مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمي    الفيوم تفوز بالمركزين الأول والتاسع في مسابقة التصميم الفني بوزارة التعليم    إطلاق مبادرة «اعرف معاملاتك وأنت في مكانك» لخدمة المواطنين بسفاجا    بعد التحديثات الأخيرة ل عيار 21.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في الصاغة    أسعار الفراخ والبيض في المنيا اليوم الثلاثاء 14- 5- 2024    آخر مستجدات تحقيق الأمن الغذائي وتلبية احتياجات المواطنين وتوفير فرص عمل (صور)    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    سعر طن الحديد اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في مصر.. كم يبلغ الآن؟    بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر، الأحد المقبل    وفاة نجم السوشيال ميديا السوداني جوان الخطيب بشكل مفاجئ    الأونروا: رفح تحولت الآن إلى مدينة أشباح    البيت الأبيض: بايدن يوقع قانونا يحظر استيراد اليورانيوم المخصب من روسيا    مصرع 12 شخصا وإصابة 60 آخرين بسقوط لوحة إعلانية ضخمة بالهند.. فيديو    الدوري الممتاز، الإسماعيلي ضيفا ثقيلا على طلائع الجيش في الايجيبشن ليج    مواعيد مباريات الثلاثاء 14 مايو.. مواجهتان في الدوري وسيتي ضد توتنام وبطل إسبانيا    آينتراخت فرانكفورت الألماني يكشف حقيقة خضوع عمر مرموش لعملية جراحية    صباحك أوروبي.. فرصة ذهبية لتوتنهام.. إيقاف جوندوجان.. ورحيل جديد في باريس    الأرصاد: أجواء ربيعية وانخفاض ملحوظ في درجات الحرارة (فيديو)    إجراء تحليل المخدرات لسائق أوبر المتهم بخطف فتاة ومحاولة الاعتداء عليها في مدينة نصر    تعليمات وإرشادات هامة لطلاب الجامعات خلال أداء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    استراتيجيات الإجابة الصحيحة على أسئلة الاختيار من متعدد لطلاب الثانوية العامة في العام 2024    تعرف على الحالة المرورية في شوارع وميادين القليوبية.. اليوم    ضبط 56 بلطجياً وهارباً من المراقبة بالمحافظات    اللمسات النهائية قبل افتتاح الدورة 77 من مهرجان كان السينمائي الدولي    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الثلاثاء 14 مايو    قافلة طبية مجانية ضمن مبادرة حياة كريمة بواحة بلاط الوادي الجديد    وزير الصحة يبحث مع نظيرته الأرمينية التعاون في مجال الصيدلة وصناعة الدواء    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين    طائرات مسيّرة إسرائيلية تطلق النار في حي الجنينة شرقي رفح    جامعة حلوان تستقبل وفدًا من الجامعة الأمريكية بالقاهرة لبحث سبل التعاون    المستشار الألماني يثبط التوقعات بشأن مؤتمر السلام لأوكرانيا    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    للأطفال الرضع.. الصيادلة: سحب تشغيلتين من هذا الدواء تمهيدا لإعدامهما    نائب وزير الخارجية الأمريكي: نؤمن بحل سياسي في غزة يحترم حقوق الفلسطينيين    ما مواقيت الحج الزمانية؟.. «البحوث الإسلامية» يوضح    «يهدد بحرب أوسع».. ضابط استخبارات أمريكي يستقيل احتجاجا على دعم بلاده لإسرائيل.. عاجل    ما سبب الشعور بالصداع بعد تناول الأسماك؟.. ليس مصادفة    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    طريقة التقديم في معهد معاوني الأمن 2024.. الموعد والشروط اللازمة ومزايا المقبولين    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    بديوي: إنشاء أول مصنع لإنتاج الإيثانول من البجاس صديق للبيئة    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    «زي النهارده».. وفاة الفنان أنور وجدى 14 مايو 1955    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    وزارة العمل توضح أبرز نتائج الجلسة الأولى لمناقشة مشروع القانون    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    "الناس مرعوبة".. عمرو أديب عن محاولة إعتداء سائق أوبر على سيدة التجمع    في عيد استشهادهم .. تعرف علي سيرة الأم دولاجي وأولادها الأربعة    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    عاجل.. حسام حسن يفجر مفاجأة ل "الشناوي" ويورط صلاح أمام الجماهير    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    الخميس.. تقديم أعمال محمد عبدالوهاب ووردة على مسرح أوبرا دمنهور    الأوبرا تختتم عروض "الجمال النائم" على المسرح الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطاب شيخ الأزهر في البرلمان الألماني بين الشعار والتطبيق!
نشر في صدى البلد يوم 21 - 03 - 2016

تابعت باهتمام بالغ كلمة فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر الشريف أمام البرلمان الألماني ، وهو خطاب فريد في نوعه يحمل في داخله الصورة الحقيقية للإسلام وكيف أنه دين يدعو إلى العدل والسلام والمساواة ونبذ العنف والإرهاب ، وأنه كشيخ للأزهر ليس لديه أي انتماء سياسي ولا يتبنى أي أيديولوجية من أيديولوجيات اليمين أو اليسار وأنه فقط رجل مسلم تخصص في دراسة الإسلام وفهمه كما أراده الله للناس، وانه رجل مهموم بقضايا السلام بكل ابعاده الدينية والاجتماعية والعالمية وأنه يتمنى السلام لكل الناس مهما اختلفت أوطانهم وأجناسهم وقومياتهم، وكيفما كانت أديانهم وعقائدهم ومذاهبهم، وأن إيمان المسلم لا يتم إلا بإيمانه بالانبياء والكتب السماوية اللاحقة.
ومن اللافت للانتباه هو حرص الدكتور الطيب على تقديم الإسلام في خطابه بصورة تدحض ما علق بأذهان الغرب عن الإسلام والمسلمين بأن الإسلام دين قتل وترويع وإرهاب وأن ما تفعله داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية والتكفيرية والجهادية المتسترة بالإسلام أمر بعيد كل البعد عن تعاليم الإسلام الصحيح حيث اكد أن الإسلام يبيح حرية العقيدة بنص صريح ولا يبيح قتل غير المسلم بسبب رفضه للإسلام أو لأي دين آخر "هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير".
وأوضح ان قتال غير المؤمنين نوع من العبث الذي لا يليق بحكمة البشر فضلا عن الحكمة الإلهية ، وسرد "الطيب" قول النبي "عليه السلام" في الوثيقة التي بعث بها إلى اليمن والتي تقول «مَنْ كَرِهَ الْإِسْلَامَ مِنْ يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ، فَإِنَّهُ لَا يُحَوَّلُ عَنْ دِينِهِ» وشرح ايضا المعنى الحقيقي للجهاد الاكبر في الإسلام وهو جهاد النفس والشيطان ونوازع الشر وأن كل جهد يبذل من أجل تحقيق مصالح الناس، وفي مقدمتها المجهود الذي يبذل من أجل مقاومة الفقر والجهل والمرض، وإغاثة المحتاج، وخدمة الفقراء والبؤساء ومساعدتهم، تدخل في اطار المفهوم الشرعي للجهاد ، كما اوضح " الإسلام لا يأمر المسلمين بالجهاد المسلح ولا يحضهم عليه إلا في حالة رد العدوان، والتصدِّي للحروب التي يشنها عليهم أعداؤهم، فهنا يجب القتال للدفاع، وهذا النوع من الجهاد تقره كل الأديان والأعراف والحضارات، والإسلام لا يأمر المسلمين بالجهاد المسلح ولا يحضهم عليه إلا في حالة رد العدوان، والتصدِّي للحروب التي يشنها عليهم أعداؤهم، فهنا يجب القتال للدفاع.
وهذا النوع من الجهاد تقره كل الأديان والأعراف والحضارات، واللافت للنظر في رسالة الطيب انه وجه من خلال موقعه الديني رسالة شديدة اللهجة للمسلمين في أوروبا ان يراعوا هذه القيم في مجتمعاتهم التي يعيشون على ارضها، وأن يقدموا صورة التعاليم السمحة عن الاسلام للجميع بغض النظر عن دينه أو ملته أو جنسه، كما اعترف الطيب ايضا في خطابه اعترافا صريحا وقاطعاً لا مواربة فيه بأن اوروبا لديها من التشريعات التي تحفظ للإنسان كرامته وتؤّمن له حريته وتحقق له العدل والمساواة مع غيره بغض النظر عن انتماءاته الدينية او العرقية.
ومن النقاط التي يجب الإشادة بها في الخطاب هو تأكيد الدكتور احمد الطيب على دور المرأة ومكانتها وأنها وفقا لتعاليم الإسلام شريكة للرجل،وان تهميش المرأة في المجتمعات العربية جاء نتيجة ايثار تقاليد عتيقة واعراف بالية وتقديم هذه التقاليد على الاحكام المتعلقة بالمرأة في الشريعة الإسلامية وأن المجتمع المسلم فقد كثيرا من طاقاته الخلاقة حين سمح المسلمون بتهميش دور المرأة واقصائها عن مواقع التأثير في المجتمعات العربية.

واعتبر الطيب ان الارهابيين الذين يمارسون جرائمهم باسم الاديان لا يمثلون هذه الاديان بل هم في حقيقة الامر خائنون لامانات الاديان التي يزعمون انهم يقاتلون من اجلها وانه لا مفر للشرق والغرب حيال الارهاب العابر للقارات من انفتاح حقيقي متبادل بين الاديان والمؤمنين بها بل لا مفر من صنع السلام اولا بين بين رجال الاديان وعلمائها، مطالبا بفتح صفحة جديدة يتعاون فيها الجميع لاجل صناعة السلام العالمي ، منتقدا في ذات الوقت سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها بعض الدول الاوروبية حيال المسلمين ، وان مسلمي الغرب يجب ان يتمتعون بالمساواة مثلهم مثل المواطنين من اصول اوروبية.
وطرح الخطاب دعوة الازهر الشريف عام 2014 لمؤتمر جمع مسلمين من الشيعة والسنة والمسيحيين ورؤساء الكنائس الشرقية وممثل الايزيديين في العراق وبعض الكنائس الغربية ادانوا فيه كل الفرق والجماعات المسلحة والميليشيات التي تنتهج العنف والارهاب وتروع الآمنين والتأكيد على ان التعرض للمسيحيين وغيرهم باسم الدين هو خروج عن تعاليم الإسلام وان التهجير القسري جريمة مستنكرة اجمع الجميع على إدانتها وانه يجب على المسيحيين ان يتجذروا في اوطانهم حتى تزول موجة الإرهاب الذي نعاني منه اليوم.
ولم أنس هنا كلمة شيخ الازهر في خطابه الى مساعي الازهر لتجديد خطابه ومناهجه..
ومن وجهة نظري أن خطاب شيخ الازهر امام البرلمان الألماني يعد خطابا تاريخيا كما قلت سابقا ويرسخ لقيم صناعة السلام والتعايش الإنساني، وهو خطوة مهمة وبداية مبشرة على طريق تصحيح الصورة المغلوطة التي علقت وما زالت عالقة بأذهان الغرب عن الإسلام والمسلمين من انطباعات بأن الإسلام دين إرهاب والمسلمين دعاة قتل وتخريب وأن الجماعات الارهابية والجهادية والمتطرفة تنفذ ما جاء بتعاليم دينها ضد المخالفين لها، وهو الامر الذي دحضه الدكتور الطيب في خطابه وقام بتصحيحه.
وهنا أقول ان خطاب فضيلة الدكتور أحمد الطيب يجب أن يتم تفعيله أولا من خلال الازهر وشيوخه الأجلاء في الداخل المصري والعربي اولا، لانه لو كان الازهر الشريف قام بدوره المنوط به كمنارة للاسلام الوسطي حول العالم ما كان خرج علينا بعض دعاة الفتنة والتكفير والقتل والدم الذي لا يعبرون عن سماحة الاسلام ونهج الازهر الوسطي الاصيل على المنابر والفضائيات يستحلون الدماء والاعراض ويحرضون ضد المختلفين عنهم في الدين والمذهب ، وما كنا رأينا بعض الشيوخ يخرجون على الملأ في الفضائيات بلا ضابط ولا مانع يروجون للدجل والشعوذة والعلاج ببول الابل والبعير، واعلاء الجهل بديلا للعلم.
يا فضيلة الدكتور احمد الطيب إنني أتوسم فيكم خيرا بتفعيل خطابكم في البرلمان الألماني في الداخل اولا حتى تصل للهدف المنشود والذي سيصب اولا في صالح الاسلام والمسلمين والوطن ، فالازهر الشريف الآن تقع عليه مسئولية تاريخية وإنسانية وتحديات خطيرة اهمها نشر قيم السلام والتعايش وتجديد الخطاب الديني وتنقية التراث من بعض الاراء الدخيلة والمنافية لتعاليم الاسلام السمح والتي يتخذها الغرب كذريعة لتشويه الاسلام والمسلمين وكذلك يجب تطهير مؤسسة الازهر الشريف من بعض المخترقين له ، واضطلاع الازهر بدوره في دعم حرية الرأي والتعبير التي تتوافق مع صحيح الدين، والتصدي لأي فتن مذهبية بين السنة والشيعة لدرء المخطط الذي يريد الغرب والقوى المتآمرة على مصر ان توقع مصر فيه والمنطقة العربية فيه لنشر حرب مذهبية طاحنة كبديل للثورات التقليدية ، وكذلك الاهتمام بالدعاة وتأهليهم ودعمهم علميا وماديا، ودعم حق المرأة المصرية في تقلد اعلى المناصب كما اكدتم في خطابكم ، وملاحقة من يستغل العمامة الازهرية في اصدار فتاوى تؤجج الصراع الديني والمذهبي ولا تتناسب مع قيم وصحيح الاسلام ، ودعم حقوق المصريين بغض النظر عن انتمائهم الديني في تولي المناصب العليا والقيادية في الدولة.
كما أطالبكم بلجنة من الازهر الشريف لتحقيق التاريخ الإسلامي وتنقيته مما علق به من بعض التزييف والشوائب، فإن لم تكن هناك إرادة حقيقية لتفعيل خطاب شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب امام البرلمان الالماني في الداخل اولا فسيظل ما نادى به مجرد شعارات ، وستظل المشكلات التي يعاني منها العالم العربي والاسلامي قائمة بل من الممكن ان تتوحش وتتوغل الى حد يصعب فيه السيطرة عليها ، وكلنا امل في ان الازهر الشريف يسير على الطريق الصحيح طالما توافرت الإرادة على التصحيح والتجديد ليقدم للعالم كله وليس مصر فقط الاسلام الحضاري النافع لكل زمان ومكان وبمعنى أدق الإسلام السمح الذي ينادي بالحرية والحق والعدل والمساواة بين جميع الناس بمختلف دياناتهم وعقائدهم وجنسياتهم ومذاهبهم ، ولمن هاجموا خطاب شيخ الازهر واتهموه بانه خطاب يتملق الغرب وبه ازدواجية واضحة من خلال مخاطبة الداخل بخطاب والخارج بخطاب، فأقول له ان هذا الخطاب لا ازدواجية فيه ولا تملق بل هو تجسيد عملي لفكر ومنهج الازهر الشريف في مساعيه الدؤوبة نحو تجديد الخطاب الديني ليكون خطابا معتدلا وسطيا يحض على السلام والتعايش ونبذ العنف ودعم حقوق الإنسان بغض النظر عن ديانته او مذهبه او معتقده او جنسه، فأول الغيث قطرة ، وبدلا من تلعنوا الظلام أضيئوا شمعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.