مضى الشهر الفضيل بصلاة وقيام وذكر ودعاء، ليكون دفعة قوية لنا لمواصلة العبادة، فرمضان مران على العبادات على مر العام إلى رمضان المقبل، وهو بداية للاجتهاد في الطاعات لا انتهاء لها بانقضائه، ولذا حذر العلماء من العودة إلى المعاصى بعد انقضاء الشهر الكريم، لأن خير الطاعات أدومها وإن قل. ويقول الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع أسيوط، إنه لا ينبغي التهاون أو التقصير في العبادة، أو العودة إلى المعاصي بعد رمضان، بل على المسلم أن يداوم على هذه الطاعات بالاستمرار في الذهاب للمسجد وصوم النوافل، والثبات على شرع الله، والاستقامة على دينه، فيعبد الله لأنه يراه في أي وقت وأي زمان، فالعبادة لله لا ترتبط بأزمنة أو بأمكنة، بل يعلم أن ربّ رمضان هو ربّ بقية الشهور والأيام فقال تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَك..). مضيعة للإيمان وطالب كل مسلم يحب دينه بألا يترك الصلاة في المساجد، وأداء النوافل، من صلاة أو صيام، وقيام الليل بقدر ما يستطيع فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم مطردة للداء عن الجسد)، فشهر رمضان بداية للاجتهاد في العبادة وليس النهاية أو العودة لاقتراف الآثام والمعاصي فذلك إثم كبير ومضيعة للإيمان. مكارم الأخلاق من جانبه حذر الدكتور سعيد عامر أمين عام لجنة الدعوة الإسلامية بالأزهر، من أن تعود النفس لما كانت عليه قبل رمضان، فتضعف العزيمة لدى البعض في أداء العبادات والطاعات، وتعود سلوكيات وأخلاقيات البعض لما كانت عليه قبل رمضان، حيث لم يستفد من صومه في تعاملاته مع الآخرين، وطالب المسلم الصادق المخلص المجتهد في طاعة الله ورسوله بألا تفتر عزيمته ولا تنطفئ همته في أداء سائر العبادات والطاعات، ويجب عليه أن يتحلى دائما بمكارم الأخلاق، وفعل ما يرضي الله ورسوله طوال مسيرة حياته، حيث تعطيه فريضة الصيام دفعة جديدة قوية لإحداث تغييرات نحو الأفضل دائما في جميع جوانب حياته وسلوكياته، طمعا في الفوز برضوان الله ومغفرته، فنجده بعد رمضان، مستمرا في أداء الصلوات في جماعة، وقيام الليل، وقراءة وختم القرآن، وفعل الخيرات واجتناب المنكرات، ويستمر على سلوكياته وأخلاقياته أثناء شهر الصيام، فنجده يتحمل ويصبر على أذى البعض في الأفعال والأقوال، كما يجب على المسلم بعد أداء فريضة الصيام، أن يتجنب أية معصية، وعليه أن يعقب على عمل الطاعة بطاعة أخرى يقوم بها، ومن هنا يبدأ الإخلاص لله في العبادة، فكيف أدى الصلاة والصيام بصدق مع الله في هذا الشهر، - ورب رمضان هو رب شوال- ولكن الذي تغير في الإنسان هو أنه دخل مع الله في الطاعات بإخلاص وصدق، فكيف يتركها بعد ذلك؟! ولكن إذا قلت عبادته فعليه ألا ينقطع أو يهجر قيامه بالليل وتهجده وصلاة وصيام السُنن، ولذلك يبدأ من ثاني أيام العيد الصيام مرة أخرى وهي أول أيام صيام السُنن كما ورد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وتأتي هذه الأيام الستة لنقوم بصيامها ونحن نعيش فيها جو رمضان وبركته، وأيضا تعلم الإنسان بعد ذلك أن يصون جوارحه عن المحرمات وعن كل ما يغضب الله عز وجل، حيث يقول الله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا)، وأكد أن أفضل الأعمال أدومها وإن قل.