت كينيا مثلاً مكاسب عديدة خلال زيارة نتنياهو لنيروبي حيث تم التوقيع علي عشرات الاتفاقيات في مجالات عدة في مقدمتها الزراعة والتجارة والاستثمار والأمن والتي تقدر بملايين الدولارات بهدف تعزيز التواجد الإسرائيلي في كينيا بصفة خاصة وأفريقيا بصفة عامة.