ذهبت جائزة فاتن حمامة التقديرية لهذا العام إلي المخرج الكبير محمد خان. وهي الجائزة السنوية التي يمنحها مهرجان القاهرة السينمائي لإحدي الشخصيات التي ساهمت وتساهم في الارتقاء بفن السينما. والحقيقة أن محمد خان نموذج للسينمائي المناضل الذي استطاع الاستمرار في العمل دون توقف. منذ أول أفلامه "ضربة شمس" عام 1980 وحتي أحدثها "قبل زحمة الصيف" .2016 أثبت محمد خان قدرته علي التكيف مع الظروف الإنتاجية الصعبة التي مرت بها السينما المصرية. بل توقف عن الإخراج في الفترة من 1995 وحتي 2001 عندما عاد بفيلم "أيام السادات" مع النجم الراحل أحمد زكي. وقد اعتاد خان أن يقدم لنا الواقعية الاجتماعية علي طريقته الخاصة وهو صاحب مدرسة سينمائية و"بصمة" تأثر بأسلوبه أجيال وأجيال من مخرجي السينما في مصر. في أحدث أفلامه "قبل زحمة الصيف" أخذ مجموعة من الشخصيات وخرج بها خارج القاهرة والإسكندرية إلي شاطئ البحر في قرية صغيرة علي الساحل الشمالي. لكنهم أخذوا معهم هموم ومشاكل المدينة. ولعل أسوأ ما أخذوه معهم التعاسة والحرمان من الحب. سواء الزوجان د.يحيي "ماجد الكدواني" ود.ماجدة "لانا مشتاق" أو المطلقة الوحيدة هالة "هنا شيحة" أو حتي الجنايني جمعة "أحمد داود". لكن المشاهد يلاحظ في هذا الفيلم أن محمد خان ينفر من الفساد والفاسدين. ويتعاطف مع البشر خاصة في لحظات الضعف الإنساني وهو عاشق لتصوير الدراما الموجودة في أعماق الشخصيات التي يقدمها. فالدكتور يحيي إنسان طبيعي من الخارج ولكن حياته تشير بوضوح إلي كونه شخصاً فاسداً وانتهازياً. فعل الكثير من أجل تأمين مستقبله المادي. حتي أصبح مالكاً لمستشفي حماة ولكنه لم يحصل علي السعادة والتي هي الحلم الحقيقي للبشر. أما أجمل ما قدمه خان في فيلمه الجديد أنه أثبت قدرته علي احترام ما بقي من أخلاق الطبقة الوسطي. لأن شخصية هالة المترجمة المطلقة التي تقيم علاقة مع آخر خارج الزواج. لا تحقق السعادة التي تحلم بها ودبت الخلافات بينهما في الساعات القليلة التي أمضاها معها. وما أسهل أن يفعل محمد خان عكس ذلك ولكنه مازال المخرج "المحترم" الذي استحق جائزة مهرجان القاهرة التقديرية.