طالب خبراء الإعلام باستمرار الإفادة بنجاح زيارة الإمام الأكبر إلي ألمانيا في تغيير الصورة المشوهة للإسلام في الذهنية الغربية بل في تعميق الصورة الحقيقية لدي المسلمين الجدد الذين يقعون كثيرا في شراك التيارات المتشددة. الدكتور سامي الشريف وزير الإعلام الأسبق يؤكد أن من تابع خطاب الإمام الأكبر في البرلمان الألماني ومن تابع حواراته التي تمت هناك لا يملك إلا أن يوجه التحية للعبقرية التي أدار بها الحوار والتي ألقي بها الخطاب حتي في تعبيرات وجهه. فقد خاطب الإمام الأكبر الغرب بلغة المنطق طوال خطابه وحواراته ولم يلجأ للنصوص الدينية إلا في الآيات التي اثارها الحوار فقدم نموذجا مشرفا للصوت العاقل الوسطي وقال كلمات شديدة التأثير وهو ما ينبغي أن نخاطب به المجتمعات. أما طريقة إلقائه فقد اتسمت بالبشاشة والسماحة وسعة الصدر لأي سؤال وجه إليه مهما كان هذا السؤال. وأضاف: يجب أن نضع في اعتبارنا أن الإساءة للإسلام وتشويه صورته جاءت نتيجة فترات طويلة من العداء فضلا عن أخطاء بعض المسلمين. كما أن جزءا كبيرا من تشويه الصورة جاء نتيجة عدم الفهم لحقيقة الدين ونتيجة الربط بين ممارسات قلة من المسلمين علي أنها الإسلام ومعاملة الإسلام كدين بتصرفات بعض الجهلاء من أتباعه وهذه مسئولية المؤسسات الدينية في توضيح الحقائق فالجهاد بالنسبة للغرب لا يعني إلا أن المسلمين يقتلون مخالفيهم وهو أبعد ما يكون عن الحقيقة وهو أمر غير واضح لدي المواطن الغربي ولدي حكوماته. وعن كيفية استثمار الزيارة يرفض الدكتور سامي الشريف الدعوات التي تطالب بإقامة قناة فضائية دينية في الغرب تتحدث عن الإسلام لأن الغرب لديه وفرة من القنوات الفضائية لذا فإنشاء قناة فضائية ليس عملنا لكن هناك وسائل إعلامية غربية يمكن الإفادة بها خاصة الوسائل الشهيرة كأن استأجر وقتا في قناة معروفة يتحدث فيها قامات علمية خبيرة بطبيعة الغرب قادرة علي الجدل العلمي والعقلي وكذلك استئجار مساحات من الصحف يكتب فيها كتاب يعيشون في الغرب عن حقيقة الإسلام والكتاب الغربيون العارفون بحقيقة الإسلام هم الأقدر علي تقديم الحقيقة لبني وطنهم. كما يطالب الدكتور سامي بتفعيل الزيارات المتبادلة بين المؤسسات العلمية والدينية وإجراء الدراسات المشتركة حول أسباب سوء الفهم وكيفية علاجها. أما الشيخ عبدالعزيز النجار مدير عام الوعظ بمجمع البحوث الإسلامية فيري أن الإفادة بالزيارة يمكن أن يتم من خلال وضع خطة متطورة للدعوة بالغرب خاصة وأن هدفنا هو تصحيح الصورة التي أصبحت مشوهة ولا تمت لحقيقة الإسلام بصلة خاصة أن العنف بدأ يطول أوروبا كما أن التنظيمات المتطرفة تستقطب أكثر ما تستقطبه الشباب حديث العهد بالإسلام لقلة ثقافته فإذا وضعنا خطة دعوية تتمثل في قوافل من العلماء إلي الغرب بشرط أن يكون العالم المشارك علي علم بالثقافة الغربية وبتقاليد البلد المرسل إليه وعلي اطلاع واسع بفن الحوار فضلا عن المعرفة الدينية الواسعة لو فعلنا ذلك لوفرنا الكثير من الجهد في مواجهة حالة التشويه المتعمدة لصورة إسلامنا. ويضيف: انني أري أن تكون هناك خطة دعوية للمسلمين الجدد هؤلاء الذين يدخلون الإسلام متحمسين وتستغل تحمسهم بعض التيارات المتشددة فإذا ما قام العلماء بتحصينهم فكريا ضد هذه التيارات استطعنا قطع الطريق علي الفكر المتشدد وأقترح أن يتم تواصل بهم من خلال الشبكة العنكبوتية لاستمرارية التفاهم. د.أسامة نبيل رئيس مرصد الأزهر: لهجة الإعلام الغربي.. تحولت إلي الود بعد خطاب "الطيب" تابع المرصد الإعلامي للأزهر زيارة الإمام إلي ألمانيا قبل وأثناء وبعد الزيارة في الصحف الألمانية بل في الإعلام الأوروبي كله.. حيث وقف علي التوقع الإعلامي للزيارة في الصحف والمواقع والإذاعات المختلفة وما تغير من هذا التوقع أثناء الزيارة وبعدها الدكتور أسامة علي الأستاذ بكلية اللغات والترجمة ومدير مرصد الأزهر يرصد لنا هذه الصورة في هذا الحوار: * باعتباركم مسئولل المتابعة اليومية للإعلام الغربي من خلال إشرافكم علي مرصد الأزهر الإعلامي.. بم تقيمون الزيارة؟ ** إذا أردنا أن نتحدث عن أثر الزيارة فيجب أن نتوقف عند عدة عدة نقاط أهمها أن مجرد الزيارة في ذاتها لون من الحراك الفكري والثقافي والإعلامي. خاصة أنها تأتي في ظروف شديدة التعقيد بسبب ما يحدث في العراق وسوريا وغيرها من بقع التوتر وهي أحداث تقدم للغرب علي أنها تتم باسم الاسلام وبآيات القرآن وهو ما كان واضحاً من خلال أسئلة أعضاء البرلمان الألماني وكذلك الحوارات التليفزيونية والصحفية التي تمت مع الإمام الأكبر.. فإذا أضفنا ما يحدثه الإعلام الغربي من تضخيم لبعض الأمور وكذلك بعض الأقلام التي تنطلق من أوهام وأخطاء فكرية تلحقها هذه الأقلام بالإسلام مثلما كان من أحد الكتاب الذي كتب قبل الزيارة يتوقع ما سيقوله الإمام أمام البرلمان الألماني. حيث يلمح إلي أن ما سيقوله ليس الحقيقة ثم يتهم مؤسسة الأزهر بأنها وراء سجن المتطاولين علي الأديان. * إذن كان هناك لون من التحفز الإعلامي؟ ** نعم.. ولم يكن تحفزاً إعلامياً فقط وإنما كان تحفزاً فكرياً أيضا.. حيث تصور البعض صواب ما يكتبه بعض الإعلام ويروج فكانت أسئلة البرلمانيين في هذا الاتجاه مثل قولهم إن آيات القرآن تحض علي قتل الآخر في إشارة إلي قوله تعالي: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين واقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل". * لو سألتكم عن أغرب ما كتبه الإعلام قبل الزيارة؟ ** أغرب ما نشر هو ما جاء بعنوان "أسئلة موجهة للإمام الأكبر في البرلمان الألماني". حيث قال: سوف تلعن داعش وتدعي أن أعمالها لا تمت للإسلام بصلة ؟ آيات من القرآن تنادي بالتسامح والعيش السلمي وستتجاهل الآيات التي تحث علي العنف ضد معتنقي الديانات الأخري. وتساءل: ألم يقف الأزهر في وجه كل من ينتقد الإسلام ويحاكمه قانونياً؟.. ألم تسبب فتوي من علماء الأزهر في إعدام المصلح الديني السوداني محمد طه عام 1985 فقط لأنه أعلن أن آيات العنف في القرآن لم تعد سارية الآن؟.. ألم تؤد فتوي مماثلة من الأزهر لمقتل المفكر الديني فرج فوده عام 1992 كما يعتبر الأزهر مسئولاً عن سجن فاطمة ناعوت وإسلام بحيري. * تري ما في هذه الرسالة من الغرابة؟ ** الغرابة أن صاحبها يخلط فيها بين أمور عدة ويتصور ما لم يحدث.. فالإمام ناقش كل القضايا المطروحة ببساطة أدهشت الحاضرين. كما أنه يتحدث عن الأزهر باعتباره مسئولاً عما يحدث في بلد آخر. كما أنه يخلط بين الأحكام التي صدرت نتيجة سب وازدراء الأديان وليس نقداً علمياً وبين النقد العلمي كما يتصور أن الأزهر مسئول عن أحكام القضاء وهو ما ليس واقعاً. * لكن هذه الكتابات لها تأثيرها رغم ما بها من تلفيق معلوماتي؟ ** نعم.. وهذا سر الاندهاش الذي بدا علي وجوه أعضاء البرلمان بعد اجابات الإمام الأكبر التي اعتمدت علي الموضوعية والوضوح والمنطق الذي هو لغة عالمية لذا فإن مثل هذه الدعايات عندما تواجه بعلم وفكر تؤتي عكس المأمول منها وهو تمسك الناس بالحقيقة ورفضهم للأبواق الكاذبة حتي فيما تصدق فيه. * ما مدي تغيير اللهجة بعد الزيارة؟ ** يجب أن نعرف أن الزيارة تمت متابعتها في الإعلام الألماني من خلال 40 موضوعاً صحفياً. بالإضافة للقاءات التليفزيونية والصحفية. فضلاً عما كُتب في الإعلام الأوروبي أي بالدول الأوروبية الأخري. كما أن المرصد لاحظ تغير اللهجة ليس بعد الزيارة وإنما أثناءها حتي في عناوين الأخبار التي تحدثت عن رسالة الإسلام التي يحملها الإمام الأكبر وكذلك الأخبار التي تحدثت عن منطقية الإمام في الحوار وعن ثقافته وصوفيته ودعوته للسلام. فضلاً عن ترحيب الجهات المعنية في الغرب المتمثلة في المؤسسات الدينية لإقامة علاقات وحوارات دينية ليس هدفها أن يقنع الآخر بما يعتقده ولكن بقبول الآخر وعدم إقصائه. * أهم ما ركزت عليه الصحافة الغربية أو شغل الرأي العام هناك مما قاله الإمام؟ ** من المؤكد أن تفسيره لمعني الجهاد في الإسلام كان من الموضوعات التي حازت متابعات كثيرة فضلاً عما اقترحه الإمام من تزويد ألمانيا ببرامج تعليمية لحماية الشباب المسلم من التيارات الضالة وشرح الإسلام باعتباره ديناً يمكن تطبيقه في أي زمان ومكان وكذلك مطالبته لمسلمي الغرب باحترام قيم المجتمعات التي يعيشون فيها ليعطوا صورة إيجابية عن الإسلام وتعاليمه السمحة وهو أمر ركزت عليه معظم صحف أوروبا. * هل كان الإعلام الرسمي فقط وراء الاهتمام بالزيارة باعتبارها زيارة رسمية للمشاركة في مؤتمر حوار الأديان بعد انقطاع؟ ** كان الاهتمام متنوعاً فكان الإعلام الرسمي بل الإعلام المسيحي الكاثوليكي والإنجيلي وكذلك الإعلام الذي يهتم بالثقافة والحضارة بل حرص التليفزيون الرسمي علي استضافة الإمام في لقاء مطول ناقشوا معه كثيراً من القضايا. * تري ما هي أكثر المغالطات أو المفاجآت للبرلمانيين في حوار الإمام؟ ** أكثر المفاجآت كان ما يتعلق بمكانة المرأة.. حيث نبه الإمام علي خطورة الحكم علي الإسلام ببعض التقاليد التي ليست فيه وحديثه عن حق المرأة في الإنفاق عليها مهما كانت غنية بل حقها في شراء أدوات الزينة علي حساب زوجها. كذلك قضية الجهاد التي أوضح الشيخ أنها لرد الاعتداء فقط وفند المعني المغلوط للآية التي يتصورون أنها تحض علي قتل غير المسلم وكان حكيماً حين قال: لو كانت الآية تعني قتل المختلف لما أصبح هناك أقباط في مصر.. فلماذا نجد غير المسلمين في كل العالم الإسلامي بل نجد ملحدين؟! شيخ الأزهر يعيد تشكيل الرؤية الغربية للإسلام والمسلمين الكيل بمكيالين وراء عدم الثقة بين الغرب والشرق الصراع الحضاري والكيل بمكيالين والفوض الخلاقة.. قضايا وردت كلها في خطاب الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أمام البرلمان الألماني. ولا ريب أن مواجهة شيخ الأزهر لأوروبا بهذه العناوين المثيرة هدفها وضع النقاط علي الحروف والاتجاه المباشر للأسباب الحقيقية للعمليات الإرهابية سواء منها ما يجري في أوروبا أو ما يحدث في الدول العربية والإسلامية. ولاشك أن تفعيل هذه القضايا أثر بشكل مباشر أو غير مباشر علي المنطقة كلها حيث استغلت جهات غربية الغليان الذي تمر به وأخذت تدس أنفها في كل شيء لتطبيق هذه السياسات الهادفة إلي نشر الفوضي. فكيف أثرت هذه السياسات علي المنطقة سلبا أو ايجابا.. وما مدي تأثيرها بصفة خاصة علي الفكر التكفيري وزيادة الإرهاب المسلح؟.. وهل هذا الإرهاب ناتج عن بعض الثقافات المنتشرة في العالم الإسلامي فقط أم أن له روافد غربية أخري تلعب من وراء الستار.. وما تأثير كل ذلك علي القضايا الاستراتيجية للعرب والمسلمين خاصة قضية فلسطين والمسجد الأقصي؟ وماذا كان يهدف شيخ الأزهر بإثارته هذه القضايا في الوقت الحاضر؟ الدكتور محمد سعيد عطية عميد كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر يقول: إن شيخ الأزهر كان يهدف إلي تذكير الشعوب الأوروبية بالاختلال الحادث في سياسة قياداتها والتمييز السافر ضد القضايا العربية والإسلامية خاصة قضية فلسطين مما أثر بشكل مباشر علي تنمية ونشر الإرهاب في المنطقة. وكان لابد أن تحدث هذه المواجهة وذلك لتتعرف شعوب العالم الغربي علي الأسباب الأخري للإرهاب والتي يحجبها الإعلام عنهم. أضاف الدكتور محمد سعيد عطية إن ما حدث ومازال يحدث في الغرب للعالم الإسلامي جدير بأن يشعل المنطقة كلها نارا ولو حدث ذلك في أي منطقة أخري لما اختلف الوضع كثيرا.. ذكر أن الغرب بدأ باحتلال العالم الإسلامي وما صاحب ذلك من نهب لثرواته ومحاولات متكررة لتغيير ثقافاته واستبدالها بثقافات غربية تتعارض مع الشرائع السماوية كلها وليس الإسلام فقط.. وبعد جلاء الاحتلال لم يتوقف الاستعمار عن محاولات التدخل المتتالية لفرض أجندته الخاصة التي تحقق أهدافاً ومصالح وسياسات للدول الغربية وليست أهداف ومصالح الشعوب. ديمقراطية الغرب قال إن شيخ الأزهر كان واضحا أشد الوضوح في تناوله لهذه المسألة عندما قال إن كثيرين في الشرق العربي والإسلامي لا يعرفون من الغرب إلا سياسة الكيل بمكيالين وسياسة المصالح الخاصة التي لا تراعي مصالح الشعوب وضرب مثلا بما حدث في العراق وليبيا وغيرهما إلي أن قال إن الديمقراطية التي نتطلع لأن ترفرف أعلامها عالية خفاقة في بلادنا العربية والإسلامية لا يمكن أن تتحقق بالحروب وصراع الحضارات والفوضي الخلاقة وأنهار الدماء.. بل بالتبادل الحضاري بيننا وبينكم. وعقب الدكتور محمد سعيد عطية بأن هذه السياسات أدت إلي أن يفرض الغرب علي العالم الإسلامي كيانا صهيونيا سماه إسرائيل لتكون ذراعه الطويلة التي يوفر لها الأمان والاستقرار لتحقق تقدمها الاقتصادي والسياسي والعلمي والتكنولوجي علي كل دول المنطقة في زمن قياسي في الوقت الذي يقوم فيه الغرب أيضا بضرب الاستقرار السياسي في كل الدول العربية المجاورة لإسرائيل حتي لا تتفرغ لوضع برامج للرخاء الاقتصادي والتقدم العلمي والتكنولوجي ووضع سياسة تحقق مصالح الشعب العربي والإسلامي. أشار الدكتور سعيد عطية إلي أن الشباب في العالم العربي والإسلامي يروي هذه المؤامرات المتتالية التي يحيكها الغرب ضد الحق العربي والقضايا الإسلامية والتي تهدف إلي إضعاف المسلمين وفرض التخلف والرجعية عليهم رغم أن الحضارة الإسلامية هي من أيقظت العالم الغربي من سباته.. ولاشك أن كل هذه الممارسات تؤدي حتما إلي رد فعل عنيف يتمثل في كل ما نراه من إرهاب في العالم العربي والإسلامي.. ولكن الغرب استطاع أيضا أن يستفيد من رد الفعل للشباب العربِي الممنهج بالفكر التكفيري فقام بتغذية هذا الفكر عن طريق العمل الاستخباراتي ليصدره للعالم الإسلامي ويمده بالمال والسلاح لتفكيك الدول العربية والإسلامية. قال إن الإرهاب الحقيقي يوجد في الجذور الثقافية اليهودية التي تحملها بعض نصوص التوارة وتدعي أن اليهود هم شعب الله المختار وبقية الشعوب أدني منهم وأنه يحق لهم قتل كل الناس لأن الله اختارهم من الساميين الأسمي في كل الشعوب مما جعلهم ينظرون نظرة دونية للآخرين ويبيحون قتلهم. الفكر اليهودي ومع تسليمنا بأن هذا الفكر الإرهابي هو نصوص مزيفة في التوراة إلا أن اليهود يصدقون بها ويؤمنون بها كعقيدة تبيح لهم قتل كل الناس. سألت الدكتور سيف قزامل عميد كلية الشريعة والقانون السابق وأستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر لماذا نعزو ضعفنا وتخلفنا إلي مؤامرات الغرب.. ولماذا نتهم الغرب بتصدير الإرهاب للعالم الإسلامي؟ أجاب إنه مما لاشك فيه أننا نتحمل قدرا كبيرا من المسئولية تجاه ما يحدث وأنه لا يمكن طبعا أن يكون الغرب هو سبب كل المصائب ولكن يمكن القول إنه أيضا يستغل بعض ضعاف النفوس منا لينفث سمومه في المنطقة. الإرهاب المسلح غير أن الاتهام الموجه للغرب ينطلق من واقع ينطق فعلا بالسوء والشر الذي تصدره الدول الغربية للعالم الإسلامي.. والسؤال الذي يفرض نفسه الآن من الذي حول الإرهاب من إرهاب تكفيري إلي إرهاب مسلح يستطيع أن يحتل أجزاء كبيرة من بعض الدول العربية؟ أجاب بأن هذا السلاح الثقيل والمتطور والذي تحارب به بعض المنظمات الإرهابية وعلي رأسها داعش مصدره الأساسي مخازن ومصانع السلاح في الغرب وهو يهدف إلي سيطرة هذه التنظيمات علي بعض المناطق في دول معينة بهدف تقسيمها تمهيدا للهيمنة الكاملة عليها وإخضاعها تماما للمصالح الغربية والإسرائيلية. ومن هذا المنطلق نتهم الغرب بالمؤامرة ولا نعفي أنفسنا من المسئولية ونطلب من الجميع التحلي باليقظة والصبر والعمل علي وحدة المسلمين بدلا من تفرقهم شيعا وأحزاباً تسهل هزيمتهم. إن الديمقراطية التي يتشدق بها الغرب يطبقها عنده فقط كما قال فضيلة الإمام الأكبر أما عندنا فهو يهدف إلي الفوضي وضرب المؤسسات والبنيان المتماسك للعالم الإسلامي ولذلك نجد كل الدول الإسلامية التي تدخل فيها الغرب ببرنامج إصلاحي تنتقل من فوضي إلي فوضي دون أن تستقر علي حال.. ومن أمثلة ذلك أفغانستان وباكستان والعراق واليمن وسوريا وغيرها وهم يهدفون أيضا إلي ضرب مصر ولكنهم فشلوا حتي الآن. ولكن لماذا لا يتبني العالم الإسلامي نظاما عادلا ينقذه من هذا المصير؟ أجاب.. نحن نتمني ذلك ولكن هذه كلها أشيا لا تأتي بالتمني ولكن بالرغبة الأكيدة والمستمرة لوضع برامج إصلاحية ديمقراطية تخلص فيها كل الأطراف لتحقيق الاستقرار السياسي الذي يؤدي إلي استقرار اجتماعي واقتصادي. قال إنه لا يمكن أن تكون إسرائيل المغتصبة للأرض تحقق استقرارا وتقدما كل يوم بينما يزداد المسلمون تخلفا وانهيارا من حولها وهذا بالضبط ما يقصده الغرب وما تحققه إسرائيل فعلا. ذكر أن سياسة الكيل بمكيالين التي قصدها شيخ الأزهر هي ما يفعله الغرب من تحيز واضح ضد كل القضايا العربية والإسلامية لنصرة إسرائيل التي تعيث فسادا في فلسطين.. كل فلسطين.. ثم يتهمنا الغرب ويتهم ديننا بنشر الإرهاب هل هذا معقول؟ الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجلس النواب وعضو مجمع البحوث الإسلامية يقول: إنه يجب تفعيل خطاب الإمام الأكبر داخليا وخارجيا ونحن في اللجنة الدينية بمجلس الشعب سيكون الخطاب الديني أول قضية في جدول أعمال اللجنة وسوف نسترشد طبعا بخطاب شيخ الأزهر ويجب أن تفعل ذلك كل المؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية في مصر بحيث يوضع خطاب الإمام موضع التنفيذ والتطبيق العملي في مصر. قال إن الأزهر علي مدي أكثر من ألف عام خطابه يقوم علي الوسطية والاعتدال لا يعرف التعصب ولا التطرف ولا الفكر التكفيري التفجيري والآيات والأحاديث واضحة في كل ذلك.. غير أنني أؤيد فضيلة الإمام بأن السبب الرئيسي في انتشار الإرهاب هو سياسة الكيل بمكيالين التي يمارسها الغرب ضد الدول الإسلامية وشعور الشباب بالظلم الذي يمارسه الغرب تجاه بلاده وقضاياه المهمة وعلي رأسها قضية فلسطين. أضاف إن العالم الغربي جزء رئيسي من المشكلة لأنه يحاول بكل الطرق تحقيق جميع مصالحه علي حساب الشعوب الإسلامية ويستنزف بكل أنانية ثرواتها لصالحه ويعلي بشكل مباشر وغير مباشر إسرائيل ويوفر لها الأمان بكل الطرق ويصوت لصالحها في جميع المؤسسات الدولية بينما إسرائيل تمارس كل أشكال العدوان والتطرف ضد العرب وفلسطين.. ولاشك أن هذا أيضا يفرز العديد من المتطرفين.. لذلك فإن الميزان لن يعتدل بجلد أنفسنا فقط بل لأن للآخرين أيضا أن يراعوا العدالة والنزاهة التي يتشدقون بها في تعاملهم مع المنطقة ولابد لإعلامنا أن يظهر مواقفهم السلبية التي يمكن أن تؤدي إلي مزيد من الإرهاب. الإعلام الدولي ذكر أن الإعلام الدولي للأسف ينحاز أيضا بشكل ظالم ضد المصالح الإسلامية وهذا يقتضي منا القيام بعمل إعلامي فعال يظهر للشعوب الغربية ما يفعله قادتهم من ظلم بتطبيق سياسة الكيل بمكيالين مما يضر بالمنطقة وبجميع شعوب العالم حتي لا يصوروا المسلمين فقط بأنهم إرهابيون بينما هم من يتسببون فيه بأفعالهم ويصدرونه لنا بأسحلتهم التي يزودون بها الإرهابيين. أضاف إننا حريصون علي تطوير الخطاب الديني في الداخل والخارج وإذا كان الإرهابيون يصورون للعالم أنهم يقتلون باسم الجهاد الإسلامي فلابد من توضيح هذه المسألة بالذات كما أوضحها فضيلة الإمام عندما تعرض للآيات التي تتحدث عن القتال وتمنع الاعتداء علي الآخرين وتبدأ بقوله تعالي: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". غير أن هذا يحتاج إلي جهد ثقافي وإعلامي وفكري كبير لإظهار هذه الحقائق المهمة أمام الشعوب والمثقفين والمفكرين في الغرب.. وبذلك فعلا نستطيع تفعيل خطاب فضيلة الإمام في الداخل والخارج.