ها هو شهر رمضان قد أزف بالرحيل.. فاز فيه من فاز وخسر فيه من خسر والفائز فيه يسعي إلي جني الثمار التي زرعها ورعاها طوال هذا الشهر المبارك ومن بين تلك الثمار بقاء اثر الطاعات والعبادات ومحاسن الأخلاق التي حرص عليها المسلم في رمضان إلي ما بعده من شهور السنة كما أخبرنا الله سبحانه وتعالي ان الغاية العظمي من الصيام هي التقوي يقول تعالي: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون". وكذلك هم المؤمنون الصادقون بعد رمضان يستمرون فيما اعتادوا عليه خلال الشهر الكريم من مداومة علي الطاعة والخيرات وحسن الخلق ونبذ العادات السيئة فرب رمضان هو رب كل زمان ومكان وطاعته واجبة في كل زمان ومكان ولا تنقضي بانقضاء شهر أو موسم معين. وعلي المسلم بعد رمضان ألا يعود إلي ما كان اعتاد عليه من الآثام والمعاصي والتفريط في حقوق الخلق وسوء معاملتهم قبل رمضان فيهدم بذلك ما بناه خلال هذه الأيام المعدودات فقد جاء التحذير من الله عز وجل في كتابه الكريم لمن ينكص علي عقبيه ويضيع ما قدم من خير وينغمس في المعصية قال تعالي: "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا". لقد جاءت النصوص الشرعية بالأمر بعبادة الله والاستقامة علي شرعه وطاعته في كل زمان ومكان وليست مخصصة بشهر من السنة ولا مقيدة بمرحلة من العمر يقول الحسن البصري رحمه الله: "لا يكون لعمل المؤمن أجل دون الموت" وقرأ قوله سبحانه: "واعبد ربك حتي يأتيك اليقين". ولما سئل بشر الحافي رحمه الله عن أناس يتعبدون في رمضان ويجتهدون فإذا انتهي رمضان تركوا العبادة والطاعة قال: "بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان"! ومن شكر المسلم لله سبحانه وتعالي ان وفقه لأداء صيام رمضان والطاعة فيه ان يستمر علي طاعة الله بعد رمضان فإن من كفران النعمة وأمارات رد الأعمال كما قال بعض العلماء الصالحين: العودة إلي المعاصي بعد الطاعة يقول كعب: "من صام رمضان وهو يحدث نفسه انه إذا خرج رمضان عصي ربه فصيامه عليه مردود وباب التوفيق في وجهه مسدود".